الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الإقليم الكردي: إيران تفضل بافل طالباني وبايدن قد يفقد محفظته على ضفاف دجلة
تغيير حجم الخط     

الإقليم الكردي: إيران تفضل بافل طالباني وبايدن قد يفقد محفظته على ضفاف دجلة

مشاركة » الاثنين يوليو 26, 2021 5:28 pm

15.jpg
 
بافل طالباني ليس أحد الزعماء الذين تظهر صورهم على أغلفة المجلات الدولية، فهو ليس رئيس حكومة ولا عسكرياً معروفاً، لكنه من النشطاء الذين يحدثون تأثير الفراشة. وإن لم تكن حركته ملموسة فقد تحدث هزات غير متوقعة. حتى بداية هذا الشهر كان رئيساً شريكاً مع شقيقه لاهور طالباني في حزب الاتحاد الوطني، وهو حزب العائلة الذي أسسه والده جلال طالباني. في هذا الشهر، سيطر بافل على الحزب وعين نفسه الرئيس الحصري له. كلمة “حزب” هي تعريف مقلص لتنظيم يسيطر على الجزء الشرقي للإقليم الكردي في العراق. ولقيادته قوة عسكرية، ويسيطر على حقل الغاز الوحيد الموجود في شمال العراق، إضافة إلى آبار النفط التي تضخ حوالي 10 في المئة من إجمالي النفط الذي ينتج في الإقليم. لهذا التنظيم علاقات خارجية وتجارية وثيقة مع إيران، الجارة، ليس لأسباب أيديولوجية بل لأسباب اقتصادية، ويختار وفقاً لذلك الشركاء السياسيين في البرلمان والحكومة العراقية.

يبدو الإقليم الكردي تجاه الخارج منطقة متجانسة تؤيد الغرب، وله علاقات وثيقة مع الإدارات الأمريكية على أجيالها. ولكن لا حاجة إلى مجهر للعثور على الخلافات العميقة والخصومات العنيفة أحياناً والفجوات بين أجزاء الإقليم وفي كل جزء فيه. بعد الحرب الأهلية الطويلة والدامية في التسعينيات بين مؤيدي طالباني ومؤيدي بارزاني، تم الاتفاق وبجهود كثيرة، على إقامة سلطات حكم موحدة تدير أجزاء الإقليم، وتقسيم الوظائف بحيث يفيد الطرفين اقتصادياً.

ولكن الهيكلية السياسية المتفق عليها لم تُزل العداء السياسي بين شطري الإقليم بين أتباع كل من طالبان وبارزاني لأنه إقليم عائلي. رئيس الإقليم هو نتشروان بارزاني، ابن شقيق مسعود بارزاني الذي كان رئيس الإقليم حتى العام 2017، وهو حفيد مصطفى بارزاني، الزعيم الأسطوري للأكراد في العراق. رئيس حكومة الإقليم هو مسرور بارزاني ابن مسعود بارزاني. سلالة عائلية موازية تدير الجزء الشرقي للإقليم. رئيس الحزب، كما قلنا، هو بافل طالباني. شقيقه كوباد هو نائب رئيس حكومة الإقليم. وابن شقيقه لاهور، الابن الثاني لجلال طالباني، كان رئيس جهاز المخابرات في شرق الإقليم الكردي، “جسم استخبارات مواز يعمل في غرب الإقليم”.

المشكلة هي أن لاهور الذي تم “إبعاده” الآن من قبل بافل، هو حليف قديم ومخلص للإدارة الأمريكية والمخابرات الأمريكية. وقد كان شخصية رئيسية في نضال الأكراد ضد “داعش” ومعارضاً شديداً لتدخل إيران وتركيا في الإقليم الكردي. وتركيا تعاديه لأنه أوجد علاقات بين الإدارة الأمريكية والأكراد في سوريا، الذين تعتبرهم منظمة إرهابية وحليفاً لحزب العمال الكردستاني “بي.كي.كي”، الذي تدير ضده حرباً ضروساً. العلاقات بين إيران ولاهور جيدة، لكن إيران تفضل بافل لأنها تقدر بأن التحكم فيه أسهل.

التفسير السائد الآن في الإقليم الكردي هو أن سيطرة بافل على الحزب هي نتيجة تخطيط ومساعدة مشتركة من إيران وتركيا، المعنيتين في ترسيخ نفوذهما في شرق الإقليم، ومن خلال ذلك التأثير أيضاً على نتائج الانتخابات العامة المتوقعة في العراق في تشرين الأول القادم. وبعد فترة قصيرة على سيطرة بافل على رئاسة الحزب، قام بتعيين سلمان أمين ووهاب حلبجي في رئاسة المخابرات المحلية ورئاسة وحدة محاربة الإرهاب. وهما كانا عضوين في الحركة الإسلامية الكردية ويقيمان علاقات وثيقة مع المخابرات الإيرانية. قد يدل هذا التعيين على أن قيادة شرق الإقليم تتجه نحو تنسيق وطيد مع طهران، ومنذ الآن وحتى موعد الانتخابات ستركز على تعزيز الكتلة التي تؤيد إيران في البرلمان العراقي.

في الشهر الماضي زار وفد برئاسة بافل طالباني بغداد من أجل الالتقاء مع زعماء الأحزاب الشيعية وفحص احتمالات تشكيل كتل مشتركة. رئيسة قائمة الاتحاد الوطني في البرلمان (حزب طالباني)، علا طالباني، أعلنت في حينه أن “كتلة الفاتح هي الحزب الأكثر قرباً من الاتحاد الوطني الكردي”. كتلة الفاتح العراقية تتشكل من أحزاب شيعية تؤيد إيران، برئاسة هادي العامل، وهو الزعيم السياسي للمليشيات الشيعية التي قامت قوات أمريكية بمهاجمتها مؤخراً رداً على مهاجمة أهداف أمريكية في العراق.

يبدو أن هذا الموقف المؤيد لإيران هو رد مضاد للتعاون الذي تم نسجه بين رئيس الحكومة العراقي، مصطفى الكاظمي، وبين البارازانيين والزعيم الانفصالي مقتدى الصدر، الذي يعارض تدخل أمريكا وتركيا وإيران في العراق. قبل عشرة أيام، أعلن الصدر أنه ورجاله الذين حققوا انتصاراً كبيراً في الانتخابات السابقة لن يتنافسوا في الانتخابات القادمة. ولا تأكيد على تمسكه بهذا الإعلان، لكن طهران تفحص كيفية استغلال الفراغ الذي سينشأ وأي دور سيكون لحلفائها الأكراد لملئه. في حين أن الإدارة الأمريكية لا تسارع إلى تشكيل سياستها في الجبهة العراقية والسورية، وفي الوقت الذي يظهر فيه اسم بافل ولاهور وكوباد كأسماء لأبطال من قطاع الطرق، فإن جو بايدن قد يكتشف أن محفظته قد سرقت منه على ضفاف دجلة.

بقلم: تسفي برئيل
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron