الوثيقة | مشاهدة الموضوع - رئيس برلمان العراق يواجه تحدي الإطاحة من منصبه
تغيير حجم الخط     

رئيس برلمان العراق يواجه تحدي الإطاحة من منصبه

مشاركة » الأحد مايو 28, 2023 6:06 pm

4.jpg
 
بغداد ـ «القدس العربي»: يواجه رئيس البرلمان العراقي، وزعيم حزب «تقدّم» محمد الحلبوسي، ضغطاً سياسياً وحراكاً يقوده خصومه من السياسيين السنّة للإطاحة به من المنصب، بعد أن بدا وحيداً في مواجهة ذلك الضغط بخسارته الشريك الرئيسي في تحالف «السيادة» خميس الخنجر. فالأخير انخرط في تحالف جديد مع حزب «وطن» بزعامة النائب السابق مشعان الجبوري، ونجله يزن.
وعقب انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، انضمّ الحلبوسي مع الخنجر في «تحالف ثلاثي» جمعه بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والحزب «الديمقراطي الكردستاني» (مثّله رئيس الإقليم الحالي نيجيرفان بارزاني) لكن سرعان ما انفرط عقد ذلك التحالف، بإعلان الصدر الانسحاب من العملية السياسية.
وحصدت كتلة الحلبوسي البرلمانية «تقدّم» على أكثر من 30 مقعداً نيابياً، وتصدّره نتائج الانتخابات الأخيرة مقارنة بخصومه السنّة المنضوين في تحالفين بارزين أحدهما «عزم» برئاسة مثنى السامرائي، وتحالف «الأنبار الموحّد» الذي يجمّع شخصيات سياسية بارزة من بينها رافع العيساوي، وسلمان الجميلي، وصهيب الراوي، وجمال الكربولي وغيرهم من سياسيي «الجيل الأول».

«دوافع شخصية»

وبالحديث عن الأسباب التي دفعت هذه الشخصيات والأحزاب إلى التحرك لإقصاء رئيس البرلمان من منصبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر لـ«القدس العربي» إن «الدوافع شخصية. بعض الأطراف سواء خارجية أم من داخل المكون السنّي، ترى أن قدرة الحلبوسي على إدارة شؤون المكون بهذه الطريقة سوف يشكّل ضربة لها، وهذا بحد ذاته أمر مرفوض بالنسبة لها» مبيناً أن «إحداث انشقاقات (داخل كتلة الحلبوسي) يمكن أن يحقق مكاسب لتلك الأطراف».
وطبقاً له، فإن «أي أزمة داخل المكوّن السني، بعد حالة الاستقرار التي شهدها المكون في أعقاب عام 2021 وبعد إجراء الانتخابات الأخيرة التي مثّلت إرادة الشارع السنّي، فإن دوافعها سياسية، ولا تتعلق بالإصلاح» ورأى أن الحلبوسي «يلعب بشكل أو بآخر دوراً جيداً في إدارة المؤسسة التشريعية، في حين كان دور رئاسات البرلمانات السابقة، هامشيا، خصوصاً فيما يتعلق بحقوق المكون. هذا الأمر يعد أبرز أسباب الحملة التي تقودها أطراف سنّية، وأخرى من خارج المكون لضرب الحلبوسي».
وأشار إلى أن «من يدفع بخلق أزمة داخل المكون السني، شخصيات رفضها الشارع في مراحل سابقة، واليوم تحاول تصدير نفسها من خلال خلق أزمة أو صناعة فوضى داخل المكون السني، ويتم استثمار سلوك هذه الشخصيات، من قبل أطراف لا تريد للبيت السني الاستقرار، كون ذلك يمثل تهديدا وضعفا لها أو تراجعا لمستوى حضورها داخل المشهد».
وأضاف: «هذه نقطة يجب أن يفهمها الجميع. تلك الشخصيات، خاسرة انتخابياً رفضها الشارع، وسبق أن اختتمت حضورها السياسي بأزمة النزوح أو الفوضى أو التظاهرات التي عصفت بالمكون السني» لافتاً إلى أن الأخير «يحمّل تلك الأطراف، مسؤولية الخسارات التي لحقت به، لذلك حراك إقصاء الحلبوسي، لا يتعلق بالإصلاح بقدر تعلقه بالتسقيط وفرض إرادة معينة أو العمل بأي شكل من الأشكال لضرب جهات معينة وإضعافها وتصدير أخرى، لها القدرة على التضحية باستحقاقات المكون، في سبيل أن تبقى في هذا الموقع».
وتبعا للبيدر، «هذه الأطراف تتمثل بتحالف عزم وجهات سياسية أخرى» موضحا أن الإطاحة بالحلبوسي تصب في مصلحة تحالف العزم».

خسر حليفه في «السيادة»… وخصومه من الجيل الأول

وفي حين لم يستبعد أن يُستهدف الحلبوسي بـ« مناورة سياسية سنّية» معتبرا في الوقت عينه أن «القوى السياسية الشيعية أكثر حكمة ودهاءً فهم يدركون إن غياب الحلبوسي سيُخلق أزمة ويترك فراغاً كونه يتربع على حزب سياسي وكتلة انتخابية لها ثقلها برلمانياً (تتجاوز الـ30 مقعداً) وإن هذا الرقم لو أضيف إلى القوى المعارضة سيخلق أزمة نيابية، خصوصاً أن الحكومة تدفع في اتجاه تعزيز حالة الاستقرار السياسي. الإبقاء على الحلبوسي في هذه الفترة أفضل من إزاحته».

قاعدة حزبية كبيرة

ولفت إلى أن «الحلبوسي يمتلك 14 مقعداً في محافظة الأنبار من أصل 15 مقعداً، أي أنه يحظى بدعم 95٪ من جمهور المحافظة، كما إنه يمتلك قاعدة حزبية كبيرة بكون يتزعم (تقدم) الذي يمثل الثقل السني داخل البرلمان، ومرد ذلك، تبنيه للقضايا المصيرية للمكون السنّي كالمغيبين والعفو العام والمساءلة والعدالة وإعادة النازحين وإعمار المدن المحررة والتمثيل الحكومي».
وذكر أيضاً أن «بعد حملة الإعمار التي شهدتها محافظة الأنبار، من المرجّح حصول الحلبوسي على حصّة الأسد في المحافظة (في إشارة إلى الانتخابات المقبلة)» منوهاً إلى إمكانية «نقل تجربة الأنبار وتعميمها في محافظات (سنّية) أخرى كصلاح الدين وكركوك وديالى ونينوى، بالإضافة إلى المناطق السنّية في العاصمة بغداد التي من الممكن أن تشهد حضوراً لحزب تقدّم».

كسب الشارع

وأشار إلى أن «شعبية الحلبوسي وحزبه تأتي كون الشارع السنّي جرّب خيارين سياسيين في السابق؛ الأول تمثّل بالأحزاب التقليدية التي هي عبارة عن أدوات لأطراف من خارج المكون، فيما يمثل النوع الآخر دكاكين سياسية تظهر في فترة الانتخابات ثم تختفي» معتبراً أنه «على الرغم من كون حزب تقدم من الأحزاب السياسية الفتيّة، غير إنه استطاع كسب ثقة الشارع». والأسبوع الماضي، خسر الحلبوسي شريكه الرئيسي في تحالف «السيادة» خميس الخنجر، إذ أكد الأمين العام لحزب «الوطن» يزن مشعان الجبوري، أن تحالف حزبه مع «السيادة» الذي تم مؤخراً، لا يضم الحلبوسي.
واعتبر، في تصريحات صحافية أن التحالف الأخير «يُعد إعلاناً رسمياً لانفصال السيادة عن حزب تقدم، خصوصاً مع وجود خلافات ما بين الخنجر والحلبوسي، بسبب عدم التزام الأخير بكثير من الاتفاقات، إضافة لرفض الخنجر تصادم الحلبوسي مع السلطة التنفيذية» وفقاً لموقع «شفق نيوز». وبين أن «التحالف الجديد ما بين (السيادة) و(وطن) سيخوض الانتخابات المحلية (المزمعة في نهاية العام الحالي) معاً دون أي تحالف مع حزب (تقدم) إضافة إلى أن التحالف الجديد، سيدخل الانتخابات البرلمانية المقبلة أيضا بشكل موحد، وهذا التحالف هو سياسي وليس فقط تحالفا انتخابيا» مردفا بالقول إن «التحالف سيجمع الكثير من الأحزاب والشخصيات السياسية السنية البارزة خلال المرحلة المقبلة».
ورجّح أن، الحلبوسي «سيعمل على محاربة التحالف الجديد، الذي أبعده، وسيعمل على منع بعض الشخصيات من الانضمام لهذا التحالف من خلال الترهيب أو الترغيب، فهو سيعمل على استخدام أدواته كافة لمحاربة هذا التحالف، الذي سيصبح قريباً هو الممثل الأكبر للقوى السياسية السنية في العراق».

الإقصاء أو التهميش

ومن بين جمّلة الأسباب التي دفعت السياسيين السنّة للوقوف بوجه الحلبوسي، هو شعورها بـ«الإقصاء أو التهميش» حسب رأي المحلل السياسي العراقي، واثق الجابري، الذي أضاف لـ«القدس العربي» قائلاً: «الخلافات ليس فقط بين الخنجر والحلبوسي، وإنما هنالك قوى برزت أو اعترضت أو انسحبت من حركه تقدم. وقوى سنية أخرى اعترضت على أفعال الحلبوسي التي تعتبرها نوعاً من الديكتاتورية، كالتدخل في عمل السلطات الأخرى، وفي عمل المحافظين، ومحاولته بسط نفوذه داخل المكون، وإقصائه شخصيات سنية بارزة أمثال محمود المشهداني وأسامة النجيفي وسليم الجبوري، وشخصيات أخرى مؤثرة».
وبين أن، تلك الأسباب، هي ما دفع لبروز «حراك داخل المكون السني، لا يقتصر على الخنجر فقط، فربما في المستقبل، ستولد تحالفات جديدة.
لكن الحلبوسي يحاول قدر الإمكان مناقشة هذه القضايا مع بعض القوى السياسية وإقناعها أو ثنيها عن هكذا قرارات بالانشقاق من حركة تقدم، لكن بالفعل الحراك موجود والقوى معترضة، وهذا واضح من عقد مؤتمرات ولقاءات عشائرية مؤخراً».
وخلافاً لحزب الحلبوسي، تحظى جميع القوى السياسية السنّية وأحزابها بدعم من «الإطار التنسيقي» الشيعي، لا سيما تحالف «عزم» الحليف الأبرز «للإطار».
ووفق الجابري، «الإطار التنسيقي، يراقب عن كثب الأحداث في الواقع السني، لكن هو غير معني بتغيير الزعامات واختيار الشخصيات، ويعتقد أن المسألة، تخص الشأن السني، وهم يختارون شخصياتهم رغم أن بعض القوى في الإطار التنسيقي مع تغيير الحلبوسي، وأخرى مؤيدة لبقائه».
ومضى يقول: «تفكير الإطار يتلخص أنه إذا كان هنالك تغيير، فليكن من السنّة والقرار لهم، وكذلك خيار الإبقاء على الحلبوسي، يجب أن يكون من داخل المكون السني» مبيناً أن «المناصب أو الرئاسات الثلاث محكومة باتفاق المكوّن، دون تدخل المكونات الأخرى. مثلما يكون اختيار رئيس الجمهورية من الكرد، ورئيس الوزراء من الشيعة، يكون رئيس البرلمان من السنّة».
وطبقاً للجابري، فإنه بعد فشل تجربة «التحالف الثلاثي» والتئام القوى السياسية في تحالف «إدارة الدولة» الحاكم، فإن المرحلة المقبلة، ستشهد «تحالفات بشكل آخر، بمعنى تشكيل تحالف يرتكز على الأقوياء، والمقصود بهم القوى المؤثرة في مكونه، بالتالي، يكون هنالك تحالف كردي قوي وتحالف سني قوي، وتحالف شيعي».
وذكر أن، «طموح القوى السياسية تجاوز الطائفية وتشكيل تحالف عابر للمكوناتية، لكن هذا التحالف يشترط تواجد، القوى الشيعية ـ باعتبارها الممثل للمكون الأكبر ـ وجزء من السنّة وجزء من الكرد، لتشكيل حكومة أغلبية، ومعارضة مكونة من المكونات نفسها، وهذا طبيعي في العمل السياسي باعتبار الدستور العراقي ضمن حق المكونات».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير