بغداد/ تميم الحسن
أخذت بغداد إجراءاتٍ أمنيةً احترازيةً “غير مسبوقة” على خلفية تهديداتٍ إسرائيليةٍ بضرب العراق.
بالمقابل، وجّهت وزارةُ الخارجيةِ العراقية رسائلَ إلى العالم ردًا على تلك التهديدات التي يُتوقّعُ بأنها باتت قريبة.
وبعثت وزارةُ الخارجيةِ الإسرائيلية رسالةً إلى رئيس مجلس الأمن الدولي للتصدّي لأنشطة الفصائل العراقية.
في حين تستمرّ الفصائلُ في تطوير “مسيراتٍ” وتوجيه ضرباتٍ إلى إسرائيل، بحسب بياناتٍ تصدرُ عن تلك المجاميع.
ويقول مصدرٌ سياسيٌّ قريبٌ من “الإطار التنسيقي” إن “رئيسَ الحكومةِ محمد شياع السوداني وعدَ التحالفَ الشيعي بوقفِ الهجماتِ وحمايةِ البلاد”.
وأكّد المصدرُ أن “منعَ هجماتِ الفصائلِ من الداخل سيكون عن طريق الحوار وليس باستخدام القوة”.
وعقدت قيادةُ الإطار التنسيقي الأسبوعَ الماضي اجتماعَها الدوري في مكتب القيادي في الإطار همام حمودي، وفقَ بيانٍ مقتضب.
وأفاد البيانُ أن الاجتماعَ “ناقشَ الأوضاعَ السياسيةَ في البلاد، وأهميةَ إجراءِ التعدادِ السكاني، وإقرارَ القوانينِ المهمةِ في مجلس النواب”.
وكان السوداني قد نجحَ منذ شباطَ الماضي في إبرام هدنةٍ مع الفصائلِ لحينِ انسحابِ القواتِ الأمريكية.
وفي أيلولَ الماضي، أعلنت الحكومةُ العراقيةُ انتهاءَ وجودِ القواتِ الأجنبيةِ في البلاد في غضونِ العامين المقبلين.
قواتُ النخبة
وخلافًا للجهودِ السياسيةِ، تسرّبت وثيقةٌ عن إصدارِ قائدِ جهازِ مكافحةِ الإرهاب توجيهاتٍ بإعدادِ قوةٍ مجهّزةٍ تضمُّ مقاتلينَ وعجلاتٍ وأسلحةً وعتادًا، على أن تكونَ في حالةِ استعدادٍ دائمٍ لأيّ طارئ.
وأشارت الوثيقةُ إلى ضرورةِ توفيرِ الأرزاقِ والمياهِ بكمياتٍ تكفي لمدةِ شهرٍ لضمانِ جاهزيةِ هذه القوةِ للعملِ في المناطقِ النائيةِ دون عوائقَ لوجستية.
وتُبرز الوثيقةُ أهميةَ الجهدِ الاستخباريِّ لرصدِ ومنعِ أيّة محاولاتٍ لإطلاقِ صواريخَ أو طائراتٍ مسيّرةٍ تستهدفُ مستشاري التحالفِ الدولي.
وجاءت هذه الإجراءاتُ عقبَ تصاعدِ التهديداتِ الإسرائيليةِ ضدَّ العراق واحتمالِ استهدافِ الفصائل.
وتشيرُ تسريباتٌ إلى أن جهاتٍ أمريكيةً حذّرت الحكومةَ العراقيةَ بأنها “لن تتمكنَ من إيقافِ إسرائيل بسببِ استمرارِ هجماتِ الفصائل”.
الردُّ بالرسائل
وأمس، وجّهت وزارةُ الخارجيةِ العراقيةُ رسائلَ رسميةً إلى مجلسِ الأمن، والأمينِ العامِّ للأممِ المتحدة، والجامعةِ العربية، ومنظمةِ التعاونِ الإسلامي، ردًا على تلك التهديدات.
وقالت وسائلُ إعلامٍ إسرائيليةٌ إن وزيرَ الخارجيةِ جدعون ساعر بعثَ برسالةٍ إلى رئيسِ مجلسِ الأمنِ التابعِ للأممِ المتحدة حثَّ فيها على “اتخاذِ إجراءٍ فوريٍّ للتصدّي لأنشطةِ الميليشياتِ المواليةِ لإيرانَ في العراق”.
وأكّدت وزارةُ الخارجيةِ العراقية، في رسائلها، بحسب بيانٍ صادرٍ عنها، أنَّ العراقَ يُعَدّ ركيزةً للاستقرارِ في محيطهِ الإقليمي والدولي، ومن بينِ الدولِ الأكثرِ التزامًا بمبادئِ ميثاقِ الأممِ المتحدة.
وأشارت الرسائلُ العراقيةُ إلى أنَّ رسالةَ الكيانِ الإسرائيليِّ إلى مجلسِ الأمنِ تمثّل جزءًا من سياسةٍ ممنهجةٍ لخلقِ مزاعمَ وذرائعَ بهدفِ توسيعِ رقعةِ الصراعِ في المنطقة.
وأوضحت الوزارةُ في بيانها أنَّ العراقَ كان حريصًا على ضبطِ النفسِ فيما يتعلّقُ باستخدامِ أجوائهِ لاستهدافِ إحدى دولِ الجوار، مؤكّدةً أهميةَ تدخّلِ المجتمعِ الدولي لوقفِ هذه السلوكياتِ العدوانية، التي تُشكّل انتهاكًا صارخًا لمبادئِ القانونِ الدولي.
وأكّدت الرسائلُ أيضًا أنَّ العراقَ يدعو إلى تضافرِ الجهودِ الدوليةِ لإيقافِ التصعيدِ الإسرائيليِّ في المنطقةِ وضمانِ احترامِ القوانينِ والمواثيقِ الدولية، بما يُسهمُ في تعزيزِ الأمنِ والاستقرارِ في المنطقة.
وكان موقعُ “واي نت” الإخباريُّ الإسرائيليُّ قد نقلَ عن ساعر (وزيرِ الخارجيةِ الإسرائيلي) قولَهُ، إنَّ الحكومةَ العراقيةَ مسؤولةٌ عن أيِّ أعمالٍ تحدثُ داخلَ أراضيها أو انطلاقًا منها.
وشدّد على “حقِّ إسرائيلَ في الدفاعِ عن نفسها” ضدَّ الفصائلِ التي قالَ إنها نفّذت هجماتٍ على إسرائيل.
وأضاف ساعر: “دعوتُ المجلسَ إلى التحركِ بشكلٍ عاجلٍ لضمانِ وفاءِ الحكومةِ العراقيةِ بالتزاماتِها بموجبِ القانونِ الدولي ووضعِ حدٍّ لهذه الهجماتِ على إسرائيل”.
الفصائلُ تُبرّر
بالمقابل، ترى الجماعاتُ المسلحةُ في العراقِ أنها تقومُ بـ”أعمالٍ دفاعيةٍ” ضمنَ مبدأ وحدةِ الساحاتِ الذي تقودُهُ طهران، بحسبِ محلّلين.
ويقول عباسُ الزيدي، وهو عضوٌ في كتائبِ سيدِ الشهداء، إنَّ الفصائلَ تعملُ عبرَ الحدودِ “حتى تدفعَ خطرَ إسرائيلَ عن العراقِ، كما فعلنا مع داعشَ حينَ كانت في سوريا”.
الزيدي، الذي يظهرُ في عددٍ من المقابلاتِ التلفزيونية، يُؤكّدُ أنَّ “المقاومةَ العراقيةَ تمتلكُ الكثيرَ من المفاجآت، وتُطوّرُ مسيّراتٍ تُهاجمُ الأهدافَ قبلَ الانقضاضِ عليها”.
ويومَ 22 تشرين الثاني، أظهرت مقاطعُ فيديو لما قيل إنهُ طائرةٌ مسيّرةٌ ضربتْ هدفًا عسكريًّا “جنوبَ الأراضي المحتلة”، وفقَ منصّاتٍ تابعةٍ للفصائلِ على “تلغرام”.
وقال وزيرُ الخارجيةِ العراقي فؤاد حسين إنَّ بغدادَ تلقّت “تهديدًا واضحًا” من إسرائيل.
وأكّد حسين، في كلمةٍ خلالَ منتدى في دهوك، أنَّ “القواتَ المسلحةَ تلقّت أوامرَ من رئيسِ الحكومةِ بمنعِ أيِّ هجماتٍ تنطلقُ من الأراضي العراقية”.
وشدّد على أنَّ العراقَ “لا يُريدُ الحربَ، ويسعى لإبعادِ خطرِها”، وفقًا لوكالةِ الأنباءِ الرسمية.
وكان التقريرُ الإسرائيليُّ إلى مجلسِ الأمنِ قد ضمَّ أسماءَ 6 تشكيلاتٍ عسكريةٍ عراقيةٍ:
عصائبُ أهلِ الحق
كتائبُ حزبِ الله
قواتُ بدر
حركةُ النجباء
أنصارُ الله الأوفياء
كتائبُ سيدِ الشهداء
وقالت إسرائيل إنَّها تابعةٌ لـ”الحشدِ الشعبي”، متّهمةً تلكَ الهيئةَ بتلقي الرعايةِ من الحكومةِ العراقيةِ والتوجيهاتِ من إيران.
ويرى هوشيارُ زيباري، وزيرُ الخارجيةِ الأسبق، في منتدى دهوك، أنَّ التهديداتِ التي أطلقتها إسرائيلُ ضدَّ العراقِ “كانت متوقعةً نظرًا لمواقفِ أطرافٍ سياسيةٍ وفصائلَ عراقيةٍ من الحربِ القائمةِ في المنطقة”.
وتعلنُ الفصائلُ، بحسبِ تصريحاتِ مُمثّلين عن تلكَ الجماعات، أنها لن تتوقفَ عن الهجماتِ ضدَّ إسرائيلَ حتى تنتهي الحربُ في غزةَ ولبنان.
والأسبوعَ الماضي، قالَ رئيسُ الوزراءِ محمد شياع السوداني إنَّ الرسالةَ التي أرسلتها إسرائيلُ إلى مجلسِ الأمنِ الدولي تمثّل “ذريعةً وحجّةً للاعتداءِ على العراق”، مشدّدًا على رفضِ العراقِ لهذه “التهديدات”.