لا ينبغي أن يكون العمل الأمني والعسكري مرتبطاً برد فعل مفاجئ على حدث طارئ، كما انَّ تماس أي خط سياسي مع خط عسكري هو بداية انهيار أية مؤسسة تخص الجيش أو الأجهزة الأمنية. ويتصل بهاتين الركيزتين، ضرورة عدم ركون القيادات العسكرية الى منجزات ماضية واعتبارها نهائية وخط حماية للقطعات لاسيما الميدانية، وانّما الواجب يحتم أن يكون المنجز المتحقق شبه يومي ومستمراً، وليس مرتبطا بعمليات كبرى وفي مناسبات كبيرة ومحددة فقط.
من هنا ينبغي النظر بحذر الى التصريحات التي أطلقها المسؤولون المعنيون بعد الهجوم الذي نفذه تنظيم داعش على مقر سرية في الفرقة الثانية للجيش العراقي، في ناحية العظيم في محافظة ديالى وأدى الى مقتل أحد عشر عسكرياً بينهم ضابط.
سمعنا فوراً كلمات الانتقام والثأر والقصاص والرد القاسي والضربات الماحقة، وسوى ذلك من تعابير كان ينبغي ان تكون مذابة مسبقاً في خطط عمليات كبرى ضد التنظيم، مادامت التصريحات توحي بأنَّ معاقل العدو معروفة وسيكون الرد الانتقامي عليها واضحاً لا لبس فيه.
ماذا كانت تنتظر القوات العراقية لتتحرك، قبل أن تصبح هي ذاتها هدفاً لعدوّها، وتتلقى ضربة التنظيم في ديالى وقبلها قرب كركوك او الطارمية؟
الحقائق الماثلة للعيان، هي انّ الجيش العراقي لا يزال بحاجة الى دعم لوجستي واستخباري من العالم، كما ان الساحتين العراقية والسورية لا تزالان متصلتين في مسألة الوضع الأمني الذي سببه تنظيم داعش هنا وهناك. وقبل ذلك كله ان كلام الدول الكبرى، الولايات والمتحدة وبريطانيا وفررنسا وألمانيا، عن استمرار وجود اخطار محدقة من تنظيم داعش، انما هو أمر حقيقي، ينبغي ان لا يخضع لمعايير النظرات السياسية ذات التشكيك بالنيات، لاسيما عندما يكون الوضع على الأرض بحاجة أصلاً للدعم الخارجي، كأمر واقع .
عندما جرى حل الجيش السابق، وجرى تأسيس جيش جديد، لم يفكر احد في مسألة الوقت الواجب انفاقه لقيام جيش جديد، وخاصة عندما يكون البلد شبه مفلس وخارجا لتوه من حرب كبرى ويواجه أزمات داخلية متعاظمة.
وهذه هي النتيجة، ولا نستبعد توقع المزيد.
الجيش لخطط استراتيجية استباقية، والمسألة حتماً ليست كما يقول العراقيون، فزعة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية