الوثيقة | مشاهدة الموضوع - تل أبيب تبتلع المزيد من أراضي سوريا.. تفرض احتلالًا وتعرض على المواطنين أعمالًا داخل إسرائيل
تغيير حجم الخط     

تل أبيب تبتلع المزيد من أراضي سوريا.. تفرض احتلالًا وتعرض على المواطنين أعمالًا داخل إسرائيل

القسم الاخباري

مشاركة » الأربعاء مارس 05, 2025 2:11 pm

6.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا شارك فيه عددٌ من مراسليها، قالوا فيه إن سوريا يتم ابتلاعها من خلال التوسّع المستمر للجبهة الإسرائيلية الجديدة. وقالوا إن الجيش الإسرائيلي يستخدم الحفارات والدبابات والقنابل للسيطرة على أراضٍ سورية، وإعادة تشكيل الحدود.

وجاء في التقرير أن الدبابات الإسرائيلية تجول عند انقطاع التيار الكهربائي، شوارع مدينة البعث (سميّت أخيراً مدينة الشام) الرئيسية لِتُذكّر سكان المدينة أنهم ليسوا وحدهم.

دارين خليفة: التعدي الإسرائيلي يخلق المزيد من الضغوط على السلطات في دمشق لتصبح أكثر عدوانية في صد الإسرائيليين، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يغذي دائرة العنف

وقد أصبح السكان المحليون معتادين على الدوريات الليلية التي دمّرت شوارعهم وأرصفتهم، وجرفت أراضيهم الزراعية، واخترقت بوابات المباني الحكومية المحلية التي شوهت حديثًا بشعارات غرافيتي جديدة بلغة لا يستطيعون قراءتها، أي العبرية.

ونقلت الصحيفة عن فاطمة، وهي معلمة في المدينة، عاصمة محافظة القنيطرة: “الدبابات في كل مكان. لم نعد نخرج ليلًا بسببها”.

ولكن هذه الدبابات لا تعود إلى حكام دمشق الجدد، ولا إلى أي من الفصائل المسلحة العديدة في البلاد، بل لإسرائيل. فمنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد على يد الفصائل الإسلامية بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع، في كانون الأول/ديسمبر، تقوم إسرائيل بحملة عسكرية عدوانية، حيث استولت على منطقة عازلة عمرها خمسة عقود “إلى أجل غير مسمى”، وقصفت ما تقول إنها أهداف عسكرية، واعتدت على مدن وقرى مثل مدينة البعث.

وفي الأسبوع الماضي، زاد قادة إسرائيل من التصعيد، وشجبوا قادة سوريا بأنهم “النظام الإرهابي للإسلام الراديكالي”، وهدّدوا بحملة عسكرية واسعة لو قامت قوات الحكومة بمهاجمة المجتمع الدرزي.

وكل هذه التهديدات، مع أن الإدارة السورية الناشئة بقيادة الشرع لم تصدر تهديدات ضد إسرائيل، أو قامت بأعمال استفزازية. وبخلاف هذا يسعى القادة الجدد للتواصل مع الغرب والقوى الإقليمية مؤكدين على أن تركيزهم لا ينصب على نزاع جديد، بل على إعمار البلاد وتوحيدها، بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب الأهلية.

وتقول الصحيفة إن وراء الأفعال الإسرائيلية العدوانية خطة جديدة، على ما يبدو، لإعادة ترسيم الحدود، وبناء ميزان القوة الجديد مع جيرانها.

ففي أعقاب هجوم “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما فشلت الجدران العالية، والقوات الجوية المتفوقة، ونظام الاستخبارات المتقدم، بمنع المسلحين من التسلل إلى جنوب إسرائيل، شرعت السلطات في توسيع وتقوية حدود إسرائيل بشكل كبير.

وقامت إسرائيل ببناء منطقة عازلة في داخل غزة، وسيطرت على خمس مواقع في داخل لبنان، وأرسلت قواتها إلى الضفة الغربية، ووضعتها في مخيمات اللاجئين، وأنشأت منطقة أمنية في جنوب-غرب سوريا. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله: “الدرس الأساسي هو أنك لا تستطيع السماح لجيش إرهاب على بابك”.

وتقول دارين خليفة، المستشارة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، إن إسرائيل “تعمل، وبشكل استباقي، على رفع الرهانات في المنطقة، وتحاول القضاء على أي مخاطر محتملة، وهي على استعداد لتحمّل الكثير من المخاطر في القيام بذلك، ودفع الحدود أكثر مما فعلت في الماضي”.

شاب من بلدة الحميدية: إذا استمرت الأمور على هذا النحو، وإذا لم تنتعش الأعمال مرة أخرى، ولم نحصل على أجورنا، فسيضطر الناس للعمل في إسرائيل

وتقول الصحيفة إن سكان مدينة البعث والمجتمعات المجاورة، التي يقطنها الآلاف من الناس يتحمّلون، العبء الأكبر.

فقد فرضت القوات الإسرائيلية احتلالًا فعليًا في قريتين على الأقل، ودمرت المباني الحكومية، وأجرت تعدادًا محليًا وسجلت بطاقات الهوية، بالإضافة إلى الاستيلاء على الأسلحة، وفقًا لسكان تحدثوا إلى الصحيفة. كما شاهد مراسلوها مواقع الدبابات الإسرائيلية والسواتر التي تم بناؤها حديثًا.

وبدأت القوات الإسرائيلية بتوزيع الطرود الغذائية على السكان، والتي تحتوي على الأرز والزيت والطعام المعلّب، إلى جانب البطانيات. وعرضت على المواطنين أعمالًا زراعية في داخل إسرائيل. وقد ترك هذا السكان أمام مأزق الموازنة بين حاجياتهم الأساسية، بعد سنوات من الفقر، ووصفهم بالخيانة، لو قبلوا.

وقال محمد، وهو شاب من بلدة الحميدية التي تتمركز فيها القوات الإسرائيلية: “إذا استمرت الأمور على هذا النحو، وإذا لم تنتعش الأعمال مرة أخرى ولم نحصل على أجورنا، فسيضطر الناس للعمل في إسرائيل، أليس كذلك؟” و”ما هو الخيار الآخر المتوفر لهم؟”.

ففي فترة الفراغ القصيرة التي أعقبت سقوط الأسد، شنت إسرائيل عدة غارات جوية على المواقع العسكرية السورية، حيث ضربت مئات الأهداف، بما فيها الأسلحة الثقيلة وأنظمة الدفاع الجوي والسفن البحرية، ما أدى إلى تدمير ما تبقى من جيش الأسد.

وفي السويداء، شاهدت “فايننشال تايمز” موقعًا عسكريًا تعرّضَ للقصف في كانون الأول/ديسمبر، ودمّرت مستودعات الأسلحة الخاصة به، وظهرت ذخائر غير منفجرة من بين الأنقاض.

وذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي شعر بالجرأة من سلسلة من النجاحات العسكرية ضد أعداء إسرائيل على مدى الـ 16 شهرًا الماضية، إلى أبعد من ذلك، في الشهر الماضي، وطالب “بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا”.

وبحسب تحليل “فايننشال تايمز” لصور الأقمار الاصطناعية، قامت القوات الإسرائيلية ببناء تحصينات ومواقع استيطانية، وتوسّعت في الدفاعات التي أقامتها العام الماضي. كما ضربت أهدافًا أخرى، بما في ذلك ما زعمت أنها أسلحة تابعة للنظام المخلوع في معقل الأسد الشمالي في القرداحة، يوم الاثنين.

وترى خليفة أن التعدي الإسرائيلي يمثل تهديدًا للحكومة الانتقالية السورية، و”يخلق المزيد من الضغوط العامة على السلطات في دمشق لتصبح أكثر عدوانية في صد الإسرائيليين، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يغذي دائرة العنف”.

وندد الشرع، الرئيس السوري المؤقت، بـ“التوسع العدواني” لإسرائيل في قمة جامعة الدول العربية، يوم الثلاثاء، ووصفه بأنه “تهديد مباشر للسلامة والأمن في المنطقة ككل”، وحذّرَ من أنه “سيقوّض استقرار المنطقة”.

وراء الأفعال الإسرائيلية العدوانية خطة جديدة لإعادة ترسيم الحدود، وبناء ميزان القوة الجديد مع جيرانها

إلا أن الحكومة الانتقالية، التي لم تنخرط رسميًا بعد مع جارتها، أظهرت القليل من القدرة أو الرغبة في مواجهة إسرائيل. ويخشى كثيرون في مجتمعات مثل مدينة البعث، حيث كان معظم السكان موظفين حكوميين في عهد الأسد، أن تعاقبهم الحكومة الجديدة لعدم وقوفهم مع الثورة.

ومن جانب آخر صوّرت إسرائيل جهودها العسكرية بأنها محاولة لحماية الطائفة الدرزية في جنوب سوريا. وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس، يوم السبت، إن إسرائيل “لن تسمح” لدمشق “بإيذاء الدروز”. وحذّرَ من أنه إذا حدث ذلك “فإننا سنتسبّب لها بالأذى”.

ورفض كثيرون من دروز سوريا تعهد نتنياهو بحمايتهم باعتباره حيلة. وقال يحيى الحجار، زعيم حركة رجال الكرامة الدرزية البارزة في السويداء: “تُدلي إسرائيل بهذه التصريحات لحماية نفسها، فهي تهتم بالأقليات، كما تدعي، من أجل الاستفادة منها”.

وقال الحجار، متحدثًا من منزله في قرية شنيرة في محافظة السويداء: “لم نطلب من نتنياهو أن يعتني بالدروز، نحن نرفض أي مشروع تقسيم يحاول فرضه على البلاد”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار