الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل سَتُفشِلْ إيران الخطر الأمريكي والاسرائيلي والتركي على حدودها.. وكيف؟ د. جواد الهنداوي
تغيير حجم الخط     

هل سَتُفشِلْ إيران الخطر الأمريكي والاسرائيلي والتركي على حدودها.. وكيف؟ د. جواد الهنداوي

مشاركة » الثلاثاء أكتوبر 05, 2021 8:01 am

متعدّدة هي بوّابات هذا الخطر، والذي لم يعُدْ خطر، و انما اختراق للحدود وعمليات اغتيال ومنصّات ترصّد وتجسّس، وتصريحات رسمّية اسرائلية لانجاز اتفاقات ضّدَ ايران ،مع دول تشاطر ايران الحدود؛ بوّابة اذربيجان ،بوّابة كردستان ، بوّابة الامارات و البحرين.
ولم تتردّد وسائل اعلام اسرائيل بالتصريح علناً، وخلال زيارة وزير خارجية اسرائيل للبحرين ولقاءه لملك البحرين، بان دولة البحرين والكيان المحتل درساً انجاز اتفاق عسكري لمواجهة خطر المُسيّرات الايرانية على البحرين وعلى المنطقة ( انظر في ذلك ،جريدة القدس العربي ليوم السبت الموافق ٢٠٢١/١٠/٢ ) .
كيّف تصرّفت ايران ازاء هذا الخطر و بوّاباته؟
تلتزمُ ايران الصمتْ، على الاقل لتاريخ اليوم، ازاء بوّابة الخليج البحرين والامارات)، رغم سرعة وتيرة التطبيع، والاشهار عن تعاون امني وعسكري بين هذه الدول والكيان المحُتل، ورغم بعض التصريحات العدائية المستفزّة لايران. لماذا هذا الصمتْ؟
ايران ،ترى ،كما اعتقد ،بأنَّ جغرافية الامارات و البحرين و قدراتهما العسكريّة، لا تمنح اسرائيل عمق عسكري وامني للتدخل في ايران او للمناورة مع ايران. كما انَّ وجود اسرائيل على الضفة الاخرى من الخليج ليس بالامر الجديد ، فالقواعد الامريكية و البريطانية و الفرنسيّة المنتشرة في البر و البحر والجو على ضفة الخليج هي بيوتات لاسرائيل، وتبادل المعلومات والتعاون بين اسرائيل وا امريكا و الدول الغربية على قدمٍ وساق، وخاصة فيما يخّصُ المنطقة وملفاتها .
وصمتْ ايران لا يعني تجاهلها لما يجري ويدور على الضفة الاخرى من الخليج، وقد يُغري صمت ايران هذه الدول بالتمادي والوقوع في فخ خطأ فادح، يمنح ايران فرصة التدخل الغليظ، او على الاقل التهديد بالتدخل الغليظ و الابتزاز، و الذي لا يفضْ الاّ بمكاسب لايران! لاسيما و أنَّ دول الخليج لم تعُدْ على سّكة سير واحدة .
و بدأت ايران تعلن صراحة ،على خلاف الماضي، بأن جزر طنب الصغرى وطنب الكبرى وجزيرة ابا موسى هي جزء لا يتجزأ من الاراضي الايرانية، وكأن لسان حالها يقول لو لمْ تكْ ايران في هذه الجزر الاستراتيجية ومنذ عام ١٩٧١، لكانت الآن قواعد عسكرية اسرائيلية !
تُريد ايران في التزام الصمت ازاء مايجري بين اسرائيل و البحرين والامارات، ان تؤكد ما تقوله و تدعيه بعدم التدخل في سياسات دول الخليج، وإنَّ عدائها مع اسرائيل وليس مع دول الجوار، كما انها ( اي ايران ) في حوار بنّاء مع المملكة العربية السعودية، وتراهن كثيراً على هذه العلاقة ، وترى في العلاقة أيجابيات تفوّق سلبيات العلاقة الاسرائلية الخليجية .
تواجه ايران، كما تُصّرح رسميا وتقول ، خطر تسلّل عملاء لاسرائيل الى الاراضي الايرانية، عبر اقليم كردستان العراق ، وتتهم بعض الجهات في الاقليم بالتعاون مع هولاء الارهابيين ،وتسهيل عبورهم وبالتنسيق مع الجهات المعنية في اسرائيل. وطالبَ قبل اسابيع ، رئيس اركان الجيش الايراني حكومة الاقليم وكذلك الحكومة الاتحادية في العراق بأتخاذ ما يلزم لمنع تسلّل الارهابين الى الاراضي الايرانية ( انظر في ذلك ،مقالنا المنشور بتاريخ ٢٠٢١/٩/٢٧، في مواقع متعددة وفي صحيفة رأي اليوم الاكترونية بتاريخ ٢٠٢١/٩/٢٩، المقال بعنوان مؤتمر التطبيع في كردستان و موقف ايران ) . اكتفت ايران ازاء اقليم كردستان بالمطالبة بضبط الحدود و التحذير ، وعزّزت موقفها بأتصالات وتفاهم مع اقليم كردستان والسلطات الاتحادية . و لا تتردّد ايران ،بين الحين و الاخر، بتنفيذ قصف مدفعي او صاروخي ،او طيران مُسيّر صوب مواقع تحسُبها ايران وكراً ومنطلقاً لعملاء الموساد تجاه الاراضي الايرانية . ترى ايران، كما أظُنْ، بأن خطر استخدام اراضي اقليم كردستان ضّدْ امنها القومي قائم، ولكن تحت السيطرة ، ومن السهل معالجته عسكرياً وسياسياً ، و أصبحت الفعاليات العسكرية الايرانية و كذلك التركية في اقليم كردستان امراً مألوفاً، و مُبرّرة لهما (لايران ولتركيا) بحجّة الدفاع عن امنهما القومي، وتتعايش سلطات الاقليم ،وكذلك السلطات الاتحادية مع الامر ، وكأنه عملاً مشروعاً .
تتعامل كل من تركيا و ايران ،بمرونة عالية و حذر ، مع ادواتهما ،على ارض الاقليم : لاتتردد ايران في استخدام وتوظيف الكرد المناهضين لتركيا إنْ لمست تعاون تركي اسرائيلي ضّد امن ومصالح ايران ، وجميع هذه المناورات تتّمُ على ارض الاقليم ،مما يجعلهُ مستضعفاً سياسياً وعسكرياً امام مصالح و قوة الدول الاقليمية المحيطه به .
تواجه ايران وعلى حدودها الشمالية ، ومن بوابّة اذربيجان ، خطريّن : خطر امني وعسكري اسرائيلي و امريكي و خطر اقتصادي استراتيجي ،بمحاولة اذربيجان و تركيا بقطع الطريق البري الذي يربط ايران باوربا و، والذي يمّرُ عبر الاراضي الارمينية الحدودية مع اذربيجان .
تأخذ ايران هذه المخاطر والتهديدات على محمل الجّد ، ولم تكتفْ بالتصريحات التحذيرية الواضحة لاذربيجان و تركيا ، و واجهتها بتحشيدات عسكرية واسعة و شاملة لمختلف الصنوف العسكرية ، ومناورات عسكرية تقارب حالة حرب قائمة . لم تخفْ ايران معارضتها لسماح اذربيجان لاسرائيل بأقامة منصّات تجسّس و قواعد عسكرية تستهدف المصالح و الاراضي الايرانية . ولم تسترْ ايران في تصريحات رسمية قيام تركيا و اسرائيل بنقل اعداد كبيرة من ارهابي داعش و زجهّم على الحدود الشمالية الايرانية .
ما يُعين و يدعم ايران في موقفها ازاء اذربيجان و تركيا هو روسيا ،حيث تعارض وبشّدة وجود الارهابيين على مقربة من حدودها وفي القوقاز ،كما انها تعارض وبشّدة ايّة تغيير استراتيجي في جغرافية وسط و غرب اسيا وفي مسارات طرق نقل الطاقة .
سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron