الوثيقة | مشاهدة الموضوع - واشنطن بوست: بعد مقتل أحدهم في إسطنبول.. اللاجئون السوريون خائفون من تهديدات كليتشدار أوغلو بترحليهم
تغيير حجم الخط     

واشنطن بوست: بعد مقتل أحدهم في إسطنبول.. اللاجئون السوريون خائفون من تهديدات كليتشدار أوغلو بترحليهم

مشاركة » الجمعة مايو 26, 2023 1:49 pm

4.jpg
 
لندن- “القدس العربي”:

مع اقتراب الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية في تركيا، يشعر اللاجئون السوريون بالخوف على مستقبلهم في البلد. فقد اتسمت الحملات الانتخابات بالنبرة المعادية للمهاجرين.

وفي تقرير أعدته لويزا لافلاك وأسماء العمر، قالتا إن مقتل لاجئ سوري أثار خوف السوريين. فقد ظهرت ملصقات في مدينة إسطنبول تعد بترحيل اللاجئين السوريين في اليوم الذي قُتل فيه اللاجئ صالح سبيكة.

وتظهر لقطات الكاميرا في مصنع للجوارب، معركة باللكمات بين سبيكة (28 عاما) وزميله التركي. ولم يمر وقت طويل حتى ذهب التركي إلى مطعم قريب وأمسك بسكين وعاد ليطعن سبيكة في صدره، الذي كان ميتا عندما وصل المستشفى.

وقال صديق طفولته عصام: “لم يقتل فقط بالسكين، ولكن قتلته الكلمات من كل السياسيين الذين زرعوا أيديولوجية في عقول الناس ضدنا.. لن يكون آخر شخص يموت”.

ومع تحضير تركيا لجولة الإعادة المصيرية، فإن مصير أشخاص مثل سبيكة وعصام متعلق بصناديق الاقتراع. وبعد سنوات من الأزمة الاقتصادية، تحول اللاجئون السوريون وطالبو اللجوء إلى هدف للقادة الأتراك من كل الطيف السياسي، والذين يوافقون على أن المهاجرين باتوا يغيرون شكل الأمة ويجب إعادتهم إلى بلدانهم بالقوة.

وحتى قبل الانتخابات، شهدت البلاد موجة ترحيل بالقوة وتحرشات من الشرطة وجرائم كراهية تركت السوريين بشعور المحاصَر. وكافح الرئيس التركي الذي رحب باللاجئين السوريين للرد على الغضب العام في بلاده. وتعهد رجب طيب أردوغان في حملته الانتخابية بإرسال ملايين منهم إلى بلادهم.

وقبل جولة الإعادة يوم الأحد، ذهب زعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو أبعد من ذلك، حيث جعل من ترحيل السوريين جوهر حملته الانتخابية. وفي الساعات الأولى من صباح السبت، ظهرت ملصقات عليها صورة المحاسب السابق البالغ من العمر 74 عاما برسالة: “سيرحل السوريون”.

وعندما انتشرت أخبار مقتل سبيكة ووصلت إلى مجموعة إسلام على واتساب، ظن الطالب البالغ من العمر 21 عاما، أنها خدعة، وحاول الصراخ عليه لأن سبيكة كان شخصا يحب المزاح، مع أنه خفف منه، وقال لإسلام إن مجرد السير في شوارع إسطنبول جعله يشعر بالخوف.

وقال طه الغازي، الناشط من شرق سوريا، إن جريمة الكراهية هي الرابعة هذا الشهر. فقبل أيام، كان يراجع قصة طفلة سورية عمرها 9 أعوام اختطفت وقُتلت في بلدة حدودية بمدينة كلّس التركية. وقال إن ضحايا الكراهية عادة ما يكونون من الأطفال والشباب.

وتقول السلطات في إسطنبول إنها اعتقلت الرجل التركي بتهمة قتل سبيكة، ولكنها لم تقدم أدلة. ومع اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، فرّ حوالي 150.000 سوري إلى تركيا. وفي تجمع عام 2012 أخبرهم أردوغان: “لقد عانيتم كثيرا” وأن تركيا هي “بلدهم الثاني”.

ومع استمرار الحرب، فرّ حوالي 5.5 مليون من السوريين إلى دول الجوار، واستوطن نحو 4 ملايين منهم في تركيا، ولا يزال منهم 3.6 مليون حسب أرقام الأمم المتحدة في تركيا.

ويقول المسؤولون الأتراك إن حوالي نصف مليون سوري عادوا طوعا إلى بلادهم، مع أن هناك ملايين منهم لا يزالون نازحين في وطنهم.

ولأن تركيا سمحت للاجئين السوريين بالعمل، فقد اندمجوا سريعا. وبحلول عام 2014، منحتهم الدولة بشكل رسمي حماية ورعاية صحية وتعليما. وأصدرت الحكومة التركية هوية مؤقتة أطلق عليها “كيمليك” لحماية السوريين من العودة الإجبارية إلى بلدهم.

وقالت وزارة الداخلية التركية العام الماضي، إن أكثر من 700 ألف طفل سوري وُلدوا في تركيا منذ بداية الحرب. ومع مرور الوقت، كافحت تركيا لمواجهة أزمات مثل التضخم والأزمة الاقتصادية، بشكل أدى لتراجع الترحيب باللاجئين.

وبدأت القنوات التلفازية خاصة التابعة للمعارضة، تصف السوريين بالغزاة، وقالت بدون أدلة إن السوريين يسرقون الوظائف من الأتراك.

ووصل عصام وإسلام إلى تركيا عام 2018 من مدينة الرقة التي سيطر عليها تنظيم الدولة في 2014، وكان قريبين من بعضهما البعض. ومثل بقية السوريين، تعلم إسلام اللغة التركية، ولكنه تمنى في بعض الأوقات أنه لم يفعل ذلك، فلم يعد قادرا على تجنب العنصرية التي انتشرت في الإعلام “كانت لعنة” تعلمه اللغة، كما قال.

وشعر الصديقان أن بطاقة “كيملك” كانت بمثابة مصيدة، فقد اشترطت عليهما البقاء في المنطقة، رغم عدم توفر الأعمال. وكان سبيكة واحدا من الذين سافروا إلى إسطنبول وبحثوا عن عمل وعاش في الظل. واعتُقل المئات بسبب خرقهم شروط الإقامة، فيما تم اعتقال مئات آخرين في مداهمات لأماكن العمل والبيوت، ونُقلوا إلى مراكز الترحيل وعددها 25 مركزا، والتي يدعمها بشكل جزئي الاتحاد الأوروبي لمنع اللاجئين من الوصول إلى شواطئه.

وأشهر مراكز الترحيل موجود في منطقة تولا في إسطنبول. وقضى صديق لسبيكة وإسلام أسبوعا فيه، وأخبرهم أن الظروف هناك قاسية، لدرجة أن لاجئا بكى في الليل وناشد المسؤولين عنه أن يرحلون. وقال: “لو أردتم ترحيلنا فقوموا بذلك الآن”.

وقال عدد من المرحلين لمنظمات حقوق الإنسان، إن الضباط الأتراك استخدموا العنف أو هددوا باستخدامه لدفع اللاجئين للموافقة على الترحيل الطوعي. وبالنسبة للكثير من السوريين، فالعودة إلى سوريا أمر لا يفكرون به. فقد وثقت منظمات حقوق إنسان حالات للتحرش والتجنيد الإجباري لمن عادوا، واختفى بعضهم بدون أثر.

وبداية هذا العام، وجد سبيكة نوعا من الاستقرار، حيث وجد عملا في مصنعين للجوارب بإسطنبول، والذي كان كافيا لدعمه عندما يتقدم لطلب “كيملك” في المدينة، أما الوظيفة الأخرى فلتوفير مبلغ من أجل شراء هاتف نقال. وطُرد سبيكة من عدة بيوت لأنه سوري، وعاش في شقة مكتظة وكان ينام على فراش خفيف، لكنه كان متفائلا ويستخدم عطر “زارا”، وفي صباح مقتله، استقبل أقارب له.

وبحسب شهادة الوفاة، فقد مات في الساعة 12.30 ظهرا بسبب “إصابة عمل”. ووصلت الأخبار إلى إسلام في المدينة الساحلية التي تبعد 300 ميل عن اسطنبول، حيث ركب أول حافلة في رحلة استمرت 12 ساعة، ولم يخف من إمكانية مواجهة الشرطة في الطريق، فهو لا يستطيع البقاء ليلا في إسطنبول، وتجنب سريعا، شرطيين في محطة المترو.

ولأن سوريا مقسمة بسبب الحرب، فقد كانت الرحلة إلى الرقة تقتضي مرور جثة سبيكة على عدة نقاط تفتيش. وكان شيخ قبيلة هو من أخبر والديه اللذين لم يستطيعا الحزن عليه، وفكّرا بالطريقة التي يمكنهما بها استعادة جثة ابنهما.

وبعد سنوات من الكفاح، شعر إسلام بالخوف بعد مقتل صديقه، وهو الخوف الذي ظل يخفيه دائما.

وأُفرج عن جثة سبيكة وكُفّن بالكفن الأبيض، ونقل عبر سيارة إسعاف في رحلته الطويلة. ووضع إسلام يده حول جثة صديقه وبكى، فلن يرافقه في رحلته للوطن، وحتى لو كان يريد ذلط، فبطاقة الإقامة ستُسحب منه لو اقترب من حدود سوريا.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير