القدس (أ ف ب) – أشادت إسرائيل الثلاثاء بخطة السلام التي رعاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة غداة اعتمادها من قبل مجلس الأمن الدولي في قرار يلحظ نشر قوة دولية، بينما أكدت حركة حماس رفضها فرض “آلية وصاية دولية” على القطاع.
وكان المجلس التابع للأمم المتحدة صوّت الاثنين بغالبية 13 صوتا مؤيدا وامتناع روسيا والصين، على مشروع قرار أميركي يدعم خطة ترامب التي أتاحت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس اعتبارا من 10 تشرين الأول/أكتوبر بعد عامين من الحرب.
وتتيح النسخة الأخيرة من النص والتي اطلعت عليها فرانس برس تأسيس “قوة استقرار دولية” تتعاون مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثا للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من القطاع.
يسمح القرار أيضا بإنشاء “مجلس السلام”، وهو هيئة حكم انتقالي لغزة سيترأسها ترامب نظريا، على أن تستمر ولايتها حتى نهاية عام 2027.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن خطة ترامب ستجلب “السلام والازدهار لأنها تشدد على نزع السلاح الكامل، وتجريد غزة من القدرات العسكرية، واجتثاث التطرف فيها”.
وأضاف في منشور الثلاثاء “وفقا لرؤية الرئيس ترامب، سيؤدي ذلك إلى مزيد من اندماج لإسرائيل مع جيرانها، بالإضافة إلى توسيع” الاتفاقات الابراهيمية التي أثمرت تطبيع دول عربية مع إسرائيل.
ووصف السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز القرار بأنه “تاريخي وبناء”. وامتنعت موسكو وبكين عن التصويت من دون استخدام حق النقض.
واعتبر ترامب أن القرار “سيؤدي إلى مزيد من السلام في كل أنحاء العالم”.
لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي يستبعدها القرار من أي دور في حكم غزة، فرأت في بيان أنه “لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطيني السياسية والإنسانية”.
واعتبرت الحركة أن القرار “يفرض آليةَ وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه شعبنا وقواه وفصائله، كما يفرض آلية لتحقيق أهداف الاحتلال التي فشل في تحقيقها عبر حرب الإبادة الوحشية” التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عقب هجوم الحركة على جنوب الدولة العبرية.
– “حق تقرير المصير” –
من جهتها، رحّبت السلطة الفلسطينية بتصويت مجلس الأمن، معتبرة في بيان لوزارة الخارجية أنه “يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة”، بالإضافة إلى ضمان تدفّق المساعدات إلى غزة.
كما اعتبر الاتحاد الأوروبي الثلاثاء أن اعتماد الخطة “خطوة مهمة”.
وتسمح الخطة بإنشاء “قوة الاستقرار الدولية” التي ستعمل على “النزع الدائم للأسلحة من المجموعات المسلّحة غير الرسمية” وحماية المدنيين وإنشاء ممرات إنسانية.
وتحوّل قطاع غزة إلى منطقة منكوبة نتيجة عامين من الحرب.
وعلى عكس المسودات السابقة، يُلمح القرار الذي تم اعتماده إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلا. وينصّ على أنه فور تنفيذ السلطة الفلسطينية الإصلاحات المطلوبة والبدء بإعادة إعمار غزة “قد تكون الظروف مهيّأة أخيرا لمسار موثوق لتقرير الفلسطينيين مصيرهم وإقامة دولة”.
ورفضت إسرائيل بشدة هذا البند.
– “ضرورة العمل على التطبيق” –
ويدعو القرار أيضا إلى استئناف تسليم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع عبر الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن “دولة فلسطين تؤكد ضرورة العمل فورا على تطبيق هذا القرار على الأرض”.
وذكرت أن هذا يجب أن يتم بطريقة تضمن “عودة الحياة الطبيعية، وحماية شعبنا في قطاع غزة ومنع التهجير، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال وإعادة الإعمار ووقف تقويض حل الدولتين، ومنع الضم”.
ورحّب صائب الحسنات (39 عاما) الذي يقيم في مدرسة نازحين بمخيم النصيرات وسط القطاع، بقرار مجلس الأمن.
وقال إن “أي قرار دولي مفيد للفلسطينيين الآن، المهم أن تنتهي الحرب ولا نريد إعادة احتلال للقطاع”.
واضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع إلى النزوح مرة واحدة على الأقل منذ اندلاع الحرب. ولجأ مئات الآلاف الى مدارس ومخيمات موقتة ومناطق مفتوحة نصبوا فيها الخيم، وحيث يفتقرون الحاجيات الأساسية.
وفاقمت الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية من معاناة السكان، حيث أغرقت الخيام التي تؤوي معظم النازحين.
وقالت راوية عبّاس (40 عاما) التي تقيم في منزل شبه مدمر في حي الزيتون بمدينة غزة في شمال القطاع، إن معاناة الناس زادت رغم توقف الحرب.
وأوضحت “بصراحة شديدة الوضع في غزة صعب جدا… لا يوجد طعام ولا مياه ولا منازل لنا حتى الآن، الشتاء بدأ واوضاع الناس كارثية، أطفالي الصغار يقفون ساعات بطوابير حتى نحصل على جالون مياه وكوبون بعض الطعام”.