الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مفاوضات مع دول الجوار حول الحقوق المائية.. دون نتيجة! متابعات
تغيير حجم الخط     

مفاوضات مع دول الجوار حول الحقوق المائية.. دون نتيجة! متابعات

مشاركة » الجمعة مارس 10, 2023 5:19 am

2.jpg
 
داهم العراق جفاف مبكر، ما ينذر بشح مياه قاسٍ في الصيف المقبل، ويهدد الحياة في عموم العراق، تحديدا في القرى التي تعتاش من نهري دجلة والفرات. ويعتبر قطع المياه عن العراق من دول المنبع سببا رئيسيا في تفاقم الأزمة، وكان للجانب العراقي مفاوضات عديدة بهذا الشأن اخرها تجري الآن، وصفها مختصون بـ”المستهلكة والكلاسيكية”.

وناقش رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ازمة شح المياه وآثارها على الواقع الإنساني والزراعي، وآليات دعم وزارة الموارد المائية في خططها المعدة لمعالجة شح المياه، فضلاً عن مناقشة الجهود الدبلوماسية في هذا الإطار، يوم 2 من الشهر الجاري، بحضور كل من وزراء الموارد المائية والإعمار والإسكان والبلديات والزراعة والبيئة، وأمين عام مجلس الوزراء، والمديرين العامين في الوزارات القطاعية، وممثلين عن هيئة المستشارين.

واكد السوداني العمل على جملة من المعالجات، منها اللجوء إلى تقنية معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في الري، وإزالة التجاوزات على مياه الأنهر، ومناقشة الخطة، واتخاذ قرار بمنح قروض ميسّرة إلى الفلاحين الذين يستخدمون الآليات الحديثة بالري، من خلال اعتمادهم على الري بالرش والري بالتنقيط.

ملف سيادي

يذكر المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية، خالد الشمال، ان “وزير الموارد المائية، عون ذياب، اطلع منذ البداية رئيس الحكومة، بخطورة الموقف والتحديات التي تواجه ملف المياه في البلد، ما جعل الأخير يضع هذا الملف في أجندته السيادية بدل ان يكون فنيا او دبلوماسيا”.

وخلال الاسبوع الماضي، ذهب الجانب العراقي برئاسة وزير الدفاع، ثابت محمد سعيد العباسي، لأجل التفاوض مع الجانب التركي، واقناع الاخير بإرسال وزيادة اطلاقات المياه، بحسب ما قال الشمال.

وعن هذه المفاوضات، يتوقع الشمال خلال حديثه مع “طريق الشعب”، انه “سيكون هناك استجابة من الجانب التركي، وحتى الايراني والسوري، كون البيئة السياسية والاقتصادية الحالية، داخل هذه الدول مهيأً للتفاوض”.

تحركات الوزارة داخليا

ويكشف عن خطة الوزارة الداخلية، قائلا ان “سيكون هناك تطبيق لنظام المراشنة، وتأمين اطلاقات المياه لدعم الموسم الزراعي الشتوي، بضخ اطلاقات اضافية من الخزين، بالرغم ضعفها والمناوبة بين سدود الموصل وحديثة ودوكان وبحيرة الثرثار، لأجل تعزيز ايرادات نهر دجلة”، مؤكدا ان الوزارة جادة في رفع التجاوزات ومحاسبه من يتجاوز بطريقة تردع الاخرين.

وعن الجفاف في الصيف المقبل، يشير الى ان “الوزارة ستفعل ما يتطلب منها لمعالجة المشكلة”، لافتا الى دور الاعلام في الضغط في هذا الجانب وممارسة دوره في التوعية بالإرشاد والاستهلاك”.

“أسوأ خزين مائي”

يذكر المستشار السابق لوزارة الزراعة، عادل المختار، انه “منذ شهر التاسع من العام الماضي، توقعنا بأن الصيف سيكون قاسيا جدا إذ لم نشهد أمطارا في الأشهر القادمة”.

وعن تحليل جزء من المشكلة يذكر لـ”طريق الشعب”، ان “اغلب الأمطار وقعت جنوب سامراء باتجاه البصرة، وهذه المناطق لا تخزن الأمطار، عكس الأمطار التي تقع شمال سامراء باتجاه الحدود التركية”، لافتا الى ان الخزين الناتج من الأمطار الشتوية اقل من 8 مليارات مكعب، ويعتبر خزينا متدنيا”، واصفا إياه بأنه “أسوأ” خزين منذ عام 2017. ويشير الى ان “التوسع بالخطة الزراعية، وزيادة المساحات هذا العام الى مليون إضافي، خطوة غير صحيحة، إذ حفز الفلاحين على الزراعة بكميات كبيرة، ما تسبب باستهلاك كميات كبيرة من المياه مع انعدام الأمطار لتعويضها”.

نسب لن تعالج الأزمة

وبالحديث عن المباحثات مع الجانب التركي، يلفت الى ان “ من الصعب ان يزود العراق بالمياه، وان زودت فلن يتجاوز 100 مكعب بالثانية”، مشيرا الى ان هذه النسبة لن تعالج الازمة.

ويعتقد ان الكارثة ستحل إذا كان الشتاء القادم جافا ايضا، اذ سيكون الصيف المقبل أكثر خطورة وجفافا، وسيصل التأثير الى مياه الشرب، وقد يتوقف القطاع الزراعي بشكل كامل”.

ويقترح بـ “تشكيل خلية ازمة من خبراء خارج وزارتي الموارد المائية والزراعة، كون لم نلتمس حلولا منهم، وما وصلنا اليه اليوم خطير جدا”، معللا ان ذلك بأنه جاء بسبب “السياسات الخاطئة للوزراء المتعاقبين، الذين صوبوا اهتماماتهم الى الزراعة على حساب كميات المياه”.

وفي ذات السياق، يرى خبير المياه، تحسين الموسوي ان “وزارتي الزراعة والموارد المائية ارتكبتا خطأ كبيرا، اذ ان الخطة الزراعية تقلصت بداية العام الماضي وبعد هطول الامطار التي اعتبرها قليلة جدا، وسعت وزارة الزراعة الخطة الزراعية بشكل مباشر، ووصلت الى أربعة ملايين، ما ادى الى استهلاك كبير للمياه من الاراضي الزراعية بالإضافة الى وجود الكثير من الأراضي المتجاوزة”. ويبين في حديث مع “طريق الشعب”، ان “الأسباب أصبحت واضحة للجميع، من نفاد كمية المياه في الخزين الاستراتيجي، وتوقف الاطلاقات المائية من دول الجوار، مع عدم الوصول الى اتفاق يضمن حصول العراق على حصصه المائية خاصة من الجانب التركي تحديدا، كونه يمد البلد بالحصة الاكبر”. ويرى الموسوي ان “الخزين الموجود هو خزين ميت، بسبب الاعتماد على الاساليب الخاطئة، وهذا ما جعل الوزارتين تقعان في احراج كبير، تحديدا بالمجازفة في استخدام المخزون المائي دون تأمين”، مضيفا ان “ذلك ادى الى جفاف في حوضي النهر في بصرة وميسان”، مرجحا ان “الازمة ستستمر”.

حديث “مستهلك”

ويجد ان “الحديث عن المفاوضات أصبح امرا مستهلكا”، معللا سبب فشل المفاوضات بـ “وجود خلل كبير في الطرق والاساليب التي يعتمدها الجانب العراقي، اضافة الى ان المفاوض يحمل ادوات ضعيفة، فلا يمكن ان يكون بدرجة وزير مقابل التفاوض مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان”.

ويضيف أن “هناك تعددا لمصادر القرار في العراق، مع انعدام وجود خطط واضحة”، مشيرا الى ان “العراق عليه الذهاب الى المجتمع الدولي، كونه أصبح في وضع خطر جدا”.

التوقع بحراك شعبي

ويتابع ان “العراق ما زال يعتمد على الاليات التقليدية، التي تستهلك مياه أكبر دون الوعي بخطورة الموقف”، مؤكدا ان “الايام القادمة ستكون أصعب، كون تركيا تزيد الاختناق”، معتقدا ان العراق لن يستطيع الصمود ونتوقع حدوث حراك احتجاجي قادم كون اعداد كبيرة من المواطنين يعتاشون على الزراعة وبقية المهن المرتبطة بالمياه”.  

ويجد ان الحديث عن المباحثات مع دول الجوار “مثير للسخرية”، وأنها مجرد تصريحات تخرج من المسؤولين، اذ يأخذ دور المواطن ويقدم شكوى ويطرح حلولا مخجلة، لا ترتقي لأهمية الازمة، واصفا هذه التصريحات بـ”المستفزة”. ويشدد على ضرورة وجود إرادة سياسية حقيقية ودعم دولي، لحل الأزمة. وكان لمحافظة ذي قار النصيب الأول في شح الجفاف، حيث توقف مشروع الماء في قضاء الشطرة عن العمل يوم 27 شباط. نصير باقر من منظمة حماة دجلة، وهو ناشط من محافظة ذي قار، يقول ان “شح المياه بدأ في نهر الفرات مركز محافظة ذي قار، ما ينعكس على الأنهر الفرعية في مدن أخرى، كمنطقة الإصلاح وسيد دخيل”. ويلوح الباقر في حديث مع مراسل “طريق الشعب”، الى “توقف الكثير من محطات المياه عن العمل بسبب شح المياه”، مشيرا الى ان الجانب التركي قطع المياه بنسبة تكاد تكون 100 في المائة، ما جعل الأنهر تكون مساحات خزنيه وليس مياها جارية”. ويوضح انه “تم فتح خزين المياه بذي قار دون مبرر، ما ادى الى خسارة كبيرة في منسوب حوض الفرات في المحافظة”، مطالبا القائمين على هذا الملف بالحفاظ على المياه المتبقية”، لأنه يتوقع ان يكون هناك “جفاف خطير”.

لن يكون لها نتائج

ويرى الباقر ان “الجانب التركي لا يسمع نظيره العراقي”، مؤكدا ان “المفاوض العراقي غير مقنع ولا يغير أساليبه، لذا لن يكون لهذه المباحثات أية نتائج إيجابية”. ويستدرك بالقول انه “لا يوجد اهتمام بملف المياه والبيئة في البلد، إذ يعتبر اخر اهتمامات الحكومات”، مشددا على اهمية تفعيل اتفاقية الدول المتشاطئة، والضغط على تركيا وإيران من خلال القوانين الدولية”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron