الوثيقة | مشاهدة الموضوع - اليورانيوم المنضب في العراق.. طفلة بستة أصابع وأخرى بسرطان الثدي – هواء ملوث وتربة مسممة.. هذه هي هداياهم للبلاد التي يحررونها.. لماذا ستدفع الدول المجاورة ثمنا فادحا لتلوث العراق؟ ولماذا تحلل الأسلحة المحرمة لهم وتحرم على بوتين؟ خالد شحام
تغيير حجم الخط     

اليورانيوم المنضب في العراق.. طفلة بستة أصابع وأخرى بسرطان الثدي – هواء ملوث وتربة مسممة.. هذه هي هداياهم للبلاد التي يحررونها.. لماذا ستدفع الدول المجاورة ثمنا فادحا لتلوث العراق؟ ولماذا تحلل الأسلحة المحرمة لهم وتحرم على بوتين؟ خالد شحام

مشاركة » الأحد مارس 26, 2023 4:22 pm

يزخر شهر آذار بحزمة ثقيلة من ذكريات الألم العربي وأحداث وتفاعلات عالمية وعربية لا يمكن ان يمحوها الزمان من وعينا ولا من ذاكرتنا ، يشغل احتلال العراق الوزن الأكبر في هذه الذاكرة في كل سنة ضمن حيز هذا التاريخ ، تاريخ اقتحام بغداد وبدء الغزوة الهمجية على الحضارة والشعب العربي بكل أطيافه ، في ليلة العشرين من آذار بدء العدوان البريطاني – الصهيوني – الأمريكي بالقصف المركز على العاصمة وبعد أسبوعين تم اقتحام بغداد وإسقاط تمثال صدام حسين كرمزية إهانة لكل العرب المتفرجين أو المشاركين في العدوان الآثم .
في جريمة العدوان والاحتلال الأمريكي للعراق الحزين يمكن كتابة مقالات موسعة لمعالجة وفهم أشياء ودروس لم نكن على انتباه أو وعي كاف لها، وهنا أدعو كل الكتاب العرب للتفاعل مع الحدث ومنحه حقه الطبيعي من الكتابة والتوعية والتذكير ، سأختار لكم من جملة الجرائم الأمريكية جريمة واحدة بالذات مرتبطة تماما بما يحدث الان مع روسيا في حربها ضد أوكرانيا وهي جريمة استخدام اليورانيوم المنضب ضد الشعب العراقي .
التذكرة حول الجرائم في العراق ليست مزايدات كلامية ولا هي استعراضات بكائية إنشائية ، إنها جزء من آلية النهوص بالوعي والوجدان لكي لا ننسى أولا ولكي نبقى على الصحوة والعهد ثانيا فمن اقترف هذه الجرائم لا يزال ماثلا أمامنا يرتكب المزيد منها دون قيد ولا رادع ، جريمة الأمريكان في العراق هي ذاتها جرائم مضافة في اليمن وسوريا وليبيا وفلسطين وكل مكان يضعون أنفسهم فيه ويتركون فيه بصماتهم كما فعلوا في فيتنام وأفغانستان وغيرها من قبل.
ad
لا زلنا نتابع تفاعلات ردود الفعل الروسية حول تزويد الجيش الأوكراني بدبابات تشالينجر البريطانية وليوبارد الألمانية وابرامز الأمريكية وجميع هذه القطع تتضمن تسليحا بمقذوفات اليورانيوم المنضب ، فما هو هذا الشيء ولماذا قامت كل هذه الضجة من حوله في هذه الفترة بينما يعاني شعب العراق من هذه المادة وتبعاتها على مدى عشرين سنة دون ان يلتفت أحد أو يأخذ الموضوع على منحى الجدية الكافية ؟
بداية الأمر تأتي من بعض التفاصيل العلمية التي يمكنها أن تمنح القارىء العربي غير المطلع بعض جوانب الثقافة العلمية الكافية لاستيعاب وفهم محتوى هذا الموضوع عند طرحه في الإعلام والتقارير الإخبارية وأتمنى منكم المضي في القراءة .
يوجد عنصر اليورانيوم في الطبيعة على شكل مركبات معقدة التركيب ولا يوجد بصورة حرة لوحده ، يمكن العثورعلى هذا الفلز في الرسوبيات الصخرية كما في الفوسفات المغربي والأردني وكذلك في حزم العروق النارية بصحبة الصخور النارية الجوفية ويتم استخراجه من خلال المناجم وأعمال الحفر والطحن والفرز ، عقب ذلك تجرى عمليات كيميائية واسعة على الخام لاستخلاص الفلز منه وجرت العادة أن كل طن من الصخر الخام يمكنه أن يقدم 1-3 غم من هذا الفلز عندما يكون الخام عالي التركيز ، فلز اليورانيوم المستخلص يبدو لونه فضيا مثل الحديد النظيف تماما ويتمتع بخاصية الكثافة العالية حيث تصل كثافته إلى 19 غم / سم مكعب ، ولفهم معنى ذلك فلو كانت لدينا كمية من اليورانيوم مصنعة على شكل وحجم بيضة الدجاج العادية فمن المتوقع أن يكون وزن هذه القطعة بحدود 2 كغم !
الخاصية الإشعاعية شيء مرافق وأساسي في فلز اليورانيوم حيث أنه يشع طبيعيا جسيمات ألفا وبيتا وأشعة جاما الكهرومغناطيسية بصمت وهدوء وجميع هذه الإشعاعات خطرة وقاتلة للنسيج الحي ، يحتوي اليورانيوم الطبيعي المستخلص من الخامات على ثلاثة أنواع طبيعية من اليورانيوم ( نظائر ) وهي 238 – 235 – 234 والنسبة الأعظم هي للنوع 238 بنسبة 99% ، يعتبر النوع 235 الأغلى ثمنا والأكثر أهمية داخل الفلز لأنه يتمتع بإشعاع قوي جدا وقابل لعملية الانشطار ، لذلك يتركز الطلب عليه لأغراض المفاعلات النووية والتجارب الذرية وكذلك والأهم القنابل النووية كما فعلت تجربة مانهاتن الأمريكية .
تبلغ نسبة النظير 235 داخل اليورانيوم الحر أقل من 1% ومن اجل استخلاصه من اليورانيوم الخام تجرى عمليات كيميائية – فيزيائية بالغة التعقيد تدعى بعملية التخصيب كالتي تدان بها ايران منذ سنوات طويلة ، وفي عملية التخصيب يتم رفع تركيز اليورانيوم 235 الى نسب أعلى من المعدل الطبيعي والتخلص من النوع 238 الأقل إشعاعا وغير الملائم للتجارب النووية ، عندما يتم التخصيب بنسبة من 5-10% فهذا اليورانيوم يستخدم لأغراض المفاعلات الذرية والنسب الأعلى تستخدم لأغراض الأبحاث أما التراكيز من فئة 60% فأعلى فهنا يبدأ التخصيص لأعمال التسليح الذري والقنابل النووية المحرمة والبالغة الأذى .
عند تخصيب اليورانيوم يتم طرح النوع 238 بكميات كبيرة ، وللتقريب فإن استخلاص كيلو غرام من اليورانيوم 235 بنسبة 90% وأكثر يقود إلى طرح 200 كيلوغرام من النوع 238 كناتج ثانوي أو مخلفات لا أهمية لها في الصناعات النووية ، ولهذا السبب تتراكم لدى معامل التخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم 238 الذي يعد عبئا كبيرا في التخلص منه ، أولا لأنه لا يناسب الصناعات النووية وثانيا ولأنه مشع فإن الكل لا يرغب في التعامل معه ودفع كلف الوقاية والعلاج من مصائبه ، هذا اليورانيوم المتخلف من عمليات التخصيب هو ما يدعى بإسم اليورانيوم المنضب او المستنفذ أو المستهلك أو المفرغ من المحتوى الدسم واتمنى هنا أن ننتبه إلى أن هذه التسمية المراوغة قد تقود البعض إلى الظن بأن هذه المادة آمنة أو خالية من المخاطر لأنها بعكس ذلك تماما ، وفي علوم الهندسة التطبيقية لا يمكن ترك مادة متراكمة دون البحث عن جدوى اقتصادية او وظيفية لها ولذلك تم البحث عن فوائد لهذا اليورانيوم فكانت صناعات التسليح هي الأكثر اهتماما به لأنها اكتشفت فيه ضالتها المنشودة لصناعة المقذوف المثالي .
في فيزياء صناعة الأسلحة المقذوفة من الضروري جدا ان يكون المقذوف ذا كتلة مناسبة وحجم صغير بما يمكن لأن الكتلة المناسبة ستعمل على حفظ كمية الطاقة أثناء حركة المقذوف ومساعدته على تنفيذ مهمته ، اما الحجم الصغير فسوف يساعده على تجنب المقاومة العالية للهواء أثناء الحركة ، فمثلا لو جرب أحدكم أن يرمي بعود خشبي من عيدان نكاشات الأسنان نحو لوح من الفلين فستجد أن إصابة الهدف شبه مستحيلة مهما بذلت من قوة لأن كتلة العود خفيفة ولا قدرة لها على نقل أو حمل الطاقة الكافية ولكن اذا استبدلت العود بمسمار من الحديد فسوف تجد أن الأمر أفضل بكثير وبهذا المنطق يتم استخدام فلز الرصاص في طلقات المسدسات والبنادق بسبب كثافته العالية ، وبما أن اليورانيوم المنضب أو المستنفذ يتمتع بكثافة 1.7 مرة عن الرصاص فمن المؤكد أن قدرته على نقل الطاقة ستكون أفضل ضمن نفس الحجم ، الميزة الثانية أن الصلابة التي يتمتع بها اليورانيوم مقابل فلز الرصاص الطري تعتبر ميزة سحرية خاصة اذا علمنا أنه من الممكن رفع صلابة هذا اليورانيوم بإضافة القليل من فلزات مثل التيتانيوم الى خلطته حيث يتحول الى سبيكة شديدة الصلابة وفائقة الاختراق ، لقد حققت صناعات الأسلحة الأميركية ثروة طائلة من إدخال اليورانيوم المنضب الرخيص الثمن في صناعاتها وغلفته بالألمنيوم للاحتيال على من يتعاملون به .
في المقذوفات المسلحة باليورانيوم المنضب تتم صناعة المقذوف بحيث يحتل اليورانيوم الرأس المدبب من المقدوف وهذه الميزة الصغيرة تسبب فعل السحر في الأداء ، فعندما تندفع القذيفة نحو الدرع أو التحصينات فإن المساحة الصغيرة للرأس المدبب مع كمية القوة الهائلة الدافعة تتسببان في إحداث ضغط مرعب على بؤرة ضيقة في الدرع مما يرفع درجة حرارة هذه البؤرة في غضون أجزاء ميكروية من الثانية الى الاف الدرجات المئوية حيث يلين الفولاذ ويصبح سهل الاختراق وبهذه الطريقة يمكن لبعض قذائف اليورانيوم أن تخترق الدروع الفولاذية بسماكة قد تصل الى 70 سم وتخترق التحصينات الخرسانية بسماكة عدة امتار !
بهذا المزج بين العلم وأفعال العساكر يمكن لقذائف اليورانيوم المنضب ان تخترق كل اشكال التحصينات الخرسانية والرملية والفولاذية بقسوة وبقوة مفرطة وبلا رحمة ، وبهذه الطريقة تمكنت القذيفة الأمريكية المجرمة من اختراق ملجأ العامرية على الرغم من سماكة تحصينه وقتل كل من فيه من الاطفال والنساء والعجائزالأبرياء الذين لاذوا بالملجأ هربا من القصف وبهذه الطريقة فتكوا بسلاح المدرعات العراقي والتحصينات الكثيفة وبنفس هذه الطريقة دكوا جبال تورا بورا في أفغانستان.
في لحظة التصادم بين المقذوف والدرع المستهدف تكون مقادير الضغط والحرارة من الفئات المهولة ومن الطبيعي عند هذه الشروط أن يتناثر الفلز الصلب الى فتات مطحون بحجوم مجهرية تتراوح ما بين الميكرومترات والنانومترات وبسبب الحرارة الهائلة يتفاعل مسحوق الفلز الناشىء فورا مع الأكسجين مشتعلا ومطلقا كمية هائلة من الشرارات المتناثرة و الحرارة المحرقة التي تساهم في زيادة ليونة الدرع ولذلك تتمتع جميع هذه المقذوفات بشعلة وشرارات وميضية لحظة التصادم تحرق كل شيء داخل المستهدف .
