في خطوة تعكس نجاحاً لافتاً للسياسة النقدية في مواجهة التحديات الاقتصادية المعقدة، أعلن محافظ البنك المركزي العراقي، الدكتور علي العلاق، أن العراق تمكن من تحقيق “المعادلة الصعبة” عبر كبح جماح التضخم ليصل إلى 1% فقط، بالتزامن مع تحقيق قفزة نوعية في الاحتياطيات الأجنبية بنمو بلغ 140%. وأكد العلاق أن هذه الإنجازات تشكل حجر الزاوية في معركة تحقيق الاستقرار المالي وتوفير غطاء آمن للاقتصاد الوطني.
جاءت تصريحات المحافظ خلال محاضرة ألقاها في القاهرة تحت عنوان “تمويل التنمية في ظل أزمة الديون العالمية”، حيث شدد على أن الحفاظ على الاستقرار المالي يُعدّ من أصعب التحديات التي تواجه الدول، خاصة في ظل اقتصاد عالمي مضطرب، وواقع عراقي يواجه ضغوطاً سياسية وجيوسياسية متشابكة.
وأوضح العلاق أن الاقتصاد العراقي لا يزال تحت “هيمنة” الإيرادات النفطية التي تشكل أكثر من 90% من المالية العامة، واصفاً إياها بالمصدر غير المستقر الذي يعرّض الموازنة لتقلبات الأسعار العالمية. ودعا إلى ضرورة تبني حلول هيكلية عاجلة لتنويع الاقتصاد وكسر هذه الهيمنة عبر تعظيم الموارد غير النفطية، وهو ما يعمل عليه البنك المركزي بالتنسيق المباشر مع رئاسة مجلس الوزراء.
ولفت إلى أن محدودية القطاعات الإنتاجية حولت العراق إلى بلد مستورد بامتياز، مما يفرض ضغطاً مستمراً على سعر صرف الدولار. ورغم ذلك، أكد أن السياسة النقدية نجحت في تحقيق توازن دقيق بين إدارة السيولة، والحفاظ على استقرار الأسعار، وتحفيز النمو الاقتصادي.
وفي سياق متصل، كشف العلاق عن خطة إصلاح شاملة للقطاع المصرفي يجري تنفيذها بالتعاون مع شركة دولية متخصصة، تتضمن إعادة تقييم تراخيص المصارف وفق معايير جديدة لتعزيز متانة الجهاز المصرفي ورفع كفاءته.
وعلى صعيد أدوات التمويل، أشار المحافظ إلى أن مشروع قانون متكامل لإصدار الصكوك الإسلامية قد تم تقديمه إلى البرلمان، مؤكداً أن إقراره سيفتح آفاقاً جديدة للتمويل والاستثمار في البلاد.
وفي ختام محاضرته، وجه العلاق دعوة لإنشاء منصة حوار إقليمية بين الدول الدائنة والمدينة، مشدداً على أن التفاوض المنظم يمكن أن يقلص خسائر الديون التي قد تصل إلى 25%، ويسهم في تعزيز الإصلاحات الاقتصادية للدول المدينة.
