الوثيقة | مشاهدة الموضوع - زيارة الرئيس الايراني لموسكو.. توقيتها و أَبعادها د. جواد الهنداوي
تغيير حجم الخط     

زيارة الرئيس الايراني لموسكو.. توقيتها و أَبعادها د. جواد الهنداوي

مشاركة » السبت يناير 22, 2022 3:00 am

موسكو ،اول عاصمة، وصلها الرئيس الايراني بتاريخ ٢٠٢٢/١/١٩، وبعد تنصيبه، الامر الذي يدّلُ على التخطيط لهذه الزيارة، حتى قبلَ تنصيب الرئيس رئيسي. هي زيارة ذات ابعاد استراتيجية لكلا البلديّن ، ولها اثارها على الصعيد الاقليمي، وخاصة ملفات منطقتنا، وعلى الصعيد الدولي.
الرئيس بوتين والرئيس رئيسي، كلاهما بحاجة الى هذا التلاقي، وخاصة في الظرف الراهن. تبدأ مصالحهم المشتركة بالخصومة مع امريكا، وتنتهي بالتحالف مع الصين.
يحّلُ رئيسي ضيفاً على بوتين، في الوقت الذي تعيش روسيا حالة تأهّب قصوى، على حدودها الشرقية مع اوكرانيا ، ويتوقع الامريكان بقرب غزو روسي لاوكرانيا براً و بحراً، وحشد قوات عسكرية روسية على حدود اوكرانيا ، وكذلك دخول قوات روسية الى جمهورية روسيا البيضاء ،لاجراء تدريبات ومناورات مشتركة، وانباء تشير الى ادخال القوات الروسية اسلحة نووية الى جمهورية روسيا البيضاء، الامر الذي يعزّز فرضية الغزو الروسي لاوكرانيا، لدى الادارة الامريكية.
تُحسبْ الزيارة لروسيا ، وهي في حالة تأهب و انذار عسكري ، بمثابة دعماً معنوياً وسياسياً و دبلوماسياً تجاه خصم مشترك ،ليس اوكرانيا وانما امريكا و الناتو .
كما أنَّ ايران ،هي الاخرى ،تحارب دبلوماسياً في فيينا ، امريكا و الغرب ،من اجل مصالحها في الاتفاق النووي الاممي ، ومن اجل رفع العقوبات الامريكية المفروضة عليها ، و تواجه تهديدات اسرائيلية -امريكية مشتركة .
الزيارة اذاً مناسبة لتعزيز إستراتيجية مواجهة مشتركة لخصم مشترك ، وستلعب ايران، على مايبدوا ،دوراً هاماً في تعدّد اطراف استراتيجية المواجهة ،لتشمل الصين ، وحلفاء ايران في المنطقة . سترتبط ايران باتفاقيات استراتيجة طويلة الامد مع الصين ومع روسيا ؛ اتفاقيتها مع الصين، ولمدة خمسين عام وبمبلغ اجمالى 450 مليار دولار، وتنفّذْ في العام الجاري، وهي اتفاقية ذات طابع اقتصادي وتنموي .و اتفاقية استراتيجية مع روسيا ولمدة ٢٥ عام ،تم توقيعها خلال هذه الزيارة ، وهي اتفاقية ذات طابع عسكري وامني.
مثلما تسعى وتحاول روسيا بمنع التمدّد العسكري ، الغربي و الناتوي ، تجاه حدودها ، تحاول ايران ،هي الاخرى بتقليص النفوذ الامريكي في منطقة الشرق الاوسط وفي غرب اسيا ، وقد تمتلك ايران اكثر من روسيا ، قدرات ونفوذ لازعاج امريكا، من خلال حلفائها في المنطقة ، وخاصة في اليمن ، والذي خلقت منه الحرب الحرب قاعدة عسكرية ضاربة ،في الامس في السعودية ، واليوم في الامارات ، وغداً ربما في اسرائيل ،او على قواعد امريكية في المنطقة.
نفّذَ الحوثيون هجومهم على الامارات ، والرئيس الايراني في موسكو ، وفي وقت تستعد فيه امريكا لمواجهة عسكرية مع روسيا في اوكرانيا ، و مواجهه سياسيةّ ،بخصوص الملف النووي مع ايران ، اسرائيل ، و ليس امريكا ، هي التي اعلنت استعدادها لتقديم الدعم في تعريف الهجوم وكشف ملابساته و اسراره ،وتقييم اثاره .
اسرائيل تكاد تكون الجهة الوحيدة التي تتابع وتراقب بدقة مجريات وتفصيلات الزيارة وتنتظر نتائجها بخصوص ملفّين ؛ الملف النووي و الملف السوري . لروسيا علاقات مميّزة مع اسرائيل و روسيا تراعي مصالح اسرائيل ، وناقل رسائل بين اطراف الصراع في المنطقة ، روسيا ايضاً المنظّم لقواعد الاشتباك بين امريكا وتركيا و اسرائيل وايران و سوريا وعلى الارض السوريّة . اسرائيل هي المعنيّة ،بالدرجة الاولى ،بنتائج هذه الزيارة ،وتنتظر بفارغ الصبر ما يهّمها وما يعنيها، واتوقع ان تكون لمسؤول اسرائيلي كبير زيارة لروسيا ،بعد انتهاء زيارة الرئيس رئيسي . سيتفاهم الطرفان ( روسيا و ايران ) على تعزيز دورهما في سوريا ، وكلاهما يفتخران بالحفاظ على سوريا من الانهيار والتفكك وبمحاربة الارهاب و بدعمهما للجيش العربي السوري، وكلاهما ايضاً يسعيان الى احتكار النفوذ وتقاسمه في سوريا وبالتعاون مع الرئيس الاسد ، ويسعيان ايضاً الى اخراج القوات الامريكية والقوات التركيّة .
سيدركُ الذين تمنّوا و سعوا الى اسقاط النظام في سوريا ، بأنَّ فشلهم كان في صالحهم، بقاء سوريا دولة متماسكة هو في صالح امن واستقرار جوارها ولمنطقة ، دولة وبقيادة خصم افضل بكثير من فوضى وبقيادة صديق او حليف ،يمكن التفاهم والاتفاق مع دولة يقودها خصم فيصبح صديق، ولكن لا رجاء من صديق تائه في وسط فوضى.
كاتب ودبلوماسي عراقي
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron