أثار الحديث عن دور فصائل “المقاومة العراقية” في استهداف إسرائيل، ودخولها على خط الحرب الدائرة في المنطقة، تساؤلات حول طبيعة تلك الفصائل، بعد مشاركة أغلبها في العمل الحكومي والنيابي، بحسب مراقبين، أكدوا أيضا أن أعمال الاستهداف تنفذ من قبل ثلاثة فصائل فقط، فيما تكتفي الأخرى ببيانات الدعم لا غير، وسط إشارتهم إلى أن بعض الفصائل ترفض إخراج القوات الأمريكية كما ترفض الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، بهدف الحفاظ على ما حققته من مكاسب سياسية واقتصادية.
المراقبون استبعدوا انخراط الفصائل التي تنفذ عمليات الاستهداف حاليا، وهي “النجباء وكتائب حزب الله وسيد الشهداء” في العمل السياسي، حتى لا تكون مجبرة على التوقف عن ما تنفذه من عمليات حاليا، لكن عضوا في الإطار التنسيقي، أكد على أن “تنسيقية المقاومة” تضم كل الفصائل، وأن كل واحدة منها تحظى بدور خاص بها.
ويقول الخبير في الشأن الأمني سيف رعد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الفصائل العراقية ليست جميعها مشاركة في عمليات ضرب الأهداف الإسرائيلية، بل يقتصر الأمر على ثلاث فصائل فقط، وأما باقي الفصائل فهي مكتفية بالتصريحات والتغريدات”.
ويضيف رعد، أن “الفصائل المسلحة المنضوية في الحكومة الحالية بشكل رسمي، والتي أصبح لديها عمل سياسي وبرلماني وحكومي، ليس لها أي علاقة بالعمليات العسكرية، بل هناك بعض الفصائل لا تريد التصعيد ضد الأمريكان ولا إسرائيل، والمتصدي للعمليات وبشكل معلن وواضح هي كتائب حزب الله وحركة النجباء وكتائب سيد الشهداء”.
ويؤكد أن “بعض الفصائل المسلحة كانت ترفع شعار المقاومة وغيرها من الشعارات من أجل تحقيق مكاسب سياسية وشخصية، وعندما حصلت على ما تريد من مكاسب تركت العمل العسكري، وأصبحت مهتمة بالعمل السياسي والأعمال التجارية والاقتصادية الأخرى فقط”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الأول الجمعة، مقتل جنديين اثنين وإصابة 24 في أعنف هجوم تشنه الفصائل العراقية منذ نحو عام، وكشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن الجنديين القتيلين هما من “لواء جولاني/ الكتيبة الثالثة عشر”، لافتا إلى أن “طائرة بدون طيار انفجرت في قاعدة عسكرية شمال الجولان، أطلقت من العراق”.
ومنذ أشهر، تشن فصائل عراقية هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل إسنادا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لكن التصعيد بدأ يشتد منذ دخول حزب الله اللبناني في القصف المتبادل مع إسرائيل حتى بلغ التصعيد ذروته باغتيال أمين عام الحزب اللبناني حسن نصر الله، إثر غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت الأسبوع الماضي.
وحتى الآن، فإن البيانات التي تصدر عن المقاومة تحمل تسمية كتائب حزب الله، وهذا الأمر بدأ منذ أكثر من عام، عندما عاد استهداف القواعد الأمريكية بغية إجبارها على الخروج من العراق، وفي حينها ظهرت تصريحات عن استبعاد حركة عصائب أهل الحق من تنسيقية المقاومة، وكشفت التنسيقية ان الحركة لم تنفذ أي عملية ضد القوات الأمريكية.
وفي هذه التطورات الجارية بالمنطقة، اكتفت حركة العصائب بالدعم والتأكيد على موقفها الداعم لفلسطين ولبنان، وسط أحاديث صحفية عن الاستعداد للقتال، دون الإعلان عن مشاركتها بتنفيذ أي عملية، وهذه الحركة انخرطت في العمل السياسي منذ سنوات، وحصلت على مقاعد نيابية ووزارات ومناصب أخرى في الدولة، رغم أنها بدأت كفصيل مسلح وكانت لها عمليات عديدة في الأرض.
من جهته، يبين الخبير في الشأن العسكري احمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “بات من الواضح لكل العراقيين من هي الفصائل العراقية التي تستهدف إسرائيل في الأراضي المحتلة وغيرها، والكل يعرف من هي الفصائل التي أصبحت جهات سياسية واقتصادية فقط، دون أي عمل جهادي، بل كانت ترفعه كعنوان فقط”.
ويستطرد الشريفي، أن “هناك فصائل مسلحة بشكل غير معلن ترفض إخراج القوات الأمريكية من العراق، بعدما دخلت في السياسية، خشية على مصالحها أن تتأثر بذلك، وهي لا تريد أي مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الصهيوني أيضا خشية من استهدافها وتخسر ما حققته من مكاسب سياسية خلال الفترة الماضية”.
ويرى أن “هناك فصائل عراقية لم تدخل المجال السياسي ولا العمل الحكومي، فهي تدرك أن دخولها سوف سيدفعها لترك العمل الجهادي والعسكري، ولهذا هي ما زالت مستمرة في استهداف الكيان الصهيوني، منذ اندلاع حرب غزة ولغاية هذه اللحظة، ولا اعتقد انها سوف تتوقف عن ذلك ما دامت الحرب مستمرة في غزة ولبنان، وعلى رأس تلك الفصائل كما هو معروف لدى الجميع كتائب حزب الله وحركة النجباء”.
يشار إلى أن الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ظهر في الصف الأول بخطبة الجمعة، التي ألقاها المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران.
وكان القيادي في كتائب سيد الشهداء عباس الزيدي، أبلغ ”العالم الجديد”، قبل يومين، أن “فصائل المقاومة في العراق لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال دخلت إيران في حرب مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، فالفصائل ستكون جزءا من هذه الحرب بما لا يقبل الشك”.
إلى ذلك، يبين القيادي في تحالف الفتح علي الفتلاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك تنسيقية لفصائل المقاومة العراقية، وهذه التنسيقية هي التي تقسم عمل ومهام كل الفصائل، وكل ما يجري من عمليات عسكرية وغيرها تتم عبر التنسيق داخل هذه الهيئة الجامع لكل فصائل المقاومة في العراق”.
ويلفت الفتلاوي، إلى أن “دخول بعض الفصائل في العمل السياسي والحكومي، لا يعني أنها تخلت عن خط المقاومة والعمل الجهادي، وكل فصيل له مهام وهذه المهام تقسم عبر التفاهم والاتفاق والتنسيق داخل هيئة تنسيقية المقاومة، التي هي على تواصل دائم واجتماعات دورية دون أي انقطاع”.
ويشير إلى أن “كل الفصائل العراقية هي داعمة بأشكال مختلفة لعمليات استهداف الكيان الصهيوني، وكل له طريقة في دعم العمل الجهادي ضد هذا الكيان الغاضب، مثلما كل الفصائل مع إخراج الامريكان، وبعكس ذلك هي مع العمل العسكري لطرد الاحتلال من العراق”.
وكانت صحيفة الشرق الأوسط نقلت، الثلاثاء الماضي، عن مصادر مطلعة، تحديد تل أبيب 35 هدفا داخل العراق يمكن ضربها في أي لحظة، وتشمل استهداف قيادات سياسية بارزة وزعماء فصائل على غرار ما حدث في لبنان، مشيرة في الوقت ذاته، إلى طلب رئيس الوزراء محمد السوداني من شخصيات شيعية بارزة التوسط لكبح جماح الفصائل وعدم زج العراق في الحرب بين لبنان وإسرائيل.