واستأنف مجلسا الشيوخ والنواب عملهما في ساعة متأخرة من الأربعاء للتصديق على فوز بايدن بأصوات المجمع الانتخابي، بعد مشاهد الفوضى العارمة عند مبنى الكابيتول، وامتد النقاش حتى الساعات الأولى من صباح الخميس.
وبعد المداولات رفض الشيوخ والنواب اعتراضين على أعمال فرز الأصوات، وصادقا على نتيجة التصويت النهائية للمجمع الانتخابي على فوز بايدن بواقع 306 أصوات مقابل 232 صوتا لترامب.
وقال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، في معرض الإعلان عن إجمالي الأصوات، إن هذا “سيُعتبر إعلانا كافيا عن الرئيس المنتخب للولايات المتحدة ونائب الرئيس”.
ولم تكن نتيجة إجراءات المصادقة موضع شك أبدا، لكن مثيري الشغب عرقلوا الإجراءات بتشجيع من ترامب وشقوا طريقهم عبر الحواجز الأمنية، وحطموا النوافذ، وتسلقوا الأسوار واقتحموا مبنى الكونغرس.
وأصر ترامب على الادعاءات الكاذبة بأنه الفائز بنتيجة الانتخابات، لكنه قال إن الانتقال سيكون منظما.
وأوضح في بيان على موقع “تويتر” نشره المتحدث باسم البيت الأبيض دان سكافينو “حتى على الرغم من رفضي التام لنتيجة الانتخابات، والحقائق التي تدعم موقفي، إلا أنه سيكون هناك انتقال منظم في 20 يناير /كانون الثاني”.
واندلعت الفوضى الأربعاء بعد أن خطب ترامب أمام الآلاف من أنصاره قرب البيت الأبيض وطلب منهم التوجه إلى مبنى الكونغرس للتعبير عن غضبهم. وطالب أنصاره بالضغط على المسؤولين المنتخبين لرفض النتائج، وحثهم على “الكفاح”.
وقال قائد إدارة شرطة العاصمة الأمريكية واشنطن، روبرت كونتي، إن أربعة أشخاص لقوا حتفهم داخل الكونغرس واعتُقل 52 بعدما اقتحم أنصار ترامب المبنى.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إرسال قوة قوامها 6200 من عناصر الحرس الوطني في 6 ولايات إلى العاصمة واشنطن، لدعم شرطة الكابيتول وغيرها من الأجهزة الأمنية.
وعلى إثر هذه الأحداث تتالت الاستقالات داخل الإدارة، فقد استقالت وزيرة النقل إيلين تشاو، احتجاجاً على اقتحام الكونغرس، ومثلها فعل نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي مات بوتينغر، وكذلك رايان تولي، مدير الشؤون الأوروبية والروسية في مجلس الأمن القومي، استقال أيضا من منصبه.
وأشارت مصادر مطلعة أن اثنتين من كبار مساعدي السيدة الأمريكية الأولى ميلانيا ترامب استقالتا أيضاً، بينما يفكر روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي بالاستقالة.
وطالب زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، أمس الخميس، بتفعيل التعديل 25 بالدستور الأمريكي لعزل ترامب على الفور، مضيفا أن الكونغرس سيحاكم ترامب إذا لم يتحرك بنس.
وقال شومر في بيان “ما حدث أمس بالكونغرس الأمريكي هو تمرد ضد الولايات المتحدة بتحريض من الرئيس، لا ينبغي للرئيس البقاء في السلطة ليوم واحد بعد ذلك”.
وأضاف: “إذا رفض نائب الرئيس والحكومة التحرك، فإنه ينبغي للكونغرس الانعقاد لمحاكمة الرئيس”.
وحسب موقع “الحرة” الأمريكي، فقد أرسل جميع النواب الديمقراطيين الأعضاء في لجنة العدل النيابية رسالة إلى بنس يطالبونه فيها بتفعيل التعديل الخامس والعشرين “دفاعاً عن الديمقراطية”.
واعتبر النواب في رسالتهم أنّ الرئيس المنتهية ولايته “مريض عقلياً وغير قادر على التعامل مع نتائج انتخابات 2020 وتقبّلها”.
واستدعت أحداث الهجوم على الكونغرس في أمريكا مواقف وردود فعل عالمية، فقد حملت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ترامب المسؤولية، فيما غرّدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على تويتر “أنا أؤمن بقوة المؤسسات الأمريكية وديمقراطيتها. إن انتقالا سلميا للسلطة هو جوهرها. فاز جو بايدن في الانتخابات. أتطلع إلى العمل معه كرئيس قادم للولايات المتحدة”.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن سلوك ترامب الأخير كان “خاطئا تماما”، متهما إياه بإثارة مزاعم لا أساس لها من الصحة بتزوير الانتخابات، وبأنه شجعهم على السير إلى مبنى الكابيتول.
كذلك قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقطع فيديو “لن نستسلم لعنف قلة تريد التشكيك في الديمقراطية”.
ورأت روسيا أن اقتحام الكونغرس الأمريكي يشكل دليلا على دخول الولايات المتحدة بمرحلة تراجع. وقال مسؤولون فيها إن النظام الانتخابي الأمريكي والانقسامات العميقة في البلاد تجعل الديمقراطية فيها “عرجاء بالكامل” .
في السياق، أجرت الصين مقارنة الخميس بين اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكونغرس والاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ العام الماضي، لكنها أشارت إلى عدم سقوط قتلى عندما استولى المتظاهرون على مبنى المجلس التشريعي في المدينة الخاضعة للحكم الصيني.
إلى ذلك، رأى الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الديمقراطية الغربية “هشة وضعيفة”، محذرا من صعود “الشعبوية”.
