الوثيقة | مشاهدة الموضوع - منصب الكاظمي عُقدة الأزمة بين «التيار» و«الإطار» الصدر يستنفد آخر أوراقه: حكومة انتقالية وانتخابات مبكّرة مفتاح الحلّ : مشرق ريسان
تغيير حجم الخط     

منصب الكاظمي عُقدة الأزمة بين «التيار» و«الإطار» الصدر يستنفد آخر أوراقه: حكومة انتقالية وانتخابات مبكّرة مفتاح الحلّ : مشرق ريسان

مشاركة » الأحد أغسطس 07, 2022 7:06 am

9.jpg
 
لم يبق أمام مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، سوى استخدام ورقة «الشارع» لتحقيق مطالبه الرامية إلى حلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكّرة، للوقوف بوجه إصرار «الإطار التنسيقي» الشيعي، على المضي في تشكيل الحكومة وفقاً لمبدأ «التوافق» الذي اعتمدته الأحزاب السياسية في العراق منذ 2003 والمخالف لفكر الصدر الداعم لـ«حكومة أغلبية وطنية».

وحملت الأيام الماضية جمّلة تطورات منذ اقتحام أنصار الصدر «المنطقة الخضراء» شديدة التحصين، في بغداد، و«احتلال» مبنى مجلس النواب الاتحادي، من دون أن يواجهوا أيّة عقبات «أمنية» قبل أن يقرروا الاعتصام هناك وانتظار توجيهات زعيمهم.
الجمعة الماضية، أخلى المعتصمون مبنى البرلمان، ونقلوا اعتصامهم إلى خارج أسواره، لكنهم لم يتركوا المنطقة الدولية، تلبية لأوامر الصدر الذي دعاهم أيضاً لإقامة صلاة موحّدة، بمشاركة الصدريين من العاصمة ومحافظات النجف وكربلاء وبابل وواسط.
رغبة الصدر في حلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، يصطدم بعدّة عقبات، أبرزها الدستور وتمسّك الأحزاب السياسية- «الإطار» والقوى المتحالفة معه- بمكاسبها التي ازدادت عقب استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان الشهر الماضي.
وينقسم المشهد في العراق إلى موقفين؛ الأول يؤمن بما يطرحه الصدر، في حين يدفع الثاني باتجاه «حوار وطني شامل» لصياغة عقد سياسي جديد، من دون اللجوء لطلب الصدر «حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة».
وبالإضافة إلى ذلك، فإن بقاء رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي، يعدّ أبرز العقبات التي تعترض طريق التفاوض بين «التيار» و«الإطار». ففيما لا يمانع الصدر من بقاء الكاظمي في منصبه، يصرّ قادة «الإطار» على استبداله بمحمد شياع السوداني، الذي يرفضه الصدر.
القيادي في تحالف «العزم» المؤتلف مع «الإطار التنسيقي» خالد العبيدي، رأى أن «الحوار هو مشكلة العراق الآن» لافتاً إلى أن «جهة تدعو إليه وأخرى تعارضه، وكل له أسبابه».
العبيدي ذكر في إيضاح له أن «‎‏‎الداعين إلى الحوار يرونه الحل القانوني الوحيد لإنهاء الأزمات في الدول التي تملك دساتير دائمة وتعيش تحت مظلته، والرافضون له يرون أن كل الحوارات السابقة لم تنتج سوى اخفاقات وفشل حقيقي في إيجاد حلول عملية لأزمات العراق المستمرة والمتراكمة».
وأضاف: «‎‏‎قبل أكثر من شهر ونصف وتحديدا بعد إعلان الاستقالة الجماعية لنواب التيار الصدري من مجلس النواب، دعونا إلى الاصرار على الحوار مع التيار الصدري حتى وأن اختار بإرادته التنازل عن سلطته التشريعية، وسعى الجميع لذلك لكن بدون نتائج عملية».
ومع تصاعدّ حدّة الأزمة اقترح العبيدي- شغل منصب وزير الدفاع الأسبق- تحديد «بنود الحوار بدون شروط أو قيود، مع وضع اطر زمنية واضحة لتنفيذ مخرجاته تحت مظلة الدستور والقوانين النافذة» داعياً إلى «تشكيل هيئة مستقلة من الخبراء تتولى رعاية الحوار بين ممثلي الأطراف الفائزة بانتخابات 2021 على أن تلتزم هذه الهيئة بمراقبة تنفيذ القرارات ضمن الأوقات المتفق عليها».
واقترح أيضاً «فسح المجال أمام كل شرائح المجتمع للمشاركة بالحوار وعدم اقتصاره على الفائزين بالانتخابات، تلتزم الدولة برعاية وحماية تشكيل هيئة موازية تتكون من قادة الرأي وممثلين عن أحزاب وهيئات شعبية ومهنية من خارج البرلمان للوصول إلى مقررات تساهم في ترصين المخرجات النهائية للحوار وتجعله أكثر تمثيلا للرأي العام».
ورأى أن «مخرجات الحوار وتنفيذ مقرراته يجب ان تكون بخدمة الشعب، فهو صاحب السلطات والمخول الوحيد في اختيار من يمثله عبر صناديق الاقتراع والقادر على مكافأة من يعمل لصالحه أو يعاقب من يتنصل عن وعوده».
وفي المحصّلة، اعتبر العبيدي أن الأزمة في العراق «معقدة» فكل الأطراف لها «حججها القانونية المقنعة ومبرراتها العملية المقبولة» لكنه أكد وجوب «دعم الدولة ومؤسساتها الدستورية وتمكينها من تطبيق القانون ومحاسبة الخارجين عليه، وعلى الجميع الالتزام بدستور قد ننتقده جميعا لكننا لا نملك غيره للتمسك به».
موقف العبيدي ينسجم مع حليفه «الإطار التنسيقي» لكنه لا يلاقي ترحيباً عند «التيار الصدري».
«الصدر سيضغط لتحقيق ما يريده بالذهاب إلى إجراء انتخابات مبكّرة» هكذا علّق المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، على الأزمة الحالية.
وأضاف في حديث لـ«القدس العربي» أن «إجراء انتخابات مبكّرة لم يعد خياراً بل بات أمراً حتمياً» فيما أشار إلى أن «الحديث الآن هو عن موعدها وتفاصيل إجراءها (الانتخابات) وغيرها من الأمور المتعلقة بالخروج من الأزمة».
ووفقاً للبيدر فإن الحلّ الأنسب للأزمة السياسية هي أن «يتبنى الإطار تشكيل حكومة مؤقتّة (6 أشهر- عام) لإجراء الانتخابات. في هذه الحالة سنحقق رغبة الصدر في إجراء انتخابات جديدة مبكّرة، ورغبة الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة كونه الكتلة النيابية الأكبر».
وأقرّ بأن «توجه الصدر يأتي لإطالة عمر حكومة الكاظمي، كما أن الأخير يعمل بهذا الاتجاه، لكن خيار الإطار بإزاحة الكاظمي يعدّ أهمّ بالنسبة لهم من تشكيل الحكومة حالياً».
وحسب البيدر فإن «الإطار يدفع باتجاه إزاحة الكاظمي فيما يسعى الصدر للإبقاء عليه، وهذا الأمر يعدّ أبرز نقاط الخلاف بين الطرفين».
وعبّر الصدر في «تدوينات» وبيانات صحافية وكلمات مُتلّفزة، بمناسبات عدّة، عن عدم ممانعته التحالف مع أطراف «الإطار» من دون ائتلاف «دولة القانون» وزعيمه نوري المالكي، الذي تربطه معه علاقة محمومة منذ 2006 وحتى الآن.
واستبعد البيدر أن يتخلى «الإطار» عن المالكي ووضع يده بيد الصدر.
وأوضح أن «هذا الخيار صعب على المستويين الداخلي (الإطار) والخارجي، خصوصاً أن الصدر عندما كان يريد تشكيل حكومة لم يستطع أن يشظّي الإطار بعزل المالكي عن بقية أطرافه. اليوم الصدر في المعارضة والإطار هو من يتحكم في المشهد».
وتابع: «لو لم يكن المالكي في الإطار لما كان هناك إطار، فهو أقوى بالمالكي وسينهار بغيابه» معتبراً أن «خطوة إزاحة المالكي عن المشهد لن تكون صحيحة، ولن يقدر الصدر على تحقيقها».
والجمعة الماضية، التقت الممثلة الأممية في العراق، جينين بلاسخارت، زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر في مقرّ إقامته بمنطقة الحنّانة في النجف، لبحث إمكانية حلّ الأزمة السياسية.
البيدر وصف تحركات المسؤولة الأممية بأنها «تأتي للتخفيف من حدّة الأزمة وخلق بيئة تسهم في تقريب وجهات النظر. ليس أكثر من ذلك».
لكن رئيس كتلة «بدر» النيابية، النائب مهدي تقي الآمرلي، كشف عن مفاوضات وحوارات بين الصدر والعامري «ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة».
وقال الآمرلي في بيان صحافي مقتضب، إن «العامري أصبح حلقة الأمان والوصل بين التيار الصدري والإطار التنسيقي» لافتا إلى ان «المفاوضات والحوارات بين الصدر والعامري ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة لإيجاد صيغة حل للأزمة الحالية».
الذهاب إلى «الانتخابات المبكّرة» يخضع لجمّلة شروط «دستورية» يجب أن تتوفر.
وينصّ البند ثانيا من المادة 64 في الدستور: يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها 60 يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية.
الخبير القانوني العراقي، جمال الأسدي، أوضح أن «هذا يجعل مدة الـ60 يوماً المشار إليها في الشق الثاني من البند أعلاه يخص المدة التي يحدد فيها الموعد، والتي يجب إلزاماً أن لا تزيد على 60 يوما، ولا يوجد مانع دستوري من ان تجري الانتخابات بعد يوم واحد من نفاذية حل مجلس النواب لنفسه».
في حين تنصّ المادة (64/ أولاً ) من الدستور على ان «يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء».
وكذلك نصت المادة نفسها بفقرتها الثانية على أن «يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً ويواصل تصريف الأمور اليومية».
ويشير الأسدي، في إيضاح لـ«القدس العربي» أنه «من الملاحظ لهذه المادة الدستورية في فقرتها الأولى فانه بالإمكان ان يحل البرلمان نفسه بعد ان يقدم ثلث أعضاء مجلس النواب- 110 نواب- طلباً لحل مجلس النواب، على ان يوافق على هذا الطلب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه وهي (165) نائباً».
أما في الجزء الثاني من البند نفسه، بيّن إنه «يستوجب حل البرلمان بعد ان يقدم طلبا من رئيس مجلس الوزراء ويوافق عليه رئيس الجمهورية وأيضاً يقترن هذا الطلب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه وهي (165) نائباً».
وكذلك نصت الفقرة الثانية من المادة 7 من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي النافذ على أن «يحدد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء وبالتنسيق مع المفوضية العليا للانتخابات».
وخلص الأسدي إلى أن «حلّ البرلمان يتطلب قبله ان تذهب القوى السياسية إلى انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس للوزراء لتشكيل حكومة قد تعد مقدماً كحكومة انتقالية واجبها إجراء الانتخابات المبكرة وتعديل قانون الانتخابات وفقاً لقرار المحكمة الاتحادية، وان يحدد بعدها مجلس النواب تاريخاً محدداً لحل نفسه لإجراء الانتخابات المبكرة، لان النص الدستوري والقانوني يتكلم عن رئيس جمهورية ورئيس حكومة كامل الصلاحيات كي تجري الانتخابات النيابية».
على المستوى الموازي، يقول البيدر إن «تصدّع البيت الشيعي بهذه الطريقة، وخلق عدّة أطراف مؤثرة هو أمر أفضل لإيران» معتبراً إن «إدارة البيت الشيعي بشكلٍ جمعي يعدّ قضية مُكلفة بالنسبة لطهران، الأمر الذي يستنزف إمكاناتها».
وحسب المحلل السياسي العراقي فإن «إيران تريد أن تركز على الموضوع العقائدي والموالاة المطلقة، كون البيت الشيعي الآن يضم تيارات مدنية وأخرى تشرينية (منبثقة عن حراك أكتوبر الاحتجاجي) وأطرافا عربية قومية».
وأشار إلى إن «إيران تركز على الجانب الولائي لضمان بقاء نفوذها في العراق أكثر مدّة ممكنة، والحصول على مكاسب. إدارة الملف الشيعي بشكل مطلق أمر مُرهق بالنسبة لإيران» معتبراً إن الأخيرة «تحاول دائما إظهار وقوفها إلى جانب القوى الشيعية التي تدعمها في العراق، وتذكيرها بأنه لولاها لما استطاعت تلك القوى الوصول إلى ما هي عليه الآن».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron