الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الاتفاق السعودي الايراني: تصفير للنزاعات ام تبريدها لحين مزهر جبر الساعدي
تغيير حجم الخط     

الاتفاق السعودي الايراني: تصفير للنزاعات ام تبريدها لحين مزهر جبر الساعدي

مشاركة » الأحد مايو 07, 2023 9:54 am

تم عقد الاتفاق او التوقيع على الاتفاق السعودي الايراني في بكين وايضا برعاية الصين الدولة العظمى التي لها مصالحها الاقتصادية الاستراتيجية في المنطقة. لم تمض الا ايام ورأينا كيف ان الاوضاع في اليمن اتجهت وبسرعة غير متوقعة الى الحلحلة تمهيدا الى ولو ربما بعد شهور الى الوقف الدائم للحرب فيها، وليس التفكيك الذي يقود الى وضع الحلول النهائية، فهذا الامر صعب ومعقد في ظل ظروف اليمن المعقدة والتي تتشابك فيها المصالح الاقليمية والعربية. اما من جهة الجانب السوري فتم وخلال ايام بعد ابرام الاتفاق السعودي الايراني؛ الانفتاح على النظام السوري من قبل السعودية كما غيرها من دول الخليج العربي ودول عربية اخرى؛ والسعي الى اعادتها اي اعادة النظام السوري الى الجامعة العربية. كما ان الامر ذاته ينطبق على الاوضاع في العراق وعلاقته مع الحضن العربي. جميع هذه المتغيرات جرت او انها تمت بعد الاتفاق بين الدولتين السعودية وايران، و ايضا في مرحلة المفاوضات التي سبقت التوقيع. ان هذا وفي اهم واخطر ما يعني بل الاهم والاخطر في الذي يعنيه او تعنيه هذه الحلحلة السريعة؛ ان صراع هذه الدول واعني هنا الصراع في داخلها؛ ما هو الا صراع بين هذين الدولتين وغيرهما.. هذا اولا وثانيا وهذا هو الاهم؛ ان الصراع في داخل هذه الدول العربية ما هو الا صراع قوى محلية في هذه الدولة العربية وتلك الدولة العربية؛ يعكس إرادة جميع الدول الاقليمية الكبرى والقوى الدولية الكبرى؛ على النفوذ في الدول العربية موضوع الصراع.. ان الاتفاق السعودي الايراني الذي نتج عنه سريعا ما بيناه في السطور السابقة من بداية الحلحلة والتفكيك للصراع او للحرب في اليمن او في سوريا؛ ان جرت او تمت على الطريق الصحيح الذي تنشده شعوب المنطقة العربية وجوارها الاسلامي من استقرار وسلام وامن مستدام على قاعدة حفظ الكرامة والحياة الافضل على مسارات ديمقراطية حقيقية. إنما من الجهة الثانية؛ هنا اسئلة تولدها هذه التطورات؛ هل ان الامر اي امر الحلحلة ينحصر بإرادة هذه الدول واعني هنا السعودية وايران وحتى الصين الراعي لهذا الاتفاق؟ وهل ان امر او موضوع هذه الحلحلة سوف يجري او يتم بمعزل عن القوى الدولية الاخرى، واعني هنا تحديدا امريكا والصين وروسيا، وربما اسرائيل من على المنصة الامريكية؟ (اسرائيل) او الاصح الكيان الاسرائيلي التي تحتل ما تبقى من ارض فلسطين، اضافة الى احتلالها كل ارض فلسطين اصلا؛ تمتلك اذرع اخطبوطية اكثر كثيرا من اي دولة كبرى اقليمية، بل انها تمتلك اذرع اخطر بكثير من تلك الدول الاقليمية الكبرى، ولها ايضا علاقات اقتصادية وتجارية وتقنية واستثمارات مع الصين، وايضا مع روسيا، علاقات من الناحية الواقعية، هي علاقات متينة وراسخة خلال عدة عقود مضت والى الأن، بل هي اي هذه العلاقات في تطور ونمو مستمرين، على الرغم من اعتراض هذه العلاقات، بعض المطبات احيانا. وهل ان هناك مقايضات وتوافقات تحفظ للجميع المصالح والنفوذ في اي حلحلة لأي دولة من الدول العربية التي يشتعل فيها صراع الاخوة الاعداء؟ وهل ان الدول الاقليمية الكبرى لها القدرة في فرض الحلول والتسويات بمعزل عن إرادة القوى الدولية واعني هنا امريكا للجهة الاكثر تحديدا وتأثيرا وفاعلية، بالإضافة الى القوى الكبرى الاخرى اي الصين وروسيا؟ تذهب الكثير من التحليلات السياسية، بل الجل الاكبر منها؛ الى ان امريكا في مرحلة الانسحاب من المنطقة، وانها سوف بانسحابها تترك فراغا، يتم ملؤه من الصين وروسيا؛ فهذا امر او هذا التحليل في غاية الخطأ. ان الصحيح هو ان امريكا سوف لن تنسحب من المنطقة. انها سوف تعيد تموضعها او انها سوف تعود الى ما كانت عليه قبل انفرادها في قيادة العالم، اي انها سوف تحافظ على تواجدها في المنطقة بطريقة مختلفة وملائمة لها في ظروف صراعها مع الصين بالدرجة الاولى ومع روسيا بدرجة اقل كثيرا، بمعنى اكثر وضوحا؛ انها سوف تحافظ على قواعدها في الخليج العربي، وعلى وجه التحديد قائدتها في البحرين اي الاسطول الخامس الامريكي بالإضافة الى قواعدها الاخرى، مع تعزيز اذرعها الخفية والظاهرة في آن واحد في دول المنطقة العربية سواء من كانوا منهم في السلطة اوفي اماكن اخرى غير السلطة وفي السلطة اي في السلطة الموازية او كما تُوصف بالسلطة العميقة، بالإضافة الى اماكن مؤثرة اخرى كالأعلام على سبيل المثال لا الحصر. اما الصين وروسيا فليس في قدرة وامكانيات وموارد الدولتين لعب ذات الدور الذي لعبته وما تزال تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة العربية وفي جوارها الاسلامي. اذا ان الولايات المتحدة ليست في مرحلة الانسحاب من المنطقة ولا في نية الصين وروسيا ان تلعب ذات الدور الامريكي وهنا ما اقصده هو الدور العسكري في توفير الحماية والمحافظة على المصالح كما كانت تفعل امريكا. إنما سينحصر دوريهما في المصالح الاقتصادية والعسكرية والاخيرة لجهة التسليح وتوطين صناعته في دول المنطقة العربية وفي دول جوارها الاسلامي وفي هذا الجوار، اقصد تحديدا ايران. مما يقود هذا أو هو حاصل فعليا في الوقت الحاضر؛ الى صراع هذه القوى الدولية على مناطق النفوذ في المنطقة العربية وفي جوارها؛ في الاقتصاد والتجارة والمال والاعمال والطاقة والتدافع في عروض بيع الاسلحة.. وهنا يكون لدينا سؤال هل هو صراع تنافسي او هو تصادمي او هو وسط بين الحالين؟ وكيف تتكون وتتشكل هذه المسارات مستقبلا، الذي لن يكون انتظاره طويلا؟ وما علاقة كل هذا مع ما يجري من التحضير لحلحلة المشاكل في المنطقة؛ لتصفيرها او تبريدها؟ قبل الخوض في هذه الحلحلة ومجرياتها؛ من الاهمية الاشارة الى ان السعودية لن تبتعد كثيرا عن الولايات المتحدة، بل ان العكس ربما هو الصحيح هذا اولا وثانيا؛ ان السعودية وبالذات تحت ادارة او رئاسة ولي العهد الامير محمد بن سلمان تخطط وخططت قبل الآن بوقت طويل على ان لاتضع جميع حاجاتها التكتيكية والاستراتيجية في سلة واحدة بل تنويع سلال تحريكها كي تمنحها حرية الحركة في المواجهة والمحافظة على امنها في فضاءات رحبة ومفتوحة بلا اشتراط وشروط. بالإضافة الى هذا، فأن هذه السياسة سوف تمنحها وسائل ضغط على الشريك الامريكي، هذا اولا وثانيا وهذا هو الاهم؛ البدء الفعلي في تنويع مصادر السلاح و توطين بعضه الآن وتوسعته مستقبلا. أما ايران وكما بينت في المقال السابق؛ من انها او ان قيادتها تعمل دوما على استثمار نتائج صراع القوى الدولية الكبرى لصالح مشاريعها. فهي تعمل على تبريد الاوضاع بطريقة او بأخرى مختلفة؛ حتى يكون بإمكانها تمرير هذه المشاريع بلا صخب ولا ضجيج؛ يثير حول طريق انفاذها عاصفة من غبار التوجس والتشكيك والخوف من المحطات النهائية لقطارات هذه المشاريع والمراسي الختامية لسفن هذه المشاريع التي تحولها واقعيا الى دولة اقليمية كبرى قادرة على المحافظة على مصالحها السياسية والاستراتيجية وما هو متصل بالاثنين في فضاءاتها الاقليمية وحتى خارج هذه الفضاءات في الفضاءات الدولية ذات الصلة والارتباط بالفضاءات الاقليمية. هذا لا ينطبق على ايران فقط بل على تركيا ايضا. أما القوى الدولية الكبرى، روسيا والصين وامريكا في صراعها التنافسي، او في صراعها التصادمي بالإنابة؛ فممكن جدا، ان تتوافق مصالحهما في البعض من ملفات المنطقة، اي على طريق تفكيكها وحلحلتها، بتلاقي مصالحهما في الحلحلة والتفكيك لصراعات دول المنطقة العربية، مع مصالح الدول الاقليمية الكبرى، ايران وتركيا وربما غيرهما.. لنترك اليمن ولبنان وغيرهما جانبا، ولنأخذ سوريا، وما ينطبق عليها ينطبق ايضا بطريقة او بأخرى وبمسار او بمسار اخر على بقية دول المنطقة العربية موضوع الصراع. يجري في الوقت الحاضر؛ الانفتاح على النظام السوري، والعمل جار لعودة النظام السوري الى الجامعة العربية بتوافق جميع الدول العربية تقريبا، وبمباركة القوى الدولية باستثناء امريكا، ودول الجوار الاسلامي للمنطقة العربية. فقد تم مؤخر عقد اجتماع تشاوري ضم دول الخليج العربي والاردن ومصر والعراق؛ للبحث بالطريقة الامثل لعودة سوريا الى حضنها العربي. ان هذا الامر جيد جدا فهو يمهد الطريق لعودة الاستقرار والسلام الى سوريا. إنما السؤال الاهم؛ هو ما هو مصير إرادة الشعب السوري في الحرية واقامة نظام ديمقراطي يحافظ على كرامة الشعب وحريته وإرادته في انتخاب من يمثله في ادارة شؤون الدولة والتي هي في الاول والاخير شؤون حياته وامنه وكرامته وتطوره وتنمية موارده والاستقلال الناجز لدولته وسيادتها بلا قواعد اجنبية تكسر استقلاله وتجرح سيادته حتى لو كان اقامتها على فرية التحالف او الحليف او الصديق او الشريك الموثوق. اذا ارادت هذه الدول الاقليمية الكبرى سواء ما كان منها دول عربية او دول من المحيط الاسلامي المجاور لسوريا والمنطقة العربية؛ ان تكون هنا سوريا الدولة والحكومة تمثلان إرادة الشعب؛ فيجب ان يكون هناك دستور جديد ونظام ديمقراطي يمثل تمثيلا حقيقيا إرادة الناس على ارض سوريا. هنا يكون من السهولة قانونيا العمل على جلاء القوات الاجنبية من اي دول جاءت الى الارض السورية وبالذات القوات الامريكية. هذا الجانب من التحليل، وهو جانب افتراضي يقع في خانة التمنيات. إنما الواقع ربما يكون على خلاف هذا الافتراض او هذه الافتراضات. المسؤولون الامريكيون يصرحون ليلا ونهارا؛ من المهم اقامة نظام ديمقراطي في سوريا وو الى اخره؛ حتى يتم رفع العقوبات عنها واعادتها الى الصف العربي والدولي. ان هذه التصريحات الامريكية ما هي الا كلمة حق يراد بها باطل. من الصعوبة التصور ان التحرك العربي نحو تطبيع العلاقات العربية مع سوريا النظام من دون مباركة امريكية خفية او على اقل تقدير ضوء اخضر امريكي. صحيح هناك تباعد بين الادارة الامريكية الحالية والمملكة العربية السعودية، لكنه تباعد تكتيكي يقع على خط تقليص حظوظ الديمقراطيين في الفوز في الانتخابات الامريكية المقبلة، بالإضافة الى خطط السعودية الاخرى، ولا يمس الخط الاستراتيجي لعلاقة الشراكة بين الدولتين. من الممكن جدا ان تكون الدولية العظمى في صراع ساخن في مكان ما من العالم وتوافق المصالح في مكان اخر من هذا العالم. هنا لا استبعد حسب قناعتي المتواضعة؛ ان يتم ربما في المستقبل القريب؛ تسوية الاوضاع في سوريا تحت حكم النظام الحالي ضمن تسوية شاملة بتوافق الدول الاقليمية الكبرى العربية منها والاخرى من الجوار الاسلامي، والقوى الدولية الكبرى وبالذات من لها ادوار لعبتها على ارض الواقع في سوريا، في صفقة ربما لا تكون معلنة، او ربما البعض من بنود هذه الصفقة لا تكون معلنة ان حدثت وصارت واقع على الارض. قد تكون من اهم بنودها؛ هو ترتيب ما او ترتيب بشكل او باخر، بمسار او بمسار اخر؛ علاقة النظام السوري مع دول جوار سوريا، جميع دول جوار سوريا بلا استثناء؟.. وفلسطين في القلب منها؛ من خلال او عبر؛ تنظيم او اقامة غرفة مظلمة، يجري التفاوض فيها بعد اغلاق بابها بأحكام. في الختام اقول؛ لا شيء مستبعدا او خياليا يصنعهما الخيال الخصب في عالم المصالح والتوافقات والمقايضات الدولية والاقليمية، والأخيرة سواء العربية منها او غيرها من الدول الاقليمية الكبرى. التي يتم تحت دروبها الصخرية؛ دفن أرادة الناس..
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات