الوثيقة | مشاهدة الموضوع - العِراق انتخب رئيسًا للدّولة وآخَر للحُكومة.. فهل يقبل التيّار الصّدري الخاسِر بالهزيمة؟ وما هي فُرص نجاح الجناح المُنتَصِر بتحقيق الاستِقرار وإخراج البِلاد من أزَماتها؟ وكيف سيكون ردّ فِعل أمريكا على هذه التطوّرات المُفاجئة؟ وهل ستعود الاحتِجاجات إلى الع
تغيير حجم الخط     

العِراق انتخب رئيسًا للدّولة وآخَر للحُكومة.. فهل يقبل التيّار الصّدري الخاسِر بالهزيمة؟ وما هي فُرص نجاح الجناح المُنتَصِر بتحقيق الاستِقرار وإخراج البِلاد من أزَماتها؟ وكيف سيكون ردّ فِعل أمريكا على هذه التطوّرات المُفاجئة؟ وهل ستعود الاحتِجاجات إلى الع

مشاركة » السبت أكتوبر 15, 2022 5:21 pm

1.jpg
 
انعِقاد البرلمان العِراقي في جلسةٍ طارئةٍ يوم 13 تشرين أوّل (أكتوبر)، وانتِخابه الدكتور عبد اللطيف رشيد رئيسًا للعِراق، وتكليفه، أيّ الرئيس رشيد، محمد شياع السوداني بتشكيل الحُكومة الجديدة بعد انسِدادٍ سياسيّ، وفراغٍ دستوريّ لأكثرِ من عام، يُشَكّل اختراقًا مُفاجئًا أثار الارتياح في أوساطٍ عِراقيّة، والقلق في أُخرى.
التيّار التّنسيقي الذي يضم دولة القانون التي يتزعّمها نوري المالكي، وحليفتها كُتلة الفتح المُمثّلة بفصائل الحشد الشعبي المدعومين إيرانيًّا خرجت فائزةً في صِراعها مع التيّار الصّدري الذي أخلى لها السّاحة بانسِحابه من البرلمان، ومُقاطعة العمليّة السياسيّة برمّتها، ولكن إلى حين بالنّظر إلى تقلّبات المشهد السياسيّ العِراقيّ الحافِل بالمُفاجآت.
هذه المُفاجأة التي ما زالت تتردّد أصداؤها في مُختلف أنحاء العِراق بل والمِنطقة بأسْرها بالنّظر إلى مكانة البلاد وإرثها الحضاريّ العظيم قد تُغيّر العديد من المُعادلات السياسيّة والتّحالفات الإقليميّة، سلبًا أو إيجابًا وستبدأ تداعياتها في التّبلور والانعِكاس على الأرض في الأيّام القليلة المُقبلة.
هُناك عدّة أسئلة مطروحة بقوّة حول هذا التطوّر المُفاجئ في السّاحة السياسيّة العِراقيّة “العليلة” أوّلها: هل سيقبل التيّار الصّدري الذي انسحب من البرلمان هذه الهزيمة، ويترك السّاحة لخصمه الإطار التّنسيقي، والسيّد نوري المالكي بالذّات أبرز زعاماته؟ وثانيها: هل تقبل الولايات المتحدة هذا الانتصار لحُلفاء إيران الذين يُعارضون أيّ تعاونٍ معها، ويُطالبون بتصفية وجودها وقواعدها على أرض العِراق، وثالثها: هل سينجح السيّد السوداني في تشكيلِ الحُكومة وفق مبدأ المُحاصَصة الطائفيّة في غُضون مُهلَة الثّلاثين يومًا الممنوحة له، ورابعها: هل ستحظى هذه الحُكومة في حالِ تشكيلها بثقة البرلمان إذا انعقد ثانيةً؟
التيّار الصدري، وعلى لسان محمد صالح العِراقي، المُقرّب من زعيمه مقتدى الصدر أكّد أنّه يرفض المُشاركة في هذه الحُكومة، وسيطرد أيّ عُضوٍ في التيّار ينضمّ إليها، ممّا يعني أن التيّار الصّدري لا يعترف بشرعيّتها، وهذه الغضبة الصّدريّة مفهومة، فالسيّد السوداني رئيس الوزراء الجديد محسوب على السيّد المالكي الذي يُعتبر العدوّ اللّدود للسيّد الصدر وتيّاره الضّخم في الشّارع العِراقي، ويُجادل التيّار أنّه الأحق في تشكيل الحُكومة لأنّه فاز بأكثريّة المقاعد البرلمانيّة في الانتخابات الأخيرة قبل عام، ويرد التكتّل المُقابل بأنّ كُتلته هي التي تملك هذا الحق بسبب عدد مقاعدها البرلمانيّة الأكثر.
يعتقد الكثير من المُحلّلين والخُبراء في الشّأن العِراقي أن التيّار الصدري الذي أصبح خارج العمليّة السياسيّة برغبته سيكون من الصّعب عليه ابتِلاع هذه الهزيمة، والتّعايش مع التّفاهمات الجديدة بين كُتل وأحزاب سياسيّة تخلّى بعضها عنه وطعنته في الظّهر، وسهّلت لخُصومه إحداث هذا الاختِراق الشّرعي بحُضورهم جلسة البرلمان الطّارئة، وتوفير النّصاب والتّصويت لانتخابِ رئيسٍ جديد، وبِما يُؤهّله لتعيين رئيس وزراء وتشكيل الحُكومة بالتّالي.
مَهمّة السيّد السوداني رئيس الوزراء الجديد في تشكيل الحُكومة، وفي غُضون ثلاثين يومًا، قد تكون صعبةً للغاية، ولكنّها ربّما ليست مُستحيلةً، فقد أفادت التّجارب السّابقة، ومُنذ غزو العراق أمريكيًّا عام 2003 أن التّحالفات تتغيّر وتتبدّل بسُرعةٍ بسبب هشاشتها والتدخّلات الخارجيّة، خاصَّةً أن مُعظمها تقوم على أساس التّرضيات والمُساومات، والحِصص الوزاريّة والصّفقات السياسيّة وأحيانًا الاقتصاديّة والماليّة في الغُرَف المُغَلقَة.
هُناك خِياران أمام التيّار الصّدري، وبعد انتِصار خُصومه، وسيطرتهم على المُؤسّستين التنفيذيّة والتشريعيّة في العِراق، الأوّل: الوقوف في موقف المُتفرّج المُراقب، انتظارًا لانفِراط عقد التّفاهمات الجديدة، وإجراء انتخابات جديدة، أو الدّفع بأنصاره إلى الشّوارع في احتجاجاتٍ صاخبةٍ قد تتطوّر إلى صِدامٍ مُسلّح، وربّما إلى حربٍ أهليّة، لأنّ يوم 13 تشرين الأوّل (أكتوبر) وجلسة البرلمان علامة فارقة في تاريخ العِراق، والتيّار الصّدري له سوابقٌ قويّةٌ في هذا المِضمار.
الشّارع العِراقي يشهد حاليًّا حالةً من الهُدوء، ولكنّه هُدوء مُؤقّت لا يُخفي القلق والانقِسام، خاصَّةً أن الأطراف الخارجيّة بدأت تتحرّك للاصطِياد في الماءِ العكر، فأمريكا التي تضع بكُل ثقلها ضدّ السّلطة الإيرانيّة وتُجاهِر بدعمها للاحتِجاجات الشعبيّة الحاليّة ضدّها، سيكون من الصّعب عليها القُبول بسيطرة حُلفاء إيران على الحُكم في العِراق الذي كلّفها غزوه واحتِلاله أكثر من ستّة ترليونات دولار على الأقل.
العِراق يقف حاليًّا على حافّة مُفاجآتٍ عديدةٍ قد يكون بعضها صادم، ولكن متى كان هذا العِراق العظيم مُستَقِرًّا، وبالتّحديد مُنذ الاحتِلال والغزو الأمريكيين؟ فالهدف الأمريكي الثّابت هو تمزيق هذا البلد، وهُويّته الجامعة ووحدته الوطنيّة والترابيّة، والحيلولة دُونَ استِعادة دوره ومكانته الإقليميّة الرياديّة والقياديّة.
نتمنّى نحن في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أن يتجاوز العِراق أزماته، ويسير بخُطى سريعة على درب الأمن والاستِقرار والتّعايش، رُغم أنّنا نعلم جيّدًا أن التمنّيات شيء والواقع شيءٌ آخَر.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء

cron