الوثيقة | مشاهدة الموضوع - سباق محتدم: مفاوضات صعبة لتحديد رئيس البرلمان القادم تفاهمات معلّقة على ضوء أخضر شيعي وكردي
تغيير حجم الخط     

سباق محتدم: مفاوضات صعبة لتحديد رئيس البرلمان القادم تفاهمات معلّقة على ضوء أخضر شيعي وكردي

القسم الاخباري

مشاركة » الاثنين ديسمبر 15, 2025 3:24 am

3.jpg
 
بغداد/ تميم الحسن

يقترب ما بات يُعرف بـ«الإطار السني» من لحظة اختيار رئيس جديد للبرلمان. لكن الإعلان، على ما يبدو، لن يكون وشيكًا، إذ ما زال مرهونًا بموافقة بقية المكونات وشبكة تفاهمات أعقد مما تبدو عليه في العلن.
«الإطار» الذي أُعلن عن تشكيله قبل نحو شهر، يدير «صفقات» بشكل هادئ خلف الأبواب المغلقة، بحسب تعبير قيادي سني، فيما تتسرب معلومات تشير إلى أن محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، يتقدم نحو ولاية ثالثة، رغم وجود منافسين أقوياء يخوضون معركة لكسر عودته.
غير أن المشهد لا يخلو من مفاجآت محتملة. أطراف سنية تقع خارج دائرة التفاوض ترى أن الرياح قد لا تجري كما يشتهي المتنافسون، خصوصًا بعد دخول واشنطن على خط تشكيل الحكومة. هذا التدخل، بحسب تقديرات تلك الأطراف، قد يعيد خلط الأوراق ويفتح الباب أمام اسم مختلف لرئاسة البرلمان.
وكشفت القوى السنية في تشرين الثاني الماضي، وبعد أيام فقط من إعلان نتائج الانتخابات، عن تشكيل تحالف جديد يشبه إلى حد كبير «الإطار التنسيقي»، ضمّ قادة خمسة أحزاب سنية رئيسية مع عدد مقاعد قد يتجاوز 70 نائبًا، تقدمهم رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، زعيم حركة «تقدّم» التي نالت الحصة الأكبر بين القوى السنية في البرلمان المنتخب (27 مقعدًا)، ورئيس «تحالف السيادة» رجل الأعمال خميس الخنجر.
وعلى الفور، فتح التجمّع الذي أطلق على نفسه اسم «المجلس السياسي الوطني» ملف اختيار رئيس البرلمان، المنصب السني الأهم في معادلة الحكم. وجاء هذا التحرك بعد أسبوع واحد فقط من إعلان «الإطار التنسيقي» نفسه الكتلة الأكبر داخل البرلمان، في إشارة قرأها مراقبون على أنها رد سياسي مباشر ومحاولة لموازنة النفوذ داخل معادلة تشكيل السلطة.
«بانتظار الضوء الأخضر»
سياسي قريب من أجواء المفاوضات، طلب عدم الكشف عن اسمه، يقول إن محمد الحلبوسي، الذي شغل رئاسة البرلمان لدورتين، بات الأقرب للعودة إلى المنصب، «لكن السباق لم يُغلق بعد». ويضيف: «هناك أسماء أخرى مطروحة، بينها مثنى السامرائي وزياد الجنابي، فضلًا عن مرشحين لم يُكشف عنهم حتى الآن».
السياسي، الذي أدلى بتصريحه لـ«المدى» مساء أمس، رجّح أن تكون ليلة الأحد حاسمة في اختيار الاسم، لكن من دون إعلان رسمي. فالاتفاق، وفق قوله، «لن يخرج إلى العلن قبل الحصول على موافقة بقية المكونات».
وبحسب المعطيات، كان من المقرر أن يعقد «المجلس السياسي الوطني» اجتماعًا وُصف بـ«الحاسم» اليوم (أمس الأحد)، لاختيار مرشحه لرئاسة مجلس النواب، في منزل مثنى السامرائي، زعيم «تحالف عزم». الاجتماع مؤجّل منذ الأسبوع الماضي، وفق تصريحات صدرت عن مسؤولين في التحالف.
ويشرح السياسي المطلع أن «أي اسم لن يمر من دون موافقة الإطار التنسيقي والقوى الكردية»، مشيرًا إلى وجود تحفظات كردية على عودة الحلبوسي، قد تعرقل حسم الملف سريعًا.
هذه التحفظات تعود إلى مواقف الحلبوسي بعد إلغاء عضويته من رئاسة البرلمان أواخر عام 2023 على خلفية «قضية تزوير». حينها، أطلق سلسلة تصريحات حادة ضد إقليم كردستان، ولمّح لاحقًا إلى نية القوى السنية المطالبة بمنصب رئاسة الجمهورية، وهو المنصب الذي يشغله الأكراد عرفًا منذ 2003.
في المقابل، تحرّك منافسوه باتجاه أربيل. ففي الأسابيع الأخيرة، التقى كل من مثنى السامرائي وزياد الجنابي — المنشق عن الحلبوسي — زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بينما لم يُسجَّل لقاء مماثل للحلبوسي، رغم تسريبات تحدثت عن محاولات مصالحة بين الطرفين.
وعلى الضفة الأخرى، يبدو الحلبوسي، الطامح إلى ولاية ثالثة، معتمدًا على شبكة علاقاته التي نضجت مؤخرًا مع القوى الشيعية، لا سيما مع قيس الخزعلي، زعيم «العصائب»، الذي التقاه الأسبوع الماضي، ومع هادي العامري، زعيم «منظمة بدر»، في لقاء جمعهما أمس.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن محمد الحلبوسي لا يكتفي بالسعي إلى استعادة رئاسة البرلمان، بل يتجه أيضًا إلى حجز وزارتين لصالح معسكره داخل الحكومة المقبلة، مستندًا إلى موقعه باعتباره زعيم «الكتلة الأكبر» داخل البيت السني.
لكن الداخل ليس وحده في المعادلة. فبحسب السياسي القريب من مسارات التفاوض، هناك تدخلات إقليمية مؤثرة في اختيار رئيس البرلمان، مع تنافس واضح بين دول مجاورة، مثل تركيا وقطر، «إذ تدعم كل دولة مرشحًا مختلفًا».
وفي هذا السياق، استقبل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأسبوع الماضي، قياديي المجلس السياسي للقوى السنية خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي في الدوحة، على هامش انعقاد مؤتمر الدوحة 2025، بحسب بيانات رسمية للطرفين.
وذكرت البيانات أن اللقاء تناول «ملفات وقضايا مشتركة بين البلدين والمنطقة»، مع تأكيد أهمية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة بما يضمن تمثيلًا حقيقيًا لجميع أطياف الشعب العراقي، ويعزز وحدة الموقف الوطني في مرحلة توصف بأنها من الأكثر حساسية.
«هدنة الضرورة»
لم يكن جلوس محمد الحلبوسي إلى طاولة واحدة داخل «الإطار السني» مع مثنى السامرائي، وخميس الخنجر، وأبو مازن أحمد الجبوري — أحد أركان التحالف رغم غيابه عن مؤتمر الإعلان — خطوة سهلة أو قليلة الكلفة. فهؤلاء تبادلوا على مدى السنوات الأربع الماضية سيلًا من الاتهامات والشتائم العلنية، بلغت ذروتها خلال انتخابات 2025، ما جعل اجتماعهم أشبه بهدنة سياسية أكثر منه مصالحة حقيقية.
وبحسب قراءات سياسية، يُرجَّح أن يكون هذا التحالف بطبيعته «مؤقتًا»، لا يتجاوز هدفه الأساسي المتمثل في حسم تقاسم المناصب، قبل أن تعود الخلافات القديمة إلى الواجهة. بل إن التحالف، وهو لا يزال قيد التشكل، واجه تحذيرات من جهات سنية بشأن وجود شخصية «غير موثوقة» داخله، في مؤشر مبكر على هشاشة التفاهمات التي بُني عليها.
ورغم ذلك، أصرّ المجتمعون، وفق بيان صدر عقب الاجتماع التأسيسي، على تقديم «المجلس السياسي الوطني» بوصفه مظلة جامعة للقوى السنية، تتولى تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى والقرارات إزاء الملفات الوطنية الكبرى، في وقت كانت فيه خريطة التحالفات في بغداد تُعاد صياغتها بسرعة لافتة.
وأكد قادة المجلس أن التكتل سيكون «منفتحًا على جميع الشركاء الوطنيين»، ومتمسكًا بما وصفوه بـ«الثوابت الجامعة» التي تضمن وحدة العراق واستقراره، وتحفظ حقوق جميع مكوناته دون استثناء، في رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن السنة قرروا خوض مفاوضات تشكيل السلطة هذه المرة بصف واحد.
غير أن هذا المشهد، بنظر أطراف سنية أخرى، قد لا يستمر طويلًا. إذ يرى القيادي السني أثيل النجيفي، في حديث لـ«المدى»، أن المسار هذه المرة يتجه نحو سيناريو مختلف، بفعل دخول الولايات المتحدة على خط التفاوض.
النجيفي، القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية العراقية، والذي يؤكد أنه خارج مسار المفاوضات الحالية، يعتبر أن جوهر ما يجري لا يكمن فقط في ترتيب البيت السني، بل في الحوارات التي تُدار داخل هذا المكوّن في ظل واقع عراقي «قد يكون مختلفًا»، نتيجة الضغوط الأميركية المتزايدة على الإطار الشيعي.
ولهذا، يضيف النجيفي، فإن اللقاءات الأهم التي تستحق المتابعة هي تلك التي كان محورها إقليم كردستان. ويختم بالقول: «في قناعتي، إن أي تفاهم سني–كردي حقيقي يمكن أن ينقل العراق إلى مرحلة مختلفة، وهي مرحلة يحتاجها البلد بشدة في هذا التوقيت».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار