الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مرشحو القبائل يزاحمون الأحزاب.. العشائر تدخل بثقلها إلى معركة البرلمان!
تغيير حجم الخط     

مرشحو القبائل يزاحمون الأحزاب.. العشائر تدخل بثقلها إلى معركة البرلمان!

مشاركة » الاثنين إبريل 28, 2025 10:05 am

بغداد / محمد العبيدي

تفرض التحالفات العشائرية نفسها بقوة على المشهد الانتخابي العراقي، وسط تحولات اجتماعية وسياسية، تجعل الولاءات القبلية منافساً حقيقياً للبرامج السياسية والحزبية، ومع تزايد ترشح أبناء العشائر بدعم مباشر من شيوخهم، تواجه العملية الديمقراطية تحديات جديدة تتعلق بطبيعة التمثيل وجودته.
ويرصد مختصون إعلان عدد متزايد من العشائر في مختلف المحافظات دعمها العلني لمرشحين من أبنائها، عبر بيانات ومؤتمرات عشائرية، ما يؤشر إلى تنامي دور العشيرة كلاعب رئيسي في تحديد ملامح الخارطة الانتخابية، في ظل تراجع واضح للأحزاب التقليدية وضعف الخطابات السياسية المؤثرة.
ويُنظر إلى ظاهرة تحالفات العشائر بوصفها تحوّلًا لافتًا يعيد الاعتبار للامتداد الاجتماعي في العملية السياسية، بعيدًا عن الأطر الحزبية التقليدية، فعلى الرغم من أن الدعم العشائري يُعزز من الانضباط الانتخابي ويحد من تأثير المال السياسي في بعض المناطق، إلا أن مراقبين يحذرون من أن تكريس الولاءات القبلية قد يُضعف بناء نظام حزبي ديمقراطي.
قلق نيابي
وانتقد النائب علي البنداوي ظاهرة اختيار النواب على أسس عشائرية بدلاً من المعايير المهنية والنزاهة والكفاءة، محذراً من أن هذا النهج “يؤثر بشكل مباشر على أداء مجلس النواب، خصوصاً في عمل اللجان البرلمانية”.
وقال البنداوي إن “الاختيار العشائري خيار غير صحيح، بل الأجدر أن يتم اختيار النواب بناءً على معايير الكفاءة والنزاهة والمهنية، لاسيما أن عمل المجلس يعتمد بشكل كبير على اللجان المختصة، مثل اللجان الأمنية والقانونية وغيرها، والتي تتطلب أعضاء لديهم خبرة ومؤهلات علمية معترف بها”.
وأضاف أن “غياب الكفاءات داخل اللجان خلال الدورات النيابية السابقة تسبب بضعف واضح في أدائها”، مبيناً أن “عدم امتلاك النواب الخبرة والدراية اللازمة أدى إلى تعطيل الكثير من الملفات المهمة، وأضعف دور البرلمان في الرقابة والتشريع”.
وأكد البنداوي أن “استمرار هذا النمط من الاختيار سيبقي المؤسسة التشريعية عاجزة عن القيام بمهامها الأساسية”، داعياً إلى “اعتماد معايير مهنية صارمة في ترشيح واختيار أعضاء البرلمان مستقبلاً”.
المال السياسي
ورغم اتساع ظاهرة تحالفات العشائر في المشهد الانتخابي، إلا أن تأثيرها يختلف بشكل واضح بين المحافظات، ففي المناطق ذات الطابع الريفي والقبلي القوي، مثل أجزاء من الجنوب وغربي العراق، تُمثل المباركة العشائرية شرطاً شبه إلزامي لدخول السباق الانتخابي.
بينما تخف حدة هذا التأثير في المدن الكبرى، حيث تبقى الانتماءات السياسية والدينية عاملاً أكثر حضوراً في تحديد خيارات الناخبين، ويرى مختصون أن هذا التباين الجغرافي يعكس طبيعة المجتمع العراقي المركبة، لكنه في الوقت ذاته يسلط الضوء على مشاكل حقيقية تواجه العملية الانتخابية.
وإلى جانب الحضور الاجتماعي المتصاعد للعشائر، يبرز المال السياسي كعامل حاسم في صياغة التحالفات العشائرية خلال موسم الانتخابات، إذ تشير تقارير ميدانية عن لجوء بعض القوى السياسية إلى شراء ولاءات عبر التمويل المباشر أو الوعود بالمناصب والخدمات، في محاولة لضمان الأصوات الجماعية للعشائر المؤثرة.
وتحذر أصوات اجتماعية، من أن التنافس الانتخابي داخل العشائر قد يتحول إلى صراعات محلية تهدد النسيج الاجتماعي، خصوصاً مع تصاعد الانقسامات العائلية بسبب تباين الدعم بين المرشحين، ويرى مختصون أن هذه الانقسامات قد تمتد آثارها إلى ما بعد الانتخابات، مسببة توترات مجتمعية يصعب احتواؤها بسهولة.
انحراف خطير
بدوره، أكد الباحث في الشأن السياسي عادل الجبوري، أن “تنامي ظاهرة المرشحين القبليين تمثل انحرافاً خطيراً قد يؤدي إلى جعل البرلمان القادم عبارة عن صورة مناطقية وعشائرية، بدلاً من أن يكون مؤسسة تشريعية تعتمد على الكفاءات وأصول العمل البرلماني”.
وأوضح أن “الدوافع الأساسية وراء هذا التوجه تتمثل في سعي المرشحين للحصول على الامتيازات التي يوفرها مجلس النواب، من رواتب مرتفعة وحصانة وسلطة”، مشيراً إلى أن “هذا الواقع قد يؤدي إلى عزوف قطاع واسع من أبناء الشعب عن المشاركة في العملية الانتخابية”، مشيرًا إلى أن “استمرار هذه الظاهرة من شأنه أن يزيد من ضعف الأداء النيابي ويعمق حالة الإحباط لدى المواطنين تجاه النظام السياسي برمته”. في المقابل، يرى وجهاء وزعماء قبائل أن دعم العشائر لأبنائها في الانتخابات يمثل ممارسة اجتماعية مشروعة، نابعة من طبيعة البنية المجتمعية العراقية، ويؤكد هؤلاء أن العشيرة تمثل غالباً عامل استقرار اجتماعي وسياسي، وأن دعم مرشحين من أبنائها لا يتعارض بالضرورة مع معايير الكفاءة، بل قد يسهم في اختيار شخصيات قريبة من هموم الناس وقادرة على تمثيل قضايا مجتمعية حقيقية داخل البرلمان.
جزء من النسيج المجتمعي
وقال عضو مجلس عشائر بغداد، الشيخ علي عبدالله، إن “العشائر كانت وما تزال جزءاً أساسياً من النسيج الوطني، ودورها في دعم أبنائها خلال الانتخابات لا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، بل يعزز من حضور القوى الاجتماعية الأصيلة في العمل السياسي”.
وأضاف أن “الكثير من مرشحي العشائر يمتلكون خبرات علمية ومهنية محترمة، ولا يجوز التعامل مع الدعم العشائري وكأنه مرادف لغياب الكفاءة”، مشدداً على أن “الانتماء للعشيرة لا يلغي قدرات الفرد ولا يحجّم إمكاناته، بل يمنحه قاعدة اجتماعية قوية تدعمه في خدمة المجتمع”.
وأشار إلى أن “التحدي الحقيقي ليس في دعم العشيرة لمرشحها، بل في التأكد من نزاهة المرشحين وبرامجهم الانتخابية، سواء كانوا مدعومين من عشائرهم أو من أحزاب سياسية”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron