الوثيقة | مشاهدة الموضوع - سواء طبقت او رفضت: الشروط الأمريكية تضع الاقتصاد العراقي "رهينة" لدى واشنطن وتعزيز الدينار حل مقترح
تغيير حجم الخط     

سواء طبقت او رفضت: الشروط الأمريكية تضع الاقتصاد العراقي "رهينة" لدى واشنطن وتعزيز الدينار حل مقترح

مشاركة » الجمعة يناير 20, 2023 10:27 am

لم يكن افتتاح العام الجديد رحيما على الدينار او الاقتصاد العراقي، هذا ما تحدثت عنه وسائل الاعلام ومراكز التحليل الأجنبية في وصفها للازمة الحالية التي يتعرض لها الدينار العراقي امام الدولار، وبالنتيجة، الاقتصاد العراقي بشكل عام، والمعتمد بشكل شبه كلي على الدولار الأمريكي كالعملة الرئيسية للتبادل التجاري مع دول العالم والحصول على الخدمات والسلع من مصادرها الأجنبية.

المتاعب التي تعرض لها الدينار العراقي خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2022، وبداية العام الحالي، انطلقت مع "رغبة" أمريكية بــ "معاقبة العراق" على "خياراته التجارية والاقتصادية"، بحسب ما بينت شبكة مينا اف ان في تقرير نشرته في الخامس من الشهر الحالي يناير، تلك الخيارات التي قالت ان السلطات العراقية ونتيجة لطبيعة النظام المصرفي والتبادل المالي الورقي في العراق، لا تستطيع ممارسة السيطرة الكاملة عليه.

تحقيق تلك السيطرة، بحسب متطلبات الإدارة الامريكية التي فرضتها على العراق، والتي تهدف بموجبها الى منع تدفق الدولار الى الجهات التي تفرض عليها الإدارة الامريكية عقوبات اقتصادية وتشترك بتعامل تجاري مع العراق، مثل ايران وسوريا، سيقود الى "انتقالة كبيرة" في طبيعة السوق والقطاع المصرفي العراقي، تكون لها "تاثيرات هائلة" ليس فقط على قيمة الدينار العراقي، بل طبيعة التبادل المالي داخل العراق، أسعار السلع والخدمات، والانتقال الورقي للعملة حتى بين الافراد، بحسب الشبكة.

السلطات العراقية تحت ازمة الدينار العراقي وتراجعه امام الدولار باتت امام "مازق" بحسب ما بينت شبكة ذا ناشيونال نيوز في تقرير نشرته في الخامس من الشهر الحالي، الخيارات المطروحة امام السلطات العراقية وتحديدا البنك المركزي للبلاد، باتت تنحسر بين تطبيق الشروط الامريكية والمخاطرة بانتقالة خطيرة تؤثر على الاقتصاد العراقي بشكل هائل، او تجاهل تلك المطالب والتعرض لمزيد من القيود الأمريكي على تدفق الدولار الى العراق، والتي كانت السبب الرئيس في ازمة انخفاض قيمة الدينار الحالية.

 

الاقتصاد العراقي "رهينة" لدى واشنطن.. هكذا تم صناعة الازمة

شبكة ذا ناشيونال نيوز وفي تقرير نشرته في السادس والعشرين من شهر ديسمبر الماضي، أوضحت ان الاقتصاد العراقي حاليا، يخضع لسيطرة مباشرة من الإدارة الامريكية في واشنطن ومن خلال حسابات الحكومة العراقية في الاحتياطي الأمريكي في مدينة نيويورك، حيث تقوم السلطات العراقية ببيع النفط العراقي الى الجهات المستفيدة، وبالمقابل، تقوم تلك الجهات والدول بارسال عملاتها المحلية الى الاحتياطي الأمريكي، لتحويلها الى الدولار.

الاقتصاد العراقي والمعتمد بنسبة 95% على عائدات النفط، يترك تلك العائدات لدى السلطات الامريكية وتحديدا الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، الذي يقوم وبحسب ما أوضحت الشبكة، بالاحتفاظ بالدولار الخاص بالعراق ضمن حساب تابع للسلطات في بغداد، ليتم بعدها ومن خلال عملية طلب وايداع، نقل تلك الأموال وبشكل يومي من الخزانة الامريكية، الى البنك المركزي العراقي، وعبر طلبات رسمية تغطي حاجة العراق اليومية للدولار، وتصل الى نحو 260 مليون دولار امريكي.

سيطرة الولايات المتحدة على الحسابات العراقية التي تحتوي على خزين الدولار الخاص بالاقتصاد العراقي، مكنها من التحكم في الاقتصاد العراقي واستخدام الدولار كورقة ضغط ضد السلطات العراقية، الامر الذي ترجم مع توجه واشنطن خلال العام الماضي، الى فرض قيود على انتقال الدولار من الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، الى الخزينة العراقية والبنك المركزي، مخفضة بذلك ما يصل الى البلد من 260 مليون دولار يوميا، الى نحو 30 مليون دولار فقط، موضحة "لم يسبق للسلطات الامريكية ان تقوم بتاخير او تعطيل طلب عراقي لتزويدها بالدولار الخاص بها من الاحتياطي الامريكي، ولكنها اليوم، بدات بفرض القيود التي تصل فترة التحقق فيها من طلبات الحكومة الى نحو أسبوعين، الامر الذي ترك السوق العراقي متعطشا للدولار، ورفع من قيمته امام الدينار، مسببا الازمة الحالية".

الولايات المتحدة وبحسب الشبكة، تحاول استخدام الدولار الأمريكي واستحواذها على خزين العراق منه، كورقة ضغط لاملاء شروطها للتعامل الاقتصادي العراقي مع دول الجوار والعالم، حيث تحاول منع بغداد من المتاجرة مع الجانب الإيراني والسوري من خلال منع بغداد من الحصول على الدولار اللازم لاجراء عمليات التبادل التجاري المذكورة، متحدثة عن وجود "خروقات" للعقوبات التي تفرضها على كل من طهران ودمشق، ومبينة بان الاقتصاد العراقي "المرهون" لدى الإدارة الامريكية، اصبح ورقة ضغط سياسية على بغداد لتنفيذ الاملاءات الامريكية حول علاقاتها السياسية والتجارية مع دول المنطقة والعالم.

 

بتنفيذ شروط واشنطن من عدمها.. الاقتصاد العراقي معرض "للدمار"

الشروط التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على الاقتصاد العراقي واجبار القطاع المصرفي في البلاد على اعتماد القيود الامريكية في التعاملات التجارية المحلية والخارجية، عبرت عنه شبكة مينا اف ان في تقرير نشرته في الخامس من الشهر الحالي، بانه "دمار" للاقتصاد العراقي بكل الأحوال، مبينة، ان تطبيق السلطات العراقية للشروط الامريكية سيقود الى "اضرار بعيدة المدى" على الاقتصاد العراقي.

وأوضحت الشبكة، ان الاقتصاد العراقي والمعتمد بشكل كبير على التعامل المالي الورقي المباشر بين المواطنين والمؤسسات داخليا، لا يمكن له ان يتبنى النظام الالكتروني الذي تحاول الولايات المتحدة فرضه على القطاع المصرفي والاقتصادي في العراق دون ان يكون له "تاثيرات سلبية واسعة المدى" ستقود في النهاية الى "تخفيض اكبر لقيمة الدينار" والتسبب بــ "شلل" اقتصادي داخل البلاد بسبب الهلع والتذبذب في الأسعار الذي سيصيب السوق العراقي نتيجة للانتقال المتسارع نحو النظام الالكتروني.

الدينار العراقي والذي افتتح العام الجديد بنسبة انخفاض بلغت 10% من قيمته الكلية بحسب الشبكة، قبل ان تعود مرة أخرى للتراجع، سيكون "ضحية" للنظام الالكتروني الذي تحاول الولايات المتحدة من خلاله "فرض الشفافية" من خلال الرقابة الكلية على التعاملات المالية التجارية في السوق العراقي سواء من السلطات او القطاع الخاص، وبالتالي منع وصول الدولار الى الدول التي تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية.

وبينت الشبكة، ان النظام الالكتروني سيتضمن تحويل التعامل المالي من الاعتماد على العملات الورقية المباشرة، والتي تجري في غالب الأحيان داخل الاقتصاد العراقي دون رقابة مباشرة او تدخل من الدولة، الى نظام رقمي تكون كافة التعاملات داخله بالعملة الرقمية والتي يسهل تتبعها ورقابتها بشكل كبير من قبل السلطات في الولايات المتحدة التي تشرف على غالب التعاملات الرقمية الخاضعة للنظام الرقمي.

اهداف الولايات المتحدة بــ "فرض رقابة" على القطاع المصرفي والتعامل المالي الداخلي في العراق لم تأخذ بنظر الاعتبار التبعات السلبية الكبيرة التي ستصيب الاقتصاد العراقي في حال موافقة السلطات العراقية على تبني النظام الرقمي، والتي اقترنت، بخيار اخر لا يقل دمارا على الاقتصاد، بسحب الشبكة.

الخيار الاخر، هو تنفيذ الولايات المتحدة لتهديداتها ضد العراق وحرمان البلد من الحصول على الدولار الخاص به في الحسابات المتواجدة لدى الخزانة الامريكية دون المرور بقيود وإجراءات ستقلل بشكل حاد من وصول العراق الى خزينه من الدولار، الامر الذي سيؤدي بالنتيجة بحسب الشبكة، الى تراجع كبير في قيمة الدينار امام الدولار، وتأثيرات هائلة الضرر على الاقتصاد العراقي، باتت معالمها واضحة الان مع التدهور الكبير في سوق الأسهم العراقي، تراجع نمو الاقتصاد، وارتفاع الأسعار المحلية بالإضافة الى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وإمكانات البلاد في جانب الاستيراد من الخارج.

 في النهاية، خلصت الشبكة الى ان موافقة السلطات العراقية على الشروط الامريكية ستترك اثرا سلبيا كبيرا على الاقتصاد العراقي على المدى البعيد، ورفضها سيؤدي الى تنفيذ واشنطن لتهديداتها، والاضرار بالاقتصاد العراقي بشكل اكبر على المدى القريب من خلال تعظيم تأثيرات ازمة الدينار الحالية.

 

الحل الثالث.. استبدال الدولار باليوان الصيني واستخدام العملة المحلية للتعاملات التجارية

السيناريو المظلم الذي وضعت واشنطن السلطات العراقية امامه بخيارين لا يقل احدهما ضرر على الاقتصاد العراقي من الأخر، دفع بالمختصين الاقتصاديين الى البحث عن طرق أخرى لمعالجة مشكلة سيطرة واشنطن على الاقتصاد العراقي من خلال الدولار، واستخدامه كورقة ضغط سياسية ضد السلطات العراقية.

احد اهم تلك الحلول، كشفت عنه شبكة المونيتر في تقرير اخر نشرته في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، وقالت خلاله، ان البنك المركزي العراقي بات يبحث فعليا في تطبيق ذلك الحل، موضحة "يبحث العراق عن طريقة لتخليص الدينار من الارتباط بالدولار من خلال استبداله بعملة اجنبية أخرى، تلك العملة المرشحة هي اليوان الصيني".

الشبكة اكدت، ان البنك المركزي العراقي باشر فعليا باتخاذ خطوات لتامين الدينار العراقي عبر توفير عملات اجنبية أخرى بدلا عن الدولار تمهيدا لاستبداله كالعملة الأساسية المقترنة بالدينار ولاستخدامها في التعاملات الاقتصادية الخارجية، ومنها اليوان الصيني بشكل رئيسي، اليورو الأوروبي، الدرهم الاماراتي، والدينار الأردني، مؤكدة ان البنك المركزي بدا بشكل فعلي بالحصول على تلك العملات لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

تقرير المونيتر، بين ان المشكلة الأكبر التي تواجه الاقتصاد العراقي والبنك المركزي حاليا وتقف عائقا امام استبدال الدولار بعملة اجنبية أخرى، هو استمرار السلطات ببيع النفط العراقي بالدولار الأمريكي، مشيرة الى ان السلطات العراقية تامل من خلال المرحلة الحالية، توفير المزيد من السيولة المالية بالدينار العراقي، ومنه، استخدام الدينار للتحاسب المحلي خصوصا فيما يتعلق بشؤون الموازنة واحتساب العائدات.

المشكلة الأخرى التي تواجه الاقتصاد العراقي، هو اعتماده على الدولار الأمريكي للتبادل السلعي التجاري الخارجي وتوفير المواد المستوردة، الامر الذي قاد الى افقاد العراقيين من مستخدمي الدينار جزء من قدرتهم الشرائية نتيجة لتذبذب سعر الصرف بمقابل الدولار، الامر الذي يمكن حله باعتماد الدينار العراقي كالعملة الأساسية للتبادل التجاري الخارجي، او عملة اجنبية أخرى مثل اليوان الصيني.

في النهاية، فان تقارير ودراسات المؤسسات ووسائل الاعلام الأجنبية، خلصت الى ان تطبيق السلطات العراقية للشروط الأمريكي او رفضها سيؤدي في النهاية الى ضرر كبير على الاقتصاد العراقي، فيما تستمر مشاكل الدينار بالتدهور طالما يقترن الاقتصاد العراقي بالدولار الذي جعل من الاقتصاد العراقي "رهينة" لدى واشنطن، حيث يترك الدينار جانبا في التعاملات الرسمية الخارجية والداخلية الكبيرة، ومنها تمويل المشاريع الاستثمارية والعقود مع الشركات الأجنبية، بالإضافة الى الاستيراد والحصول على عائدات النفط والتصدير، مقترحة ان تعتمد السلطات العراقية على الدينار المحلي، او الاحتياطي من العملات الأجنبية الأخرى ومنها اليوان الصيني للتعاملات الخارجية، وتعزيز دور الدينار في التعامل الداخلي، من خلال رفع قيمته السوقية عبر الغاء ارتباطه المباشر بالدولار عبر تحرير الاقتصاد العراقي من سيطرة الدولار من خلال الاحتياطات النقدية الأجنبية.

تلك الخطوات، باتت تتخذ بالفعل من قبل دول أخرى تاثرت سلبا بالتضخم الحاصل حاليا في الدولار الامريكية على الرغم من عدم وقوعها تحت التهديد الاقتصادي الأمريكي بقطع تمويل الدولار، ومنها مصر ولبنان وبحسب تقرير اخر نشرته ذا ناشيونال نيوز في الخامس من الشهر الحالي يناير، مؤكدة خلاله، ان السلطات المصرية باشرت بشكل فعلي بإصدار سندات مالية باليوان الصيني بدلا عن الدولار الأمريكي، خصوصا بعد انخفاض قيمة الجنيه المصري بنحو 8% بسبب المشاكل التي بات الدولار يعاني منها، بحسب وصفها، موضحة، بان مصر ولبنان تهدف من خلال تقليل الاعتماد على الدولار الى تحسين اقتصاداتها ورفع قيمة عملاتها المحلية.

الدولار الأمريكي وبشكل عام، بات يواجه مشاكل كبيرة فيما يخص وضعه الحالي كالعملة التي تعتمد للتبادل التجاري الدولي بحسب ما كشفت عنه شبكة ولف ستريت الامريكية المعنية بالشؤون الاقتصادية، والتي رجحت ان يشهد الدولار خلال العام الحالي، مزيدا من التضخم والذي سيؤثر بشكل كبير على الاقتصادات الدولية، وخصوصا للدول التي لا تملك احتياطي نقدي من العملات الأجنبية الأخرى، حيث أوضحت أيضا، ان بعض دول العالم باتت تتجه نحو استخدام اليوان الصيني كاحتياطي مالي مباشر لمواجهة تقلبات وازمات الدولار الحالية.

العراق بشكل خاص، لا يخضع فقط للتاثيرات السلبية لتضخم الدولار فقط، بل لتاثيرات مضاعفة تسببت بها القيود والشروط التي تحاول واشنطن فرضها على العراق، الامر الذي جعل من تقليل الاعتماد على الدولار، تعزيز قيمة الدينار المحلي، وزيادة الاحتياطي الأجنبي من العملات النقدية، امرا ضروريا لحماية الاقتصاد العراقي من الضرر المتوقع تصاعده خلال العام الحالي مع إصرار واشنطن على استخدام الاقتصاد العراقي كورقة ضغط سياسية على حكومة بغداد. 

نقلا عن تقارير المطلع
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron