لندن ـ «القدس العربي»:
اكتشف الباحثون هرماً غارقاً تحت مياه البحر بالقرب من تايوان، وسرعان ما تبين أن عمره يعود إلى ما قبل 12 ألف عام مضت، وقال العلماء إن هذا الهرم الغريب قد يعيد كتابة كل ما ظننا أننا نعرفه عن العالم القديم.
وبحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي»، فإن النصب الغامض يقع على عمق 82 قدماً فقط تحت مستوى سطح البحر بالقرب من جزر ريوكيو اليابانية، ولا يزال يُحيّر الباحثين ويُذهلهم منذ اكتشافه عام 1986.
ويبلغ ارتفاع هذا الهيكل العملاق ذو الدرجات الحادة حوالي 90 قدماً، ويبدو أنه مصنوع بالكامل من الحجر، مما يدفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأنه من صنع الإنسان.
ومع ذلك، تُظهر اختبارات الحجر أن عمره يزيد عن 10 آلاف عام، مما يعني أنه لو شيدت حضارة هذا الهرم يدوياً، لكان قد تم بناؤه قبل غرق هذه المنطقة تحت الماء – أي منذ أكثر من 12 ألف عام. وهذا من شأنه أن يجعله أقدم تاريخياً من معظم الهياكل القديمة الأخرى بآلاف السنين، بما في ذلك الأهرامات المصرية.
ويعتقد العلماء حالياً أن قدرة البشر القدماء على بناء هياكل ضخمة كالمعابد والأهرامات تطورت بالتزامن مع تطور الزراعة قبل 12 ألف عام.
ويقول العلماء إنه إذا كان مجتمع متقدم قد بنى بالفعل أهرامات مدرجة عملاقة قبل ذلك الوقت بوقت طويل، فقد يُغير ذلك كتب التاريخ إلى الأبد ويكشف عن قبيلة بشرية مفقودة أخرى، تماماً كما حدث مع أساطير أطلانطس.
وفي الواقع، غالباً ما يُطلق على نصب يوناجوني التذكاري اسم «أطلانطس اليابان»، إلا أن المشككين يواصلون دحض نظرية أن هذا الهيكل بُني بأيدٍ بشرية.
واكتسب الموقع مؤخراً اهتماماً واسعاً بعد جدلٍ حادٍّ بين العلماء حول أصوله، حيث يجادل كل من غراهام هانكوك، المؤلف المتخصص في الحضارات المفقودة، وعالم الآثار فلينت ديبل حول صور نصب يوناجوني التذكاري، حيث رفض ديبل الاعتراف بأن أياً من الهياكل التي عثر عليها الغواصون ربما تكون من صنع البشر.
وقال ديبل: «لقد رأيتُ الكثير من الأشياء الطبيعية المجنونة، ولا أرى هنا شيئاً يذكرني بالهندسة المعمارية البشرية».
وردّ هانكوك قائلاً: «بالنسبة لي يا فلينت، من المذهل أن ترى ذلك كأمر طبيعي تمامًا، لكنني أعتقد أن لكلٍّ منا وجهة نظر مختلفة تماماً».
وأضاف هانكوك أن الصور المأخوذة من عمليات الغوص في الموقع تُظهر بوضوح أقواساً من صنع الإنسان، وصخوراً ضخمة، وسلالم، ومدرجات، وما يبدو أنه «وجه» صخري منحوت.
وإذا كان نصب يوناغوني قد بُني بالفعل من قِبل حضارة غامضة منذ أكثر من 10 آلاف عام، فسيُضاف إلى القائمة المتزايدة من الهياكل المُحيّرة التي كان من المُستحيل بناؤها منذ زمن بعيد. وبُني نصب يوناغوني في نفس الفترة تقريباً، ومن المُحتمل أن يُضاف إلى هيكل غوبكلي تيبي القديم من صنع الإنسان في تركيا كدليل على الحضارات المفقودة.
ويُعتقد أن هذا الموقع الأثري في أعالي بلاد ما بين النهرين كان مأهولاً بالسكان من حوالي 9500 قبل الميلاد إلى 8 آلاف قبل الميلاد على الأقل، خلال العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار. أي قبل بناء الأهرامات المصرية بأكثر من 5000 عام، وقبل ستونهنج بحوالي 6000 عام. وفي الوقت نفسه، قد يكون بناء قديم آخر في إندونيسيا أقدم من غوبيكلي تيبي وأتلانتس اليابانية بزمنٍ مذهل. حيث يُقال إن هرم بادانج، الذي أعاد اكتشافه المستكشفون الهولنديون لأول مرة عام 1890، هو أقدم هرم في العالم.
وتشير الدراسات إلى أن «الميغاليث» الذي يبلغ عمقه 98 قدماً والمغمور داخل تلة من صخور الحمم البركانية يعود تاريخه إلى أكثر من 16 ألف عام.
وفي عام 2023، قال العلماء إن هذا البناء يبشر بتغيير الاعتقاد السائد حول مدى «بدائية» مجتمعات الصيد والجمع، كاشفاً عن «القدرات الهندسية الحقيقية للحضارات القديمة».
ووفقا للدكتور ماساكي كيمورا، لا تزال القضية المحيطة بأتلانتس اليابانية مفتوحة للنقاش. كيمورا هو العالم الذي اختبر عمر الحجر الرملي، ووجد أن الصخور تعود إلى أكثر من 10 آلاف عام.
وفي هذه المرحلة من التاريخ، كان من المفترض أن يكون الهيكل لا يزال قائماً على أرض جافة، قبل أن يتسبب ذوبان الصفائح الجليدية الضخمة في ارتفاع منسوب مياه البحار عالميًا في نهاية العصر الجليدي الأخير.
وتشير الدراسات إلى أنه في ذروة العصر الجليدي، قبل حوالي 20 ألف عام، كان منسوب مياه البحار أقل بحوالي 400 قدم مما هو عليه اليوم.
وفي عام 1999، حاول الدكتور روبرت شوش من جامعة بوسطن دحض نظرية وجود أطلانطس في المحيط الهادئ، مجادلاً بأن الجيولوجيا يمكن أن تثبت أن الهرم و«المدينة» المحيطة به كانتا تكوينًا صخريًا طبيعياً.
وأشار شوش في تقريره إلى أن نصب يوناجوني التذكاري يشترك في عدد من السمات مع تكوينات جيولوجية أخرى قريبة.
وعلاوة على ذلك، يقع في منطقة معرضة للزلازل، على بُعد 62 ميلاً شرق تايوان، مما يشير إلى أن الشقوق والسطوح المسطحة التي تُشكل «الدرجات» هي مجرد سمات طبيعية لصخور الحجر الرملي التي تتكسر وتتشقق.
وأقر الدكتور شوش في ورقته البحثية قائلاً: «عند مشاهدة صور نصب يوناجوني التذكاري، يتولد لدى الكثير من الناس انطباع فوري، نظرًا لانتظام الأسطح الحجرية للدرجات والزوايا الحادة التي تُشكلها الصخور، بأن هذا هيكل اصطناعي».
وأضاف شوش أن الصخور قد غُطيت أيضاً بطبقات من الكائنات البحرية على مر القرون، مما غطى الكثير من سمات الحجر الرملي الطبيعية، وأعطى نصب يوناجوني التذكاري مظهرًا أكثر تناسقًا مما هو عليه في الواقع.
وأضاف: «أعتقد أنه يجب اعتباره هيكلاً طبيعياً في المقام الأول حتى يتم العثور على المزيد من الأدلة على عكس ذلك. ومع ذلك، لا أعتقد بأي حال من الأحوال أن هذه القضية قد حُسمت تماماً.