يعيش مجلس النواب العراقي (البرلمان)، حالة من الشلل «شبه التام»، بعد إخفاق هيئة الرئاسة عدّة مرات في عقد جلسة نيابية الأسبوع الماضي، للتصويت وقراءة عدد من مشاريع القوانين، ففيما يحرص أغلب النواب على الحضور في مناطقهم الانتخابية والتواصل مع جماهيرهم، على حساب حضور جلسات المجلس، يخشى آخرون من منح الفرصة لتمرير قوانين خلافية، حال تواجدهم تحت قبّة البرلمان.
في الأسبوع الماضي فقط، أخفقت هيئة رئاسة مجلس النواب- ثلاث مرات- في عقد جلسة نيابية يضم جدول أعمالها 7 فقرات تشريعية.
ووجهت رئاسة مجلس النواب العراقي بضرورة الحضور لجلسات مجلس النواب، فيما دعت الكتل السياسية إلى تحمل مسؤوليتها بإقرار القوانين المهمة.
وذكر بيان لرئاسة البرلمان أن «رئيس مجلس النواب محمود المشهداني عقد اجتماعًا، في مكتبه وحضور النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي، ونائب رئيس المجلس شاخوان عبدالله، حيث جرى خلاله بحث آليات استكمال أعمال المجلس للفترة المتبقية من عمر الدورة النيابية».
وأكد الاجتماع، حسب البيان، أهمية «حضور رؤساء الكتل النيابية والنواب للجلسات المقبلة والمشاركة الفاعلة في التصويت على القوانين الحيوية المرتبطة بالمصلحة العامة وحياة المواطنين، باعتبار ذلك واجبًا وطنيًا لا يحتمل التأجيل».
وشدد الاجتماع على أن «انتظام عمل المجلس يمثل ضمانة لحماية مصالح العراقيين وتعزيز استقرار الدولة ومؤسساتها، فيما أن غياب النواب وعدم اكتمال النصاب القانوني يؤدي إلى تعطيل المسار التشريعي والرقابي ويضر بالمصلحة العليا للبلاد».
ودعت الرئاسة، «جميع الكتل واللجان النيابية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية والالتزام بالحضور بما يواكب حجم التحديات، واستكمال جدول الأعمال وإقرار القوانين المدرجة أو التي وصلت إلى مراحلها النهائية داخل اللجان النيابية، بوصف ذلك مسؤولية مشتركة تقع على عاتق جميع الأعضاء».
واختتمت بالتأكيد على أن «المرحلة المقبلة تتطلب مضاعفة الجهود لإنجاز القوانين التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وبما يعزز المسار الديمقراطي ويحقق تطلعات الشعب العراقي».
غير أن البيان النيابي هذا لم يجد أي صدى على أرض الواقع، ولم يقنع النواب بحضور جلسة الأربعاء الماضي، الأمر الذي أدى إلى تأجيلها «إلى إشعارٍ آخر»، خصوصاً إنها شهدت التأجيل مرتين خلال الأسبوع ذاته.
وعبر نائب رئيس المجلس شاخوان عبدالله، في كلمة مصورة، عن أسفه لـ»عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد جلسة مجلس النواب رغم وجود قوانين وتشريعات مهمة على جدول الأعمال».
وأضاف أن «الحضور لم يتجاوز الـ 50 نائباً، رغم أن الموقعين على قائمة الحضور يبلغ 130 نائباً»، مبيناً أن «هذا الموضوع غير مقبول كون هناك العديد من النواب يأتون من خارج بغداد لحضور الجلسات».
كما حذر عضو مجلس النواب، معين الكاظمي، من تبعات عدم اكتمال نصاب مجلس النواب وتعطيل الجلسات.
وأفاد في تصريحات لمواقع إخبارية محلية، أن «عدم اكتمال النصاب القانوني لجلسات البرلمان أدى إلى تعطيل المصادقة على قوانين مهمة، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة لإعداد مسوداتها، وعمل اللجان النيابية على دراستها وإقامة ورش العمل المكثفة».
وأضاف الكاظمي، أن «غياب النصاب لا يؤثر فقط على جدول أعمال البرلمان، بل يعرقل مشاريع إصلاحية وحيوية كان من المتوقع أن تغير واقع العديد من القطاعات»، محذراً من أن «استمرار هذا الوضع قد يولد حالة من الإحباط لدى المواطنين ويضعف الثقة بالعملية التشريعية».
التغيّب المتعمد لأعضاء البرلمان، يسهم إلى حدٍّ كبير في تأخير تشريع قوانين تخدم فئات كبيرة من المجتمع العراقي، حسب النائب حيدر السلامي.
ويضيف: «حضور عدد قليل من أعضاء مجلس النواب أدى إلى كسر النصاب، ما أخر التصويت على قوانين تمثل حقوق فئات واسعة، وهو ما يبعث رسائل سلبية للرأي العام بشكل عام».
ووفق النائب العراقي فإن «التوافقات السياسية والمحاصصة جميعها عوامل زادت من الإشكاليات»، مؤكداً ضرورة «حضور أعضاء مجلس النواب لإنجاز جداول الأعمال، خاصة أنها تتضمن قوانين تحتاج إلى تصويت، كونها تمثل حقوق فئات مهمة في الوزارات والمواطنين».
وأشار إلى أن «عدم عقد جلسات متكررة بسبب كسر النصاب سيضر بمصالح المواطنين، وهي رسالة لكل القوى السياسية بضرورة الوفاء باليمين القانونية بحضور الجلسات واستكمال التصويت على القوانين».
أما النائب علاء الحيدري، فدعا إلى كشف أسماء النواب الذين تكررت غياباتهم خلال الدورة الحالية، خاصة ممن يعتزمون الترشح مجدداً في الانتخابات النيابية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مؤكداً أن هذا الإجراء ضروري لتوعية الناخبين وتمكينهم من اتخاذ قرارات صائبة في الانتخابات المقبلة في اختيار من يمثلهم.
ورأى أن «من أبرز الإشكاليات التي واجهت عمل البرلمان الحالي هو الغياب المتكرر لعدد من النواب، ما أدى إلى تعطيل جلسات مهمة وتأجيل تشريعات مؤثرة».
وأشار إلى أن «من بين القوانين المعطلة قانون الحشد الشعبي، وقوانين تتعلق بسلم الرواتب، ونظام المحاولات في وزارة التربية، وتنظيم عمل النقابات المهنية وغيرها».
وشدد الحيدري على أن «الوقت قد حان لتحمل رئاسة المجلس مسؤولياتها كاملة، والكشف عن أسماء المتغيبين الذين يسعون للعودة إلى البرلمان، كي يكون الشعب على دراية بمن تسببوا في شلل المؤسسة التشريعية».
وبالإضافة إلى الأسباب الانتخابية، سبق أن أعلن نواب من السنّة والأكراد مقاطعة البرلمان، على خلفية زجّ فقرات جديدة في جدول الأعمال وطرح مشاريع قوانين مثيرة للجدل للتصويت، من دون توافق.
وآخر جلسة لمجلس النواب كانت يوم 27 آب/أغسطس الماضي، حينما عقدها بحضور 167 نائبا، حيث وافق على إدراج مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري الخاصة بقانون الأحوال الشخصية والمرسلة من ديوان الوقف الشيعي على جدول أعمال الجلسة، ومن ثم صوت المجلس على المدونة.
ومن المقرر أن يحلّ البرلمان العراقي نفسه قبل 45 يوماً من تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية (في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل).