عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
لم تتطرّق التقارير الإعلامية السعودية إلى توقيع اتفاقيات خطّيّة بين سورية الجديدة، والمملكة، رغم حفاوة الترحيب الذي لقيه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع خلال زيارته الرياض، وتأكيده على أن الرياض ترغب في دعم سورية الجديدة.
في تركيا يبدو أن المشهد لن يكون ترحيبيًّا، بقدر ما سيكون فيه قدر ترحيبي يبحث عن المصالح التركية السياسية من سورية وعلى أرضها بعد سقوط نظام الأسد، حيث أفادت وكالة “رويترز”، نقلًا عن أربعة مصادر مطلعة، أن الشرع والرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يُناقشان مسألة اتفاق دفاعي مشترك يشمل إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سورية وتدريب الجيش السوري الجديد.
ad
تنافس تركي مع دول الخليج
ووفقًا لرويترز، تستعد أنقرة للعب دور رئيسي في المشهد السوري الجديد، لتعويض الفراغ الذي خلفه انسحاب إيران، الداعم الإقليمي الأبرز لنظام الأسد، وذكرت الوكالة أن هذا التوسّع في النفوذ التركي قد يؤدي إلى تصاعد التنافس مع دول الخليج العربية، كما أنه قد يُثير قلق إسرائيل.
جيش سوري وتدريب تركي
وأوضحت المصادر، التي تضم مسؤولًا أمنيًا سوريًا، ومصدرين أمنيين أجنبيين مقيمين في دمشق، بالإضافة إلى مسؤول استخباراتي إقليمي كبير، أن الاتفاق المحتمل سيسمح لتركيا بإنشاء قواعد جوية جديدة داخل سوريا، واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية، فضلًا عن دورها القيادي في تدريب قوات الجيش السوري الجديد.
وأضافت المصادر أن المباحثات ستتطرّق إلى إمكانية إنشاء قاعدتين تركيتين في منطقة البادية السورية، وهي منطقة صحراوية شاسعة في وسط البلاد.
ووصل الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع اليوم الثلاثاء إلى العاصمة التركية أنقرة، والتقى مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإجراء مُباحثات في زيارةٍ خارجية هي الثانية له بعد زيارة العربية السعودية.
وظهر موكب الرئيس الانتقالي الشرع وهو يخرج من مطار أنقرة إيسنبوغا الدولي متوجها للمدينة بعد وصوله إلى البلاد بدعوة من الرئيس أردوغان.
أهلًا بـ”رئيس المرحلة الانتقالية السورية” في تركيا!
على عكس السعودية التي وصفته بالرئيس السوري بوكالة الأنباء الرسمية “واس”، التزمت بشكلٍ لافت الحكومة التركية بتوصيف “رئيس المرحلة الانتقالية” أحمد الشرع.
وعلى يافطات ترحيبية عُلقّت في شوارع العاصمة أنقرة، وباللغتين العربية والتركية كُتب الترحيب التالي بالشرع: “رئيس المرحلة الانتقالية للجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع.. أهلاً وسهلاً بكم في تركيا”.
ماذا خلف حذف قطر للعربية من اسم الجمهورية العربية السورية؟
حذف كلمة “العربية” من اسم الجمهورية العربية السورية كان مثار جدل ومُطالبات خلال الأزمة السورية “الثورة”، لكن دستور سورية في عهد حكومة الرئيس السوري السابقة بشار الأسد ينص بحسب الفقرة (ط) من المادّة (12) أن (العروبة والإسلام هوية لا يُمكن التنازل عنها) فسورية طالما عُرفت بأنها قلب العروبة النابض.
هل تعمّدت الدوحة؟
اليوم تُوضع علامات استفهام حول وجود نوايا لتغيير الوصف العروبي من اسم سورية الرسمي، وتساؤلات حول أسباب استخدام قطر في بيان أدانت فيه تفـجير مدينة منبج شمال شرق حلب، تسمية “الجمهورية السورية” بدلاً من “الجمهورية العربية السورية”، وإذا ما تعمّدت الدوحة ذلك تمهيدًا لحذف “العربية”، فهي أحد أبرز الدول التي موّلت إسقاط نظام الأسد.
حدث ذلك، رغم أن حكومة أحمد الشرع الانتقالية لا تزال تستخدم الاسم الرسمي لسورية الجمهورية العربية السورية في بياناتها الرسمية، وصولًا لحساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي البيان عبّرت الخارجية القطرية عن رفضها التام لكافة أشكال العنـف والإرها ب، مشددة على موقفها الثابت ضد الأعمال الإجرامية التي تستهدف المدنيين والأمن والاستقرار.
وكان أمير قطر أول زعيم عربي يزور سورية بعد سقوط نظام الأسد، وذلك في رسالة تضامن ودعم لسورية الجديدة، حيث كانت زيارة خاطفة وسريعة، اقتصرت على لقاء أحمد الشرع، دون زيارات ميدانية.
وفي بيانها للترحيب بالخطوات الانتقالية بسورية استخدمت الخارجية القطرية كذلك تسمية “الدولة السورية”.
وزير داخلية الأسد يُسلّم نفسه.. هل ينجح حكام دمشق الجدد باختبار العدالة والقانون؟
مع “تبخّر” المسؤولين في نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد ليلة سقوط العاصمة دمشق، وتناسل الشائعات عن أماكن تواجدهم، وعودة بعضهم، وفرار البعض الآخر، تسلّطت الأضواء قبل أيام على اعتقال عاطف نجيب ابن خالة الأسد، ورئيس فرع الأمن السياسي في درعا سابقاً، ورفع هذا الاعتقال منسوب التفاؤل لدى حكام دمشق الجدد بالعُثور على مسؤولين آخرين.
وزير الداخلية السوري الأسبق في نظام الأسد، اللواء محمد إبراهيم الشعار اختصر على نفسه مشقّة الاختباء، وقرّر تسليم نفسه للسلطات السورية الجديدة.
هذه الخطوة وطريقة التعامل معه إيجابيًّا أو سلبيًّا، قد تكون مُقدّمة لإقدام عدد من المسؤولين الآخرين في نظام الأسد على تسليم أنفسهم “طواعية” كما قال الشعار حول ظروف تسليم نفسه.
الشعار يُدافع عن نفسه
ودافع الشعار عن نفسه قائلًا إن وزارة الداخلية لم تكن مسؤولة عن السجون غير الرسمية، بل عن الرسمية فقط، وقال أنه لم يرتكب فعلًا يُعاقب عليه القانون.
وظهر الشعار في مقطع فيديو وهو في سيارة تتبع للقوات الأمنية، وكان الشعار وزيرًا للداخلية السورية عام 2011 حتى 2018، وقائدًا للشرطة العسكرية، ورئيس لفرع المنطقة 227 في دمشق 2006.
تسليم الشعار نفسه “طواعية” سيكون اختبارًا بكل حال لحكومة الشرع الانتقالية، وقدرتها على التصرّف بعدالة مع المسؤولين السابقين ومن الصفوف الأولى في نظام الأسد، وتقديم من خالفوا القانون منهم لمُحاكمات عادلة تخضع للقانون، وليس للأحقاد الشخصية، والانتقام.