الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل أزفت ساعة تغيير وجه الشرق الأوسط؟ فتحي احمد
تغيير حجم الخط     

هل أزفت ساعة تغيير وجه الشرق الأوسط؟ فتحي احمد

مشاركة » الجمعة أكتوبر 04, 2024 9:49 pm

قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه، وأضاف نتنياهو:» لا يوجد مكان لا نذهب إليه لحماية شعبنا وحماية بلدنا». وقال «تعرف الغالبية العظمى من الإيرانيين أن نظامهم لا يهتم بهم. عندما تتحرر إيران أخيرا، وستأتي تلك اللحظة قريبا جدا، وأقرب مما يعتقده الناس، سيكون كل شيء مختلفا، وسيعيش شعبانا القديمان، الشعب اليهودي والشعب الفارسي، في سلام أخيرا» انتهى الاقتباس.
ضبابية نتنياهو
لا أدري ماذا يقصد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عندما يتكلم في خطاباته أمام جمهوره، وعلى المنابر الإعلامية بتغيير وجه الشرق الأوسط والحديث عن الشرق الأوسط الحديث الجديد، إذن الموضوع ليس الحرب على غزة ولبنان فحسب، ولكن بعد هجومه على ثلاث عواصم عربية، فضلا عن استباحته للضفة الغربية وعدوانه على قطاع غزة، يبدو نتنياهو يسير في طريق لا نهاية له، لقد جاء ضم ساعر المنشق عن الليكود أصلا لحكومته، خطوة من أجل المضي نحو لا للسلم ولا لأنهاء العدوان على غزة ولبنان، بل المزيد من التوغل والتغول على العواصم العربية، خصوصا الدول التي تتبع النظام الإيراني، أو ما يطلق عليه محور المقاومة.

يبدو مشهد «الشرق الأوسط الجديد» خارجاً من رحم صراعات كبرى ومناخ عالمي بالغ التعقيد والانقسام سيكون ذلك نقطة تحول عند ترامب إذا حالفه النجاح في الانتخابات الرئاسية المقبلة

وجهان لعملة واحدة

يتناول الكثيرون هذه الأيام خريطة الشرق الأوسط الجديد، وإعادة هيكلته بما يتناسب مع الطموح الأمريكي والغربي والإسرائيلي أيضا، وهو تفتيت المفتت، وتغذية الطائفية والعرقية في هذا الفضاء العربي الرحب، حتى تسهل السيطرة عليه أكثر. ولا يوجد هنا متسع لذكر التفاصيل عن مشروع الشرق الأوسط الجديد، وصاحبه برنارد لويس. المعضلة أكبر من هذا الجدل والحديث عن ملمح آخر وهو أن إسرائيل الكبرى والشرق الأوسط الجديد هما وجهان لعملة واحدة، يبدو أن اليمين الديني الصهيوني في إسرائيل اليوم يخطط لما هو أبعد من فلسطين التاريخية، يريد أن يصل إلى ما وعدته به التوراة، وهو السيطرة على أجزاء من سوريا والعراق والسعودية والكويت وأجزاء من تركيا وسيناء، فضلا عن احتلال فلسطين كاملة والأردن كذلك.

صناعة العدو

لقد أوجدت إسرائيل عدوا لها في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا حسب العقيدة القتالية عندهم له أسبابه، وهو إبقاء جيشها في حالة استنفار مما يزيد من خبرته في القتال ومعرفته بتضاريس المنطقة، ولا ننسى تمدد إسرائيل ضمن خريطة إسرائيل الكبرى، ومحاولتها الوصول إلى تلك الدول ولو مؤقتا وبشكل جزئي.

فصل الساحات

لا ريب أن اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مقدمة لضرب البنية التحتية لحزب الله وتقويض ركائزه العسكرية، حتى يكون الدخول إلى الجنوب اللبناني ممهدا، والنفاذ إليه لا يحتاج إلى وقت وعناء، فضلا عن فصل الساحات، فثمة رسائل أرادت إسرائيل أن توصلها للعرب، وهي أنها قادره على الوصول إلى أي دولة تعرّض أمنها للخطر، وفعلا هذا ما صرح به نتنياهو، بعد اغتيال حسن نصر الله وقبل ذلك، المستوى العسكري في إسرائيل، وعلى رأسه بنيامين نتنياهو، الذين يتبعون ما جاء في ثنايا السيرة العسكرية لجابوتنسكي، صاحب خطة «الجدار الحديدي»، إلى جانب إيمانهم المطلق بالعقيدة القتالية لبن غوريون وهي ضربة استباقية، وحرب خاطفة، وفرض حلول استسلاميه على الطرف الآخر.
العواصم العربية المنتهكة حرماتها
لقد انتهكت إسرائيل سماء سوريا واستباحتها وضربت رمز سيادتها العاصمة دمشق، مرارا وتكرارا، وما زالت، فهنالك العشرات من الغارات على دمشق ومطارها، وليس بمقدورنا التكهن لماذا الأسد ما فتئ يردد نحتفظ بالرد في الوقت المناسب، أي أننا أهملنا بالعبارة البسيطة بناء قوة ردع تحول دون أطماع إسرائيل في المنطقة، لقد دخلنا في هذا المعترك لضعفنا وهواننا، المحصلة إياك أن ترفع رأسك. فأصبحنا نذعن للمثل المهم تتعدى رأسي، على رأي الشخصية الأسطورية «حجا». الخطر ليس في تقاعس الحكام والملوك، إنما في موت الشعوب وغفلتها.

شرق أوسط بنكهة إسرائيلية

في المنظور الذي يرسمه نتنياهو عندما يقول يجب تغيير وجه الشرق الأوسط الجديد، ربما يقصد شرق أوسط من دون قوى معارضه للاحتلال، ودولا تهرول لتطبع معه. شملت الخريطة التي أظهرها نتنياهو مناطق مكسية باللون الأخضر الداكن للدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل أو تخوض مفاوضات لإبرام اتفاقات سلام مع إسرائيل. وضمت المناطق الملونة باللون الأخضر دول مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن. ولم تشمل الخريطة أي ذكر لوجود دولة فلسطينية، حيث طغى اللون الأزرق، الذي يحمل كلمة إسرائيل، على خريطة الضفة الغربية المحتلة كاملةً، بما فيها قطاع غزة. إسرائيل اليوم تنافح ضد حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن، وبعض الفصائل في العراق، وبالتالي يبدو أن فكرة بناء «شرق أوسط جديد» التي تابعناها وقرأنا عنها في كل الأدبيات التي ترافقت مع انطلاق عملية السلام في تسعينيات القرن الماضي إلى وقتنا الراهن، بدأت تتحول إلى واقع على الأرض، وتأتي أُكلها مع بدء سباق التطبيع العربي مع «إسرائيل»، الذي بدأ بدولتين ومن المتوقع أن يصل إلى العديد من الدول العربية الأخرى بشكل سريع، إذا ما فاز ترامب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري في الانتخابات الأمريكية المقبلة، ونتيجة التلاحم الفكري بين الجمهوريين وإسرائيل. وإذا أراد ترامب العودة إلى المنطقة عليه ان يستبعد ما كان يعتقد، وهو أن المنطقة لم تعد تؤثر بشكل مباشر على المصالح الأمريكية. يبدو مشهد «الشرق الأوسط الجديد» خارجاً من رحم صراعات كبرى ومناخ عالمي بالغ التعقيد والانقسام سيكون ذلك نقطة تحول عند ترامب إذا حالفه النجاح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كاتب فلسطيني
 

العودة إلى المقالات