أصبح هذا الحدث معروفاً لدرجة مقرفة. الجنود الإسرائيليون يتسلون بملابسهم الداخلية ويظهرون لنساء فلسطينيات. في فيلم الفيديو الأخير الذي نشر أمس، ظهر سبعة جنود في بيت فلسطيني خاص. أحد هؤلاء الجنود يذهب إلى غرفة النوم مرتدياً الزي العسكري، ثم يخرج بملابس حريرية وصدرية، ربما تكون لامرأة تعيش هناك، ويقوم بتمثيل عرض تعر هزلي أمام الجنود الآخرين.
شاهدنا عشرات الأفلام والصور: جنود يلوحون -باستهزاء- بملابس داخلية لنساء من غزة، بعد نزوحهن وترك بيوتهن، أو تم قتلهن. بعضهم يرتدون هذه الملابس ويتفاخرون بأنوثة مبالغ فيها، آخرون يشرحون بابتسام أن “النساء العربيات هن الأكثر زنا”. الجديد في الفيلم الحالي هو أن ذلك يحدث في الضفة الغربية وليس في قطاع غزة. ومثل أسلوب الحرب، ثمة أسلوب إهانة، يتسرب من غزة إلى الضفة. ولا تتفاجأوا إذا تسرب بعد ذلك إلى داخل الخط الأخضر، بشكل مباشر أو غير مباشر. مئات الجنود الذين كان يضحكهم استخدام الجنس والملابس الداخلية لنساء عاجزات من أجل الإهانة علناً، لن ينسوا ذلك عندما يخلعون زيهم العسكري. والمجتمع الذي يصمت على هذه المشاهد المقرفة لا يعتبر مجتمعاً جيداً للنساء، وحتى للنساء اللواتي يعشن فيه.
جرائم الحرب هذه ليست مجرد “نزوة” كما يسميها البعض. على مدى التاريخ، استخدم جسد المرأة في الحروب كرمز سيطرة على العدو وإهانته. في هذا الوضع، يعتبر تدنيس الجسد الخاص تدنيساً لكل الأمة. وهكذا يصبح العنف الجندري سلاحاً تكتيكياً، يستهدف تخويف السكان وسلب كرامتهم وإنسانيتهم.
اللعبة الهزلية بملابس داخلية تعود لنساء تتغذى على نفس المنطق المسمم. وليس بالصدفة أن أصبح نوعاً من الاحتفال الذي يجب أن يمر فيه الجنود الإسرائيليون في الحرب الحالية. قدرة الجنود على الوصول إلى درج الملابس الداخلية للنساء الفلسطينيات، وفعل ما يريدون بها، ترمز إلى سيطرتهم المطلقة على حياة الفلسطينيين ومصيرهم، سواء في غزة والضفة الغربية، والسيطرة أيضاً على الساحة الأكثر حميمية، في حين أن سحق الخصوصية كوسيلة لتسلية الجمهور، يشجع على سلب إنسانية الفلسطينيين والتعامل معهم كأشياء لا حقوق لها ولا استقلالية.
التناقض بين الحميمية النسوية والرجولة العسكرية صارخ جداً في الفيلم الذي يدور الحديث عنه. يمكن الاعتقاد بأن كاتب سيناريو فاشل هو الذي قام بكتابته، وبالغ في رمزيته من أجل الرسالة التي يريد إرسالها. الفيلم يبدأ في غرفة نوم في مكان ما في الضفة: أرضية تلمع من النظافة، سجادة دافئة على الأرض، مرآة كبيرة، مكيف صغير وروب حمام وردي معلق على الباب. في هذه المساحة، الغريبة والمعروفة في نفس الوقت، يقف جندي يحمل السلاح، يرتدي سترة عسكرية وواقيات على ركبتيه. تنتشر في البيت علامات على الحياة، مكشوفة للعين: سلة غسيل فيها ملابس غير مطوية، منشفة معلقة على الحائط، واقع برجوازي هادئ تم اختراقه دفعة واحدة، صالون عائلي، تلفزيون معلق على الحائط وكنبايات بلون فاتح، تركته عائلته وامتلأ بالجنود الذين كانوا على وشك التقاط صور لملابس داخلية تعود لربة المنزل.
في أعقاب 7 أكتوبر، انتشر في إسرائيل سؤال “أين هي منظمات النساء الدولية؟”، لماذا لا تدين جرائم الجنس التي نفذتها حماس؟ بنفس الطريقة، يمكن سؤال: أين هي منظمات النساء في إسرائيل، ولماذا تصمت على أفلام ارتداء الملابس الداخلية للفلسطينيات – التي تهين النساء الفلسطينيات، والنساء بشكل عام؟ في هذه الحالة، التجاهل أمر أكثر غرابة، سواء لأن جرائم جنود الجيش الإسرائيلي من مسؤوليتنا المباشرة كإسرائيليين، أو لأن العنف الجندري الذي تعودوا على ممارسته قد يرفع رأسه أيضاً في البيت والعمل والمواعدة القادمة. رئيسة جمعية “نعمات” قالت عن المنظمات النسوية في العالم، قبل سنة: “أي خيبة أمل هذه؟ ببساطة هذا نفاق كبير”.
يوعنا غونين
هآرتس 28/1/2025