بمجرد ان يشتعل اليورانيوم ويتفاعل مع الأكسجين تنتج من هذا التفاعل ثلاثة أكاسيد اساسية لليورانيوم : ثاني أكسيد اليورانيوم – ثالث أكسيد اليورانيوم – ثامن اكسيد اليورانيوم ، يتميز الآكسيد الأول بأنه عديم الذوبان في الماء بينما يذوب الباقيان بنسبة جيدة في الماء ، إن هذه الأكاسيد الدقيقة جدا في حجمها تبقى معلقة في الهواء وتترسب بعد فترة في التربة والمياه السطحية ثم الجوفية ويمتصها النبات والحيوان وجلد الانسان ولن يسلم من شرها لا إنسان ولا حيوان ولا نبات.
عندما يقوم الانسان بإستنشاق غبار ثاني اكسيد اليورانيوم فإنه يستقر في الرئتين والجهاز التنفسي وبما أنه غير ذائب فإنه يبقى مقيما داخل الجسد وقد يتطلب تصريفه 10-20 سنة وطوال هذه الفترة يبقى يسمم الجسد بالإشعاعات ويبث دقائق ألفا وبيتا وأشعة جاما وتبدأ الأعراض بالظهور على شكل حمى وهزال وسعال وتقيؤ ثم الاصابة الحتمية بالسرطان في الرئتين أو القناة التنفسية والوفاة المؤلمة لاحقا ، أما إذا تم استنشاق أو ابتلاع أحد الأكاسيد الذائبة فالمصيبة أكبر لأنها سوف تتغلغل في جميع الأعضاء وتنتشر مع الدورة الدموية وتتراكب مع جزئيات DNA في كروموسومات الخلايا .
إن الخطورة الهائلة لليورانيوم المنضب أو مركباته تتمثل في ثلاثة مصائب :
1-الخاصية الإشعاعية : حيث أن هذا اليورانيوم وبعكس ما تحاول افتاءات الكونجرس الأمريكي وتقاريرهم وعلماؤهم من الإدعاء بالعكس فهو يورانيوم مشع ويطلق جسميات ألفا وبيتا وأشعة جاما التي تتسبب في تحوير الجينات واحداث التشوه الخلقي والسرطاني ، وفي المدن العراقية التي تم قصفها بهذه القذائف مثل الفلوجة والناصرية والبصرة فإن أعداد المصابين بالتسمم الإشعاعي وأعراضه يقاربون المليون ضحية ، حتى ان نفس الأعداء سجلوا إصابات وحالات وفيات بالألوف وتكتموا على هذا الموضوع ، لا نجاة لأحد في التعامل مع اليورانيوم المنضب .
2- الخاصية السُمِّية : تعتبر جميع الفلزات الثقيلة بمثابة سموم دائمة لها انعكاسات مميتة على الخلايا مثل النحاس – الزئبق – الكادميوم – الرصاص – الكوبلت – النيكل – المولبدينيوم – اليورانيوم -البلوتونيوم …… إن هذه الفلزات موجودة في تربة ومياه ونباتات العراق من مخلفات القصف والحرائق وأعمال النسف والتفجير، لم يترك الأوغاد العراق إلا بعد أن تركوه قاعا صفصفا وأهدوا الخونة الذين كانوا يطبلون لتحرير العراق الهدية المميتة .
3- خاصية نصف العمر : يتمتع اليورانيوم بفترة تحلل طويلة جدا بمعنى أنه حتى يفقد اشعاعه ويتحول الى رصاص خامل يحتاج إلى فترة نصف عمر قدرها 4.5 مليار سنة وهذا يعني أن التلوث الحادث في العراق هو تلوث شبه أزلي نظريا ولكنه عمليا يتطلب بضعة الاف من السنين لكي تقوم عوامل التنظيف الطبيعية من الرياح والمياه بغسله وتخفيف تراكيزه المميتة والممرضة وتوزيعها على كامل المنطقة .
في كتابه القيم جدا والذي يمكنكم تنزيله من الانترنت ( التلوث الإشعاعي والمضاعفات الصحية لحرب الخليج ) يقدم أ. الدكتور كاظم المقدادي العالم ابن بغداد دراسة استقصائية شمولية للحالة الكارثية الاشعاعية في العراق مع الشروحات النظرية العلمية والاحصائية لحجم وحضور هذه الجريمة الأمريكية .
لقد تم قصف المدن العراقية بما يقارب 3000 طن متري من العتاد المذخر باليورانيوم المنضب المشع وحسب تقدير الخبراء فإن هذه الكمية تكافىء مخلفات 250 قنبلة ذرية من تلك التي ألقيت على هيروشيما ولكم أن تتخيلوا حجم وفداحة المعاناة التي يعيشها ابن العراق في بلاده التي حرقها الغزاة.
لقد وثقت دراسات عديدة بالتعاون مع جهات علمية اوروبية للكشف عن مدى الضرر الذي احدثه اليورانيوم المنضب في العراق وخلصت هذه الدراسات التي تم أهمالها وتحييدها الى نتائج صحية مخيفة لا تزال ماثلة حتى اليوم :-
1-إن اليورانيوم المنضب يستقر في الأنسجة الداخلية مثل الكبد والكلى والنخاع ويتركز في العقد اللمفاوية ويعطل كافة وظائفها وهو المسؤول بنسبة عالية عن كل أشكال السرطانات التي منيت بها المدن العراقية المنكوبة .
2- انتشار العقم وانخفاض نسب الخصوبة في الجنسين ، ولادات قبل أوانها تعاني من تشوه شديد ، نسبة المواليد الموتى ارتفعت في العراق لتصل إلى 80 طفل / 1000مولود بينما النسبة العالمية 12 طفل /1000 مولود .
3-انخفاض نسبة المواليد الذكور عن الاناث بسبب الحساسية العالية للجين المورث (Y) الخاص بالذكور حيال الاشعاعات والتسمم عن ذلك (X) الخاص بالإناث .
4- تشوهات غير مسبوقة في المواليد بنسبة بلغت حوالي 9% عقب الغزو مثل طفلة مولودة بيد لها ستة أصابع و إناث بعمر 10-12 سنة يحملن سرطان الثدي ، تورمات في العنق والصدر والدماغ بأعداد هائلة في محافظات البصرة وذي قار وميسان والديوانية وواسط وهذه التشوهات ليست محصورة بالإنسان فقط بل حتى بالمواشي والحيوانات ، حتى أنه تم تسجيل تغيرات في حجم فطر الكمأة الذي ينمو في الصحراء بحجوم غير معتادة ولا طبيعية ، لقد قام مستشفى الفلوجة التعليمي ببناء قسم خاص بالتشوهات يضم مئات الحالات العجيبة من الامتساخ و التي تشير الطبيبة المسؤولة فيه بأن نسب التشوه تفوق ما حدث في هيروشيما وناكازاكي بنسبة 14 ضعف .
5-يقدر القطاع الطبي في العراق عدد الإصابات بالسرطان بشتى أشكاله بما يتجاوز المليون إصابة وربما كان الرقم الحقيقي أكبر بكثير .
ما الذي يمكن الوصول إليه من هذه العجالة في هذه الجريمة الأمريكية ؟

إن كان من أحد يعتقد أو يظن خطأ بأن مصاب العراق في مدنه وأرضه من اليورانيوم والسموم المعدنية هو شيء خاص بالعراق فهو مخطىء تماما ، إن هذه المواد عرضة للغسل والتنقل والجريان مع الرياح والمياه سطحيا وجوفيا وسوف تصبح وقد أصبحت خلال السنوات الماضية جزءا مكونا من دورات العناصر الأرضية وسوف تنتقل إلى المياه والنبات والحيوان والتربة وتنتشر بشكل أفقي وعمودي واسع المساحة في كل الدول المحيطة بالعراق وخاصة الكويت والسعودية والأردن وسوريا وأجزاء واسعة من ايران حتى لو تمت حملات التنظيف كما يتم التشدق بذلك ، لو كانت هنالك دراسات على محمل الجد والأهمية لربما سنجد بأن نسب الاصابات السرطانية والأمراض المستحدثة في المنطقة وربما منها السكري وأمراض القلب في الدول المذكورة مرتبطة بشكل أو بآخر بما جرى في العراق وللحقيقة العلمية فإن جريمتهم تجاوزت حدود العراق لتشمل كل المنطقة العربية وهذا هو ثمن التعاون مع أعداء الأمة في طرح العراق وتحطيمه .
إن ما اقترفته الأيدي الأمريكية -البريطانية – الاسرائيلية الإجرامية بحق العراق ليس جريمة مفردة انتهى زمانها بل هو أمر قابل للتكرار وإعادة الحدوث وشهوة الاعتداء جاهزة ومحضرة ، في حال حصل أي اعتداء إجرامي على ايران تحت ذريعة تخصيب اليورانيوم فمن المتوقع أن تكون كامل المنطقة مسرحا للتلوث الاشعاعي عالي التركيز بأشد مما حصل في العراق ولن يسلم منها أحد قريبا أو بعيدا ومن هذا المنطلق يجب أن تحرص شعب ودول المنطقة على التصالح والاتفاق بعيدا عن الطرف الأمريكي والتوجه نحو حلفاء جدد أكثر إنسانية وأكثر اعتدالا ، وما يجري من تحريض ودفع للنار في أوكرانيا والصراع مع روسيا من الواضح فيه بأن استخدام الأسلحة النووية واليورانيوم المخصب والمنضب هو شيء مؤهل للوقوع في أية لحظة وعند ذلك ستكون أوكرانيا والدول المحيطة بها مناطق غير صالحة للعيش البشري وما تشيرنوبل من ذلك ببعيد .
إن أكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي تم ادعاؤها على العراق والتجني عليه تلتصق إلتصاقا قويا بالمجرمين الذين جلبوا اليورانيوم المنضب وقصفوا به الشعب العراقي والذي يعد واحدا من أخطر أسلحة الدمار الشامل وبالتالي فمن يستخدم ويرمي أسلحة الدمار الشامل الطويلة المدى والواسعة التأثير هو الولايات المتحدة وبريطانيا وليس العراق البريء من هذه التهمة.
إن الجرائم المشابهة والتي ارتكبها طرف الشر الاستعماري الثالث والمتمثل في فرنسا وتجاربها النووية في الصحراء الجزائرية لا تزال دليلا حيا على نفس العقلية الاستعمارية التي لا تحفل بحياة كل الشعوب ولا تأبه بقيمة الإنسان الذي ينظر إليه على أنه حيوان تجارب ، وليس بعيدا عن هذا الحلف دولة الكيان النائب الحاضر عن كل هؤلاء في بلادنا فلسطين والتي اقترفت من الأفعال الإجرامية أكثر مما فعلوا جميعا .
تعيد قصة العراق واليورانيوم المنضب طرح حقيقة الزيف والكذب الغربي بشأن حقوق الإنسان ومقدسات الأدعاءات الحضارية ويثبت الانتقائية العالية في تطبيق هذه الأكاذيب وتحليلها لهم حيثما أرداوا وتحريمها على روسيا أو كوريا الشمالية أو ايران ورجمهم بمحاولة تخريب العالم وإبادة العرق البشري وخديعة أسلحة الدمار الشامل أما هم فحلال لهم كل أشكال المحرمات من القنابل العنقودية والفوسفور الأبيض واليورانيوم المنضب والسموم المعدنية والغازات الحربية ومختبرات الأسلحة البيولوجية .
إن ما فعلوه بالعراق شيء لا يمكن لنا كعرب أن ننساه أو نسامح به أو نغفر له ، وكل ما اقترفوه بحق اليمن وسوريا وليبيا والجزائر سابقا لا يمكن أن يمحى من ذاكرتنا أو وعينا الحاضر عبر التاريخ لأن الحق ثابت وقائم حتى لو نسيه البشر .

مهما تكدست المصائب وعظمت التحديات وبدت صعبة ومستحيلة الزحزحة فإن ثقتنا في أبناء العراق المخلصين وقدرة شعبه على إنجاب قادة عظماء هو رهاننا على تنظيف العراق من النوعين الأساسيين من التلوث فيه : التلوث البيولوجي الماثل في الخونة والسفلة وآكلي اللحم الميت والمتآمرين على العراق بالولاءات الخارجية والتلوث الاستعماري والتخلص من كل ما يتصل بالهمج الغزاة من بقايا ومخلفات على شتى صنوفها وأنواعها ، دعواتنا في رمضان الكريم لشعب العراق بالثبات والصبر على هذا الابتلاء ودعواتنا لهم بالنصر ودحر المحتل وأعوانه .
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron