الأحزاب التي تتمسك بمنطق ماضي العملية السياسية في توزيع المناصب بحسب آلية التوافق المتصلة بنتائج انتخابات مزورة في اغلبها في الدورات الأربع الماضية، مدعوة اليوم لمصارحة الشعب بالحصيلة الخدمية والاستثمارية والانتاجية التي نتجت عن خياراتها تلك التوافقية، وقد تحولت الى غطاء ثقيل للمفاسد والغنائم والابتزاز والتصفيات والولاء للأجنبي.
ليس للعملية السياسية البائسة أي تراث في ما يقرب من عقدين من الزمن، لكي يتحسر العراقيون على انهاء العملية والشروع بخط بداية جديد، ينطلق من تعديل الدستور وإقرار تشريعات واضحة حول سيادة الدولة داخل حدودها، عبر سيادة القانون على الجميع، وليس من خلال شعارات استهلاكية عمياء حول طرد الأجنبي في حين ان موازنة البلد النفطية لا تزال تصرف عبر البنك الأمريكي الفيدرالي كل شهر ، وفي حال عدم صرفها شهرا واحدا ينهار الوضع الاقتصادي بطريقة مفزعة.
الأنظمة الشمولية والديكتاتورية سقطت لسبب مباشر هو عدم قدرتها على تطوير نفسها أو تجديد أدواتها أو حتى تغيير وجهها على نحو شكلي أو حتى سماع أصوات الآخرين حولها، وهذه الحالة تعيشها العملية السياسية في العراق منذ انتجها الحاكمان الامريكيان بول بريمر وزلماي خليل زادة قبل احتلال العراق وبعده، حتى وصلت الأحوال الى طريق مسدود، حتى لو جرى فتحه بعملية قسطرة من قوى خارجية مؤثرة، فإنّ الانسداد السياسي القاتل، لا محالة، سيعود بعد فترة وجيزة.
لذلك لا يجوز جعل انفسنا نتفاجىء بالازمة الجارية بين الاطار التنسيقي الشيعي والتيار الصدري، حيث برزت حقيقة تجاهلتها أحزاب شيعية بشأن التيار الصدري، عند استمرار النظر اليه كونه سطحا خارجيا ليس لديه الجذور والاليات التنظيمية التي تحكم الأحزاب المنافسة الأخرى ، وهذا غلط ، ذلك ان التيار الصدري طوّر نفسه وجدد الياته السياسية بالرغم من البطء والمحدودية في ذلك ، لكنه لم يستسلم لحالة الجمود.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية