الوثيقة | مشاهدة الموضوع - علماء يكتشفون مجرة تشبه مجرتنا لكنها نشأت في مراحل مبكرة من عمر الكون
تغيير حجم الخط     

علماء يكتشفون مجرة تشبه مجرتنا لكنها نشأت في مراحل مبكرة من عمر الكون

مشاركة » الأحد يونيو 21, 2020 9:51 am

1.jpg
 
لندن-“القدس العربي”: تمكن باحثون من رصد مجرة تشبه مجرتنا إلا أنها أقدم بكثير، إذ تعود نشأتها إلى المراحل المبكرة من نشأة الكون، ما يضع، حسب مجلة “ساينتفك أميركان” العلماء أمام ضرورة إعادة النظر بتصوراتهم حول تكوم المجرات. وتقول الكاتبة العلمية نولا تايلور ريد: “يُعد هذا القرص الدَّوَّار من الغاز والنجوم الأقدم من نوعه على الإطلاق؛ نظرًا إلى أنه تشكَّل بعد انقضاء نحو 1.5 مليار عام فقط على الانفجار العظيم، حين لم يكن عمر الكون يتجاوز نحو 10 في المئة من عمره الحالي. ويُقدم هذا القرص دليلًا قويًّا على أن بعض المجرات الأولى كانت باردةً في المراحل الأولية من نشأتها.”

وتابعت أنه “حتى وقتنا هذا، كانت أغلب المجرات المبكرة التي تمكَّن الراصدون من تحديدها عبارة عن كتل غير منتظمة بلا أقراص، أشكالها مشوهة، وغازاتها ساخنة، بفعل تصادماتها المتكررة مع مجرات بدائية. ولقد توصَّل علماء الفلك بالفعل إلى عددٍ من المجرات القرصية التي تنتمي إلى بضع مليارات الأعوام الأولى من تاريخ الكون. بيد أن بعض الباحثين يعتقدون أن هذه الأجرام السماوية قديمة بالقدر الذي يكفي لجعل غازها باردا بالفعل، وهو الأمر الذي يُضفي غموضًا على جذور نشأتها.”

إلا إن هذه المجرة تشكل تحديا لهذه الاعتراضات، وقال مارسيل نيليمان، عالِم الفلك في معهد ماكس بلانك للفلك بمدينة هايدلبيرغ الألمانية، وأول مَن وضع دراسةً تُسجِّل هذه المشاهدات، وقد نُشرت في دورية “نيتشر”: “اكتشفنا مجرةً تحتوي بداخلها على كمية كبيرة من الغاز البارد. لو كانت قد تكوَّنت من خلال الوضع الساخن للتراكم، لما كان لها وجود من الأساس”.

وتوافقه قوله عالِمة الفلك، كورال ويلر، التي تهتم بدراسة تطور المجرات بجامعة كاليفورنيا في مدينة سان دييغو إذ تقول إن “هذه المجرة تقدم دليلًا قويًّا جدًّا على الوضع البارد للتراكم”. ويعتقد نيليمان وزملاؤه بأن الاكتشاف الجديد يعني أن “غالبية الجيل الأول من المجرات تكوَّنت إما من خلال الوضع البارد للتراكم أو بفعل تصادماتها مع مجرات أخرى حديثة العهد.”

وقالت ريد: “لطالما ثار الجدل بين الباحثين حول ما إذا كان الغاز المتدفق داخل أقدم المجرات ساخنًا أم باردًا. ففي حين تُؤيد عمليات المحاكاة فكرة الغاز البارد، طرح المتشكِّكون تساؤلاتٍ بشأن مدى صحة تلك الاستنتاجات الافتراضية، وقد فعلوا ذلك لسببٍ وجيه: فبحكم الضرورة، عملت تلك النماذج على تبسيط الكثير من أبرز التأثيرات البيئية الخاصة بالمجرة، مثل عمليات التغذية الراجعة من المُستعرات العُظمى والثقوب السوداء، التي قد تؤدي في ظروف مغايرة إلى تسخين الغاز البارد.”

واعتبر رايان ترينور، عالِم الفيزياء الفلكية بكلية فرانكلين ومارشال: “لقد استمر الجدل في هذا الشأن على مدى العقدين الماضيين”. ومن التحديات القائمة أمام تعقُّب المجرات الأقدم، الحاجة إلى مُستهدفات كبيرة وساطعة بالدرجة التي تكفي لرصدها من على بُعد مسافات كونية هائلة. وبناءً على ذلك، فإن أكثر الأجرام السماوية سطوعًا هي المرشحة أكثر من غيرها لأن تُرصَد. ومن أجل التغلُّب على هذا التحيُّز، قرر نيليمان وزملاؤه الاستفادة من منهج وضعه عالم الفلك الراحل آرثر وولف يتضمن استخدام مصفوفة مرصد أتاكاما الملليمتري/ تحت الملليمتري الكبير في تشيلي، الذي تمكَّنوا من خلالها رصد مجرات أمام نجوم زائفة “كويزارات” وهي ألمع الأجرام السماوية المعروفة في الكون. وتوضح ريد أنه “بينما يمر الضوء المنبعث من نجم زائف عبر الجزء الأمامي من المجرة، يمتص الغاز المنبعث من تلك المجرة بعضًا من الضوء، مكوِّنًا بذلك ما يُطلق عليه نيليمان الظلال”.

ومن خلال دراسة الظلال، أو خطوط الامتصاص، باستخدام مرصد أتاكاما، استطاع علماء الفلك تعقُّب الحركة الدائرية للغاز غير الكثيف بالمجرة التي تم اكتشافها عام 2017. وقد أطلقوا عليها اسم قرص وولف، تكريمًا لمستشار أعضاء الفريق وزميلهم السابق. وكشفت عمليات الرصد بعضًا من أكثر نجوم المجرة لمعانًا، التي تم استخدمها للتقديرات التي تُفيد بأن مجرة قرص وولف تُنتج في المتوسط 16 نجمًا بحجم الشمس سنويًّا. كما كشف، حسب ريد، “عمليات الرصد التي أجراها مرصد هابل أن الغاز الذي يَعوق النجم الزائف لا ينبعث من قلب مجرة وولف، بل من الحواف الخارجية لها، وهي منطقة يُتوقع فيها أن تقل كثافة الغاز”. ويظن الباحثون أن ما يرونه هو أحد خيوط المادة المظلمة التي تُمرِّر الغاز إلى قرص وولف. وقال جيه زافيَر بروتشاسكا، أحد أعضاء الفريق وأحد المشاركين في الدراسة، وعالِم الفلك في جامعة كاليفورنيا في مدينة سانتا كروز: “لا يمكننا البرهنة على أنه خيط مجرِّي، ولكنه بعيد تمامًا عن منطقة تكوين النجوم بالمجرة”.

ويأمل الفريق من خلال الاستعانة بالنجوم الزائفة أن يتغلب على التحيُّز البحثي الذي واجهته الدراسات السابقة. وقد حقق الفريق نجاحًا نسبيًّا. يقول ألفريد تايلي، عالِم الفلك بجامعة ويسترن أستراليا: “ينتهي بك المطاف على الأرجح إلى أخذ عينات أكثر إنصافًا من مجموعة المجرات بهذه الطريقة”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى علوم الفضاء

cron