الوثيقة | مشاهدة الموضوع - لماذا اختار اللواء سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني “جزيرة أبو موسى” لتحذير الإمارات والبحرين دُون تسميتهما من التّواجد الصهيوني على أراضيهما؟ وهل جاء هذا التّهديد كرَدٍّ على “قمّة النقب”؟ وعزمهما شراء “قبب حديديّة” إسرائيليّة؟
تغيير حجم الخط     

لماذا اختار اللواء سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني “جزيرة أبو موسى” لتحذير الإمارات والبحرين دُون تسميتهما من التّواجد الصهيوني على أراضيهما؟ وهل جاء هذا التّهديد كرَدٍّ على “قمّة النقب”؟ وعزمهما شراء “قبب حديديّة” إسرائيليّة؟

مشاركة » الجمعة إبريل 01, 2022 12:58 am

2.jpg
 
في وَقتٍ التزمت فيه مُعظم الحُكومات العربيّة الصّمت تُجاه التّحالف الإسرائيلي العربي الجديد الذي وضعت حجر الأساس له “قمّة النقب” يوم الأحد الماضي، بمُشاركة أربعة وزراء خارجيّة دول عربيّة (مِصر، الإمارات، المغرب، البحرين) سواءً كانت مُؤيّدة أو مُعارضة، جاء الرّد الإيراني قويًّا، وعلى لسان اللواء حسن سلامي، القائد العام للحرس الثوري، أثناء زيارته “المدروسة” لجزيرة “أبو موسى” بصُحبة العميد علي رضا تنغسيري قائد القوّات البحريّة في الحرس.
اللواء سلامي “تعمّد” توجيه تهديد صريح إلى “بعض” دول الخليج، وبالتّحديد الإمارات والبحرين، دون أن يُسمّيها، عندما قال “للأسف بعض الأنظمة الحاكمة في الدّول الواقعة في جنوب الخليج الفارسي بادرت بإقامة علاقات سياسيّة وأمنيّة مع الكيان الصهيوني ما يُمثّل تهديدًا جديًّا لأمن المِنطقة وخاصَّةً هذه الدّول نفسها”، وأضاف في تصريحاتٍ نقلتها وكالة فارس الرسميّة “نحن نُعلن بصراحةٍ من أن استِمرار هذا التواصل لا يُمكن القُبول به بتاتًا، وعليهم أن يعلموا (الإمارات والبحرين) أن حُضور الكيان الصهيوني الخبيث في أيّ منطقة يُسبّب زعزعة الأمن”.
الرّد الإيراني على “قمّة النقب” التي انعقدت بدَعوةٍ من يائير لبيد، وزير الخارجيّة الإسرائيلي، وحُضور أنتوني بلينكن نظيره الأمريكي، جاء مُتَوقَّعًا، لأن لبيد أكّد في تصريحاتٍ عدّة، أن هذا التحالف العسكري السياسي العربي الإسرائيلي الجديد يستهدف إيران ولمنعها من انتاج أسلحة نوويّة، ولكن ما لم يَكُن مُتَوقَّعًا أن يَصدُر بهذه اللّغة التهديديّة التحذيريّة القويّة على لسان اللواء حسن سلامي، وأثناء زيارة “مقصودة” لجزيرة “أبو موسى” التي تُطالب الإمارات بعودتها إلى سِيادتها.
مُعاهدات واتّفاقات التّنسيق الأمني والعسكري بين البحرين والإمارات من ناحيةٍ ودولة الاحتِلال الإسرائيلي من ناحيةٍ أخرى تناسلت بشَكلٍ مُتسارع ومُبالغ فيه في الأشهر الأخيرة، وأكّدت تقارير صحافيّة غربيّة أنهما بصدد شِراء منظومات القبب الحديديّة الإسرائيليّة بصفقات قد تَصِل قيمتها إلى عدّة مِليارات من الدّولارات، وافتتاح مكاتب، أو قواعد للمُؤسّسات العسكريّة والأمنيّة الإسرائيليّة في عواصمهما قُرب الحُدود الإيرانيّة.
فإذا كانت صواريخ “الباتريوت” الأمريكيّة الأكثر تطوّرًا فشلت في التصدّي للصّواريخ والمُسيّرات اليمنيّة عندما استهدفت مُنشآت نفطيّة في مدينتيّ أبو ظبي العاصمة السياسيّة، ودبيّ العاصمة الاقتصاديّة قبل بضعة أشهر، فهل ستنجح هذه القبب التي فضحت زيف أُسطورتها صواريخ قِطاع غزّة “شِبه البدائيّة” في التصدّي للصّواريخ الإيرانيّة الدّقيقة والأكثر تَقَدُّمًا؟ مجنون يحكي وعاقِل يسمع.
الإمارات والبحرين لا تَبعُدان عن الشّواطئ الإيرانيّة على الضفّة الشرقيّة من الخليج إلا بضعة كيلومترات، ولهذا فإنّ إقامة قواعد إسرائيليّة، ثابتة أو مُتحرّكة، لاستِهداف إيران يُشَكّل استِفزازًا لها، وتهديدًا لأمنها، وعليهما التّراجع فِعلًا عن هذه السّياسات التي ربّما تُؤدّي إلى زعزعة أمنهما واستقرارهما، وعلينا أن لا ننسى أن الصّواريخ والمُسيرّات التي ضربت أبو ظبي ودبيّ إيرانيّة التّكنولوجيا، وأطلقتها حركة “أنصار الله” الحوثيّة اليمنيّة التي لا تُنكِر الدّعم الإيراني الصّريح لها عسكريًّا وسياسيًّا، والأهم من ذلك أنه من غير المُستَبعد أن يكون هذا الهُجوم جاء بالتّنسيق مع إيران، بشَكلٍ مُباشر أو غير مُباشر.
حِلف “الناتو” العربي الإسرائيلي الجديد الذي تأسّس في “قمّة النقب” ربّما يحمي حُكومة بينيت الإسرائيليّة من السّقوط، أو يُؤجّله لبضعة أيّام أو أسابيع بشَكلٍ أدق، ولكنّه لن يحمي الدول الخليجيّة التي انضمّت، أو تفكّر بالانضِمام إليه، بل ربّما يُعطي نتائج عكسيّة، ويكفي التّذكير بأنّ العمليّات الفدائيّة الفِلسطينيّة الثّلاث التي استهدفت مُستوطنين وجُنود إسرائيليين في بئر السّبع، والخضيرة، ووسط تل أبيب، وأدّت إلى مقتل 11 وإصابة العشَرات، أيّ أضخم بعشرة أضعاف من قتلاهم في حرب غزّة الأخيرة هي أبرز الأمثلة التي تُؤكّد ما قُلناه آنفًا.
بعض الحُكومات الخليجيّة، ونقولها بكُل أسف، ومرارة، تتصرّف بطَريقةٍ “استفزازيّة” لنِصف مِليار عربي بتقاربها مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، عسكريًّا وأمنيًّا وسياسيًّا، والوقوف في خندقها في مُواجهة دولة إقليميّة إسلاميّة جارة لها (إيران) لمنع امتِلاكها أسلحة نوويّة مُفتَرضة، ممّا يُعرّض أمنها واستِقرارها للخطر.
كُنّا نتمنّى في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أن لا يغيب عن ذِهن الوزراء العرب الذين شاركوا في قمّة النقب، أن مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي ومخازنه المُزدحمة بالرؤوس النوويّة لا يَبعُد عن مقرّ اجتماعهم إلا بضعة كيلومترات ويبدو أن هؤلاء الوزراء كانوا “مضبوعين” أو “مسحورين” أو مُخدّرين، وغابت عنهم هذه الحقائق.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء