الوثيقة | مشاهدة الموضوع - زبائن الساسة في العراق-د. نزار محمود
تغيير حجم الخط     

زبائن الساسة في العراق-د. نزار محمود

مشاركة » السبت أغسطس 13, 2022 6:21 am

لكل‭ ‬ساسة‭ ‬بلد‭ ‬انماط‭ ‬من‭ ‬الزبائن‭. ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬سرت‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬واثبتت‭ ‬صحتها،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬وان‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يفقها‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬الى‭ ‬كراسي‭ ‬الحكم‭ ‬والسلطة‭.‬

واذا‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬اسميتهم‭ ‬بالزبائن‭ ‬فإني‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬بالضرورة‭ ‬تشبيه‭ ‬عمل‭ ‬الساسة‭ ‬بالتجار‭ ‬التقليدين‭ ‬تماماً‭ ‬رغم‭ ‬انهم‭ ‬في‭ ‬تشابه‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬نقاط‭ ‬كثيرة‭.‬

ويتنوع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الزبائن‭ ‬في‭ ‬صفاتهم‭ ‬وسجاياهم‭ ‬وقدراتهم،‭ ‬وذلك‭ ‬حسب‭ ‬وعيهم‭ ‬واخلاقياتهم‭ ‬وطبيعة‭ ‬الساسة‭ ‬أنفسهم‭ ‬والزمن‭ ‬الذين‭ ‬يعيشونه‭ ‬والبيئة‭ ‬التي‭ ‬ينشطون‭ ‬فيها‭.‬

كما‭ ‬يتنوع‭ ‬الساسة‭ ‬تبعاً‭ ‬لذلك‭ ‬كذلك‭ ‬بخصائصهم‭ ‬ودرجات‭ ‬تقديراتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومناقب‭ ‬ذكرهم‭.‬

ولست‭ ‬متحاملاً‭ ‬اذا‭ ‬قلت‭ ‬ان‭ ‬ساسة‭ ‬العراق‭ ‬اليوم‭ ‬هم‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬شرف‭ ‬السياسة‭ ‬وقدراتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬بالطبع‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬زبائنهم‭.‬

تعال‭ ‬معي‭ ‬أخي‭ ‬القارىء‭ ‬لنقف‭ ‬على‭ ‬زبائن‭ ‬ساسة‭ ‬عراق‭ ‬اليوم‭:‬

متسولي‭ ‬اكل‭ ‬عيش‭ ‬أو‭ ‬تجار‭ ‬مناصب‭ ‬ومكاسب‭ ‬وغنائم‭.‬

مريدي‭ ‬مراجع‭ ‬وطوائف‭ ‬عرقية‭ ‬ودينية‭.‬

مستعطفي‭ ‬وظائف‭ ‬وفرص‭ ‬عمل

مستنجدي‭ ‬عفو‭ ‬وتحسين‭ ‬سمعة‭ ‬وتزكية‭ ‬سياسية‭.‬

وعند‭ ‬الفحص‭ ‬والتدقيق‭ ‬فإنك‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬زبائن‭ ‬الساسة‭ ‬كثيراً‭ ‬ممن‭ ‬يحمل‭ ‬النية‭ ‬والقدرة‭ ‬والمنهاج‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬وطن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختيار‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬الأنسب‭ ‬والأكفأ‭ ‬والأكثر‭ ‬ايماناً‭ ‬بوطنه‭ ‬من‭ ‬ساسة‭. ‬ومما‭ ‬يزيد‭ ‬في‭ ‬الألم‭ ‬والاحباط‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يبدأ‭ ‬مخلصاً،‭ ‬وهم‭ ‬القلة،‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ينتهي‭ ‬به‭ ‬الحال‭ ‬إما‭ ‬الى‭ ‬عجز‭ ‬وفشل،‭ ‬وإما‭ ‬الى‭ ‬تغير‭ ‬سلبي‭!‬

لقد‭ ‬شهدنا‭ ‬نحن‭ ‬جميع‭ ‬العراقيين‭ ‬وتفاءلنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دورة‭ ‬انتخابية‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الدورة‭ ‬ستكون‭ ‬غير‭ ‬الدورات‭ ‬السابقة‭. ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬دماء‭ ‬جديدة،‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬والقدرات‭ ‬والاخلاص،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬بأن‭ ‬زمن‭ ‬الفساد‭ ‬والخنوع‭ ‬والعمالة‭ ‬قد‭ ‬ولى‭. ‬نفرح‭ ‬وننتظر،‭ ‬ويطول‭ ‬الانتظار،‭ ‬فلا‭ ‬نرى‭ ‬طحناً‭ ‬رغم‭ ‬الضجيج‭!‬

يا‭ ‬سادتي،‭ ‬ليست‭ ‬العلة‭ ‬أساساً‭ ‬في‭ ‬ساستنا،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الناخبين‭ ‬من‭ ‬زبائن،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬في‭ ‬اخلاقيات‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬مواقفنا‭ ‬وسلوكياتنا،‭ ‬وتحدد‭ ‬استعداداتنا‭ ‬للتضحية‭ ‬والتغيير‭.‬
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات