الوثيقة | مشاهدة الموضوع - دجلة والفرات بين الحقوق المكتسبة والسياسة المائية التركية. محمد حسن الساعدي
تغيير حجم الخط     

دجلة والفرات بين الحقوق المكتسبة والسياسة المائية التركية. محمد حسن الساعدي

مشاركة » الأربعاء مارس 08, 2023 9:26 am

تعد مشكلة المياه من المشاكل الرئيسية للعراق كونها تحتل مكاناً بارزاً في صدارة المشاكل التي تواجهها الدول،إذ أن السياسات التي تتبعها (دول المنبع) أدت إلى خلق الأزمات بين الدول المشتركة، وتركيا من الدول التي تنتهج سياسة القطع في عدم السماح لمرور كميات كافية من المياه إلى العراق، وعلى الرغم من استحقاق العراق لكامل حصته المائية في نهري دجلة والفرات،بوصفهما نهريين دوليين يخضعان للقوانين الدولية التي تحمي الدول المتشاطئة والمطلة على الأنهار في ضمان حصتها من المياه.
تتصرّف تركيا وكأن العراق ما زال في فترة الحرب في تسعينيات القرن الماضي، وكما لو أن "اتفاقية التعاون وأمن الحدود" لعام 1983، التي فتحت الطريق أمامها للقيام بالعمليات ضد حزب العمال الكردستاني في الداخل العراقي ما زالت فاعلة.
لقد شكّلت هذه الاتفاقية أرضية مشروعةً للعمليات ضد حزب العمال الكردستاني، وكان قد تمّ توقيع بروتوكول أمني عام 1984 فتح الطريق أمام القوات التركية لدخول الحدود العراقية إلى عمق 5 كيلومترات. راهنت الحكومات التركية المتعاقبة على الخلافات الداخلية العراقية، ولا تزال سياستها تدور حول النفوذ الإقليمي وحول مسألة الموصل كركوك، وما يتصل بها من قضايا الحدود والنفط، وحول مسألة المياه.
تركيا التي تتحكم بالحصة المائية للعراق لايمكنها أن تتجه بهذا الاتجاه ما لم تكن مدفوعة من مصالحها الخفية،والتي ترتبط إلى حد كبير باستهداف العراق ومياهه،والتي أدت إلى حرمانه من التمتع بكامل حقوقه من مياه النهرين،كما ان سياستها المائية لاتؤثر فقط في نصيب العراق من المياه من الناحية الكمية والنوعية فحسب،بل يمتد تأثيرها في تحديد السياسة المائية وتوجيهها لبقية الدولة الأخرى .
السياسة المائية التركية تجاه العراق تعمّقت،وباتت ذات تأثيرات سلبية كبيرة على الوضع المائي وتعميق أزمة المياه فيه بعد قيام الجانب التركي بإنشاء العديد من المشاريع الاروائية والسدود على نهري دجلة والفرات لتحقيق مصالحها وخلق مشاريع تنموية في منطقة جنوب شرق الأناضول،واستخدام المياه كوسيلة ضغط سياسية مع العراق،مخترقة بذلك القواعد والقوانين الدولية المنظمة لحقوق الدول وحصصها المائية،إلى جانب مخالفتها لمبدأ الإضرار بغيرها من خلال استمرارها في أنشاء السدود والخزانات على نهري دجلة والفرات دون مراعاة لحقوق العراق المائية.
إن الاعتداء التركي على الحصة المائية للعراق، يجب أن تعده الحكومة العراقية عملا عدائياً من جانب تركيا، يستلزم اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاهه. وبما أن بغداد لن تستطيع تحشيد الجيوش على حدود تركيا كما فعلت في عام 1990 ، لأسباب عديدة ، إلا أنها تستطيع استخدام الملف الاقتصادي الذي يشير إلى أن حجم التبادل التجاري يصل لأكثر من 20 مليار دولار بضائع من تركيا إلى العراق عبر المنافذ الحدودية،وبالتالي أصبح العراق اكبر سوق للبضائع التركية في المنطقة والتهديد بقطعها كورقة ضغط اقتصادية ،كذلك تحريك الجانب الاممي عبر قناة الأمم المتحدة لدفع أنقرة وثنيها عن التمادي في تجفيف العراق وقتل الحياة فيه.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron