الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل سيدخل الخلاف السعودي الإماراتي قريبا مرحلة “كسر عظم” في جنوب وشرق اليمن؟ متابعات
تغيير حجم الخط     

هل سيدخل الخلاف السعودي الإماراتي قريبا مرحلة “كسر عظم” في جنوب وشرق اليمن؟ متابعات

مشاركة » الأربعاء مارس 08, 2023 4:38 am

2.jpg
 
تشي اللقاءات والزيارات العسكرية السعودية التي شهدتها بعض محافظات جنوب وشرق اليمن، في الأيام الماضية، أن ثمة تحولاً مرتقبًا في خريطة نفوذ طرفي التحالف؛ إذ يبدو أن السعودية ماضية نحو إعادة الاعتبار لحضورها هناك مقابل “تحجيم” نفوذ الإمارات.

وكشفت تقارير إعلامية أن ما تقوم به الإمارات في اليمن بات مزعجًا للرياض، التي يقول متابعون إنها ماضية نحو إنهاء الحرب في اليمن وتأمين حدودها الجنوبية، وهو موقف لا يتفق مع الإمارات التي تريد استمرار الحرب كبؤرة استنزاف للمملكة بموازاة استمرار أبوظبي في تهيئة نفوذها في سواحل اليمن الاستراتيجية من جهة وبناء قاعدتين عسكريتين؛ الأولى في جزيرة ميون المطلة على باب المندب، والثانية في جزيرة عبدالكوري المطلة على المحيط الهندي.

في هذا السياق، لا يستبعد مراقبون أن التصعيد المبالغ فيه، من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي ضد تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي الأخيرة بشأن القضية الجنوبية كان دافعًا قويًا للسعودية للتعجيل بخطواتها العملية (الأخيرة) في الميدان باتجاه إعادة النظر في خريطة النفوذ في اليمن. يؤكد هذا تقارير إعلامية امريكية كشفت عن خلاف يتصاعد بين الدولتين.

بموازاة اللقاءات العسكرية التي أجرتها الرياض بقيادات عسكرية ومحلية يمنية مستهل مارس/ آذار، ماتزال الرياض، وفق مصادر مطلعة، تستدعي قيادات يمنية جنوبية مناوئة للإمارات، سواء من الذين في الداخل أو الذين اختاروا البقاء خارج اليمن، بمن فيهم نائب رئيس وزراء ووزراء سابقون وقيادات عسكرية ومحلية.

كما عملت الرياض على إعادة قيادات يمنية أخرى كانت اختارت الإقامة خارج اليمن، إذ فوجئ المراقبون بعودتهم للداخل وإعلان بعضهم تصريحات تصب في اتجاه مختلف عما يشهده الواقع.
زيارات معلنة

يأتي هذا بموازاة وعقب لقاءات جمعت قيادات عسكرية سعودية بقيادات يمنية تحت راية التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية. ففي يوم الخميس الموافق الثاني من مارس/آذار الجاري، زار وزير الدفاع اليمني محسن الداعري، ومعه قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، اللواء سلطان البقمي (سعودي)، مواقع التماس في جبهة ثرة شمال محافظة أبين/جنوب، وتفقدا المقاتلين، واطلعا على المستجدات الميدانية. وحسب وكالة الأنباء اليمنية الحكومية، تم خلال الزيارة الاطلاع “على المستجدات الميدانية وأوضاع المقاتلين المرابطين في جبهات العزة والكرامة”.

وفي يوم الجمعة الموافق الثالث من مارس التقى قائد قوات الدعم والإسناد في التحالف العربي اللواء البقمي، في عدن، قائد “قوات المقاومة الوطنية” في الساحل الغربي، العميد طارق صالح، الذي تتموضع قواته في محيط المخا، وهي قوات مدعومة من الإمارات. وحسب وكالة الأنباء اليمنية الحكومية، “ناقش اللقاء مستجدات الوضع في مسرح العمليات الحربية”.

وفي ذات اليوم، التقى محافظ حضرموت /شرق، مبخوت مبارك بن ماضي، في مدينة سيئون، قائد غرفة التحالف في وادي وصحراء حضرموت، المقدّم السعودي علي المطيري.

،يوم السبت الموافق 4 مارس، التقى القائد العام لقوات درع الوطن، العميد بشير المضربي، في مقر القوات بعدن، قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة للتحالف اللواء البقمي، وقائد القوة السعودية في عدن، العقيد ذيب الشهراني. وحسب موقع عدن الغد “أطلع المضربي اللواء البقمي على الجاهزية القتالية لقوات درع الوطن بمختلف ألويتها، مثمنًا الدعم اللامحدود من قبل الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية”.

وتم إنشاء قوات درع الوطن بمرسوم رئاسي خلال يناير/ كانون الثاني كقوات احتياط تتبع رئيس مجلس القيادة الرئاسي. وعملت السعودية قبل صدور قرار الإنشاء على تأسيس هذه القوات، ومازالت تتولى تمويلها وتسليحها وتدريبها كقوة جديدة مناوئة لميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي). وينتمي معظم منتسبي قوات “درع الوطن” للتيار السلفي.
لقاءات غير معلنة

إلى ذلك، أجرى القادة العسكريون السعوديون، باسم التحالف، لقاءات أخرى (غير معلنة)، وفق مصادر يمنية مطلعة، بما فيها لقاءات مع قيادات تنتمي لمحافظة شبوة، من المناوئين للمحافظ الحالي، عوض بن محمد الوزير، الموالي للإمارات، التي سيطرت ميلشياتها في أغسطس/آب ممثلة في قوات دفاع شبوة (قوات النخبة الشبوانية سابقا) على المعسكرات الحكومية هناك، بما في ذلك مركز المحافظة.

علاوة على ذلك، عاد رئيس الوزراء الأسبق، خالد بحاح، من مقر اقامته خارج البلاد إلى مسقط رأسه في حضرموت بشكل مفاجئ مؤخرا، وأصدر عقب عودته تصريحًا يطلب فيه دعم المنطقتين العسكرية الأولى والثانية في حضرموت، في موقف مناوئ لموقف المجلس الانتقالي، الذي يريد دخول وادي حضرموت بمبرر أن معظم المنتمين للمنطقة العسكرية الأولى في سيئون ينتمون لمحافظات شمالية. وهو ما يفهم منه أن السعودية وراء هذا، بما في ذلك عودة محافظ سقطرى السابق رمزي محروس إلى سقطرى، التي غادرها، عقب سيطرة ميلشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، على أرخبيل سقطرى، وتعيين محافظ موال للإمارات.

واعتبر مراقبون أن الحراك السعودي الأخير يكشف عن خطة سعودية لمواجهة نفوذ الإمارات في اليمن، بعد أن صار لها هيمنة على مناطق يمنية استراتيجية، وتسعى حاليا لاستكمال الهيمنة على محافظتي حضرموت والمهرة بعد محافظة شبوة، وهي المحافظات الثلاث، التي تعتبرها الرياض منطقة عمق استراتيجية لأمنها القومي.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قد استعرضت محطات خلاف بين قيادتي البلدين مجالها النفط واليمن. وأشارت الصحيفة إلى انزعاج السعودية من توقيع الامارات اتفاقية أمنية في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومضيها في إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة مطلة على باب المندب، في إشارة إلى جزيرة ميون.
الانفصال.. كخطر

رئيس مركز أبعاد للدراسات، الكاتب عبدالسلام محمد، يربط قراءته للحراك السعودي الأخير بفرضية انفصال الجنوب عن الشمال اليمني باعتباره- لو حصل في ظل التصعيد الأخير- سيكون خطرًا على أمن المملكة.

يقول لـ “القدس العربي”: «باعتقادي أن المملكة ترى في أي تحرك لتعميق انفصال الجنوب في هذه المرحلة خطرًا على أمنها القومي، فهو سيثبت الحوثيين وميلشيات المجلس الانتقالي غير الرسمية على حدودها، ويدفع ذلك إلى سقوط رمزية الدولة اليمنية ما يشجع الجماعات المسلحة والارهابية لملء الفراغ».

وتابع: «يبدو أن الامارات ترى مصلحتها في حصول الانفصال لضمان السيطرة على الموانئ ومناطق النفط وجزيرة سقطرى، وترى في بقاء الحوثي في الشمال عبئا على السعودية وليس عليها، وهذا التناقض في المصالح دفع الرياض للتحرك لتحجيم نفوذ أبوظبي في اليمن بما يمنع الانفصال في المرحلة الراهنة».
حلحلة القضية اليمنية

فيما يتعلق بما سيفضي إليه هذا الخلاف، يقول رئيس تحرير صحيفة إيلاف (توقفت مع بدء الحرب)، الكاتب مُحمّد الخامري لـ”القدس العربي”: «هناك مَن يعول في أن يفضي هذا الخلاف إلى قطيعة، وبالتالي إلى انفراجه في الملف اليمني، لكني لا أتوقع هذا؛ لأن هناك قوى أكبر من السعودية والإمارات، وأعتقد أنها لن تسمح للأمور أن تصل إلى نقطة اللاعودة بين السعودية والامارات، وبالتالي فإن السعودية حاليا تريد أن تخرج أمام مرتزقتها بماء الوجه؛ لأنهم أصبحوا مدركين حجم الهيمنة الإماراتية في المحافظات الجنوبية اليمنية، بينما السعودية هي قائدة التحالف، لكنها ظلت لفترة لا تعلم من أمرها شيئًا في تلك المحافظات، التي يريدونها محررة، وهي ليست محررة، وإنما مدنسة بقوات أجنبية، والدليل على ذلك ما حصل في المهرة مؤخرًا، وما يحصل في سقطرى من تواجد قوات غير عربية وغير إسلامية أيضا».

واستدرك: «لكن مع ذلك أنا كتبت قبل فترة أنني انتظر معركة حاسمة في عدن بين القوات التي انشأتها السعودية وبين مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المتعددة من أحزمة أمنية ونُخب وغيرها… وهي كلها ميلشيات تتبع رأس واحد… وهؤلاء سيلتقون عندما تختلف مصالحهم، وحينها قد تكون هناك كارثة أكبر من كارثة 13 يناير 1986؛ لعدة عوامل أهمها التحشيد العسكري والإمكانات الموجودة حالياً بفارق كبير عما كان في يناير 1986… واتمنى أن أكون مخطئا».

وفي ذات الوقت يأمل الخامري في أن يسهم الخلاف السعودي الإماراتي في حلحلة القضية اليمنية بعدما ساد اليأس، على حد قوله، من قيام اليمنيين أنفسهم بمعالجة أوضاع بلادهم وانهاء الحرب.

يقول: «أصبحنا نعول كثيرًا في أن يؤدي هذا الخلاف إلى حلحلة الأوضاع في اليمن بعدما يئسنا من أن يقوم اليمنيون أنفسهم كقيادات سياسية وعسكرية وغيرها في حلحلة الأوضاع وإنهاء الحرب».

وتابع: كان يفترض بهذه القيادات أن تكون وطنية، لكن يئسنا منهم، وأصبحنا نبحث عن كيفية حل الأوضاع وانتهاء الحرب وعودة السلام من خلال اختلاف الحلفاء، وهذا للأسف وضع غير صحيح، لكنه وضع الضرورة الذي حشرنا فيه السياسيون اليمنيون بغبائهم وارتزاقهم لمن يدفع.

وفيما يتعلق بدور الحكومة اليمنية يقول الخامري: أعتقد أن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا لازالت مغيبة، ودورها لم يكن على مستوى الطموح الطبيعي كقيادات دولة، لأنهم، للأسف، سلموا الجمل بما حمل للسعودية والإمارات، ورضوا أن يكونوا على الهامش، ودليلنا على ذلك المفاوضات الجارية منذ أشهر في عُمان بينما الشرعية مغيّبة عنها تمامًا، بل إن قيادات في الشرعية تعمل على إفشالها؛ لأن نجاحها سيعيدهم إلى صنعاء، وهم لا يريدون العودة؛ لأنهم وَجودوا أن مكاسب مواقعهم خارج اليمن أكبر بكثير من العودة إلى صنعاء، وتحولوا من قيادات حكومية إلى تجار حرب، وتجار الحرب لا تتكدس أرصدتهم إلا في ظل الحروب».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron