متخصصون بالنقل الدولي والاقتصاد ووزير أسبق، كشفوا أن الربط السككي مع إيران والسعودية، يشكل خطرا كبيرا على ميناء الفاو، خاصة وأنه يأتي في ظل سعي تركيا لمد خط سكك حديد بينها وبين السعودية عبر العراق لإيصال بضائعها، ما يحول البلاد إلى ترانزيت فقط، لاسيما وأنه يفتقر إلى الصناعة ليستخدم هذه الطرق ويصدر بضائعه.
فمن ربط إلى آخر، حتى تحول العراق إلى مجرد ممر إقليمي تنقل دول الجوار بضائعها عبر أراضيه، دون أي فائدة تذكر، لاسيما وأن المردود المادي من النقل السككي بسيط في ظل تكلفة تشغيله المرتفعة، كما أن الثمن الأكبر للربط السككي مع إيران والسعودية، سيدفعه ميناء الفاو الكبير، الذي سيقتصر دوره على البضائع التي تصل للعراق حصرا، أي التي يستوردها فقط، لتنتهي هنا القصة الكبيرة عن تحوله لنقطة ربط الشرق بالغرب.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، كشف الاثنين الماضي، عن بحث وزير النقل مع السعودية، لقضية الربط السككي، الذي سيكون مخصصا لنقل الحجاج، حسب تصريحه، فيما شدد على أن موقفه ما زال رافضا لأي ربط سككي تجاري.
طريق التنمية
ويقول المستشار في الاقتصاد والنقل الدولي والباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي، إن “الحديث عن الربط السككي مع السعودية، يتزامن مع حديث تركيا عن نيتها إنشاء ربط سككي بين طريق التنمية ودول الخليج، حتى توصل بضائعها للخليج العربي عبر السعودية”.
ويضيف الهاشمي، أن “دول الخليج مرتبطة جميعها بشبكة طرق موحدة، لذلك تحاول تركيا لإتخاذ العراق معبر بينها وبين الخليج، وهذا الطرح هو بمقابل طريق التنمية، فالعراق اقترح الطريق وهو يمر بالأراضي التركية تجاه أوروبا، بالتالي تركيا طلبت هذا الربط”.
مبينا أن “الربط مع السعودية، سيكون لفائدة الخليج وتركيا، وسيكون المتضرر الأول هو ميناء الفاو”.
ويوضح أن “ميناء الفاو وبدلا من استلام البضائع بشكل مباشر، سيكون النقل سككيا، أي أن البضائع لن تصله وستصل لموانئ دول الخليج، ومنها تتجه شمالات نحو العراق وتصل لتركيا”.
العراق سيكون مجرد ممر
مؤكدا أن “العراق في الظرف الراهن ليس أمام خيارات عدة بشأن طريق التنمية، لذا يجب أن يرتبط سككيا بدول الجوار، لكن بالمقابل هو يفتقر إلى مدن صناعية وإنتاج وصناعة حقيقية، بالتالي لا توجد جدوى من الربط، بل سيكون العراق عبارة عن ممر”.
ويشير إلى أن “هذا الربط سيضر العراق، ويحوله لمستقبل للبضائع سككيا، بالتالي سيفقد ميناء الفاو جزء من حصته السوقية لصالح دول الخليج”، مستطردا أن “النقل السككي لا يوجد فيه أي مردود مادي، فتكلفة تشغيله عالية وأرباجه قليلة، فالعراق لن يحصل على مردود كبير من مرور البضائع بأرضه”.
وفيما يخص إيران، يرى الهاشمي، أن “إيران ستشغل 3 موانئ للربط السككي، وأول ربط عبر منفذ الشلامجة والثاني عبر منفذ خسروي، الذي تنوي أن تفتحه مع العراق من جهة خانقين في ديالى، وهذا سيمتد لآلبو كمال ومنه للموانئ السورية، وهذا يعني أن العراق سيكون ممرا للبضائع الإيرانية”.
استغلال جغرافيا العراق
مبينا أن “كل الدول تستغل جغرافية العراق، لكن البلد لم يستغل موقعه ولم يفعل الصناعة، فلو كانت هناك صناعة لاشترط العراق أن تصل بضائعه للموانئ السورية عبر السكك الإيرانية”.
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وضع أمس الأول السبت، حجر الأساس لمشروع الربط السككي في منفذ الشلامجة الحدودي بمحافظة البصرة، وأكد أهمية المشروع في نقل المسافرين وزائري العتبات الدينية من إيران وبلدان وسط آسيا، فيما بين أن المشروع خضع لسنوات من النقاش وتم الاتفاق على إكماله بين العراق وإيران عام 2021.
يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كشف في العاشر من الشهر الحالي، عن مشروع ممر تجاري كبير يربط تركيا بالسعودية والإمارات عبر محافظة البصرة في العراق، وذلك لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الهند.
نتائج سلبية
إلى ذلك، يبين عضو لجنة النقل النيابية، وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار، أن “قضية الربط السككي مع إيران والسعودية ستكون لها نتائج سلبية على مشروع ميناء الفاو الكبير وطريق التنمية”.
ويؤكد أن “لجنة النقل النيابية، ستعمل خلال الفترة المقبلة على إستضافة وزير النقل والجهات المسؤولة عن مشروع الربط السككي مع إيران والسعودية لمعرفة تفاصيل هذا الربط، فهناك مخاوف وشكوك بأن الربط سيكون لأهداف تجارية وليس بهدف نقل المسافرين”، مبينا أن “المنفعة الاقتصادية الحقيقة للعراق هي الإسراع بإنجاز مشروع ميناء الفاو، فهذا المشروع في حال أنجز بشكل كامل وإدارة صحيحة، سيحدث طفرة نوعية للاقتصاد العراقي خلال السنوات القليلة المقبلة”.
السوداني رافضا
يشار إلى أن السوداني، سبق وأن أبدى رفضه للربط السككي مع إيران، وأكد قبل توليه منصبه: “لا أجد حاليا أي مصلحة للعراق في أي ربط سككي مع دول الجوار قبل أن ننشئ ميناء الفاو الكبير”.
وفي تموز يوليو 2019، طلبت طهران من بغداد الإسراع في تخصيص قطع الأراضي اللازمة لإقامة المشروع، وتفريغها من أية عوائق قبل البدء به، وحددت في وقتها مدة 90 يوما لإنجاز المشروع.
وبدأ مشروع الربط السككي بين البصرة وإيران، يأخذ صداه في العام 2014، خلال تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، حيث طرحت طهران مشروع الربط بين البصرة وميناء الإمام الخميني جنوبي إيران على الخليج العربي، وتضمن المشروع في وقته ربط ميناء الإمام الخميني بمنفذ الشلامجة والبصرة، وصولا الى ميناء اللاذقية في سوريا، ويبلغ طول الربط السككي من البصرة الى منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران 32.5 كليومتر فقط، ومن المفترض أن تستخدم هذه السكة لنقل المسافرين والبضائع.
ليس بالأمر السهل
من جهته، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي عامر الجواهري، أن “السعودية راغبة بشكل حقيقي بقضية الربط مع العراق، لكن هي لا تريد ذلك حالياً، فهي تريد ربط مع باقي الدول في البداية ثم التوجه للعراق”.
ويلفت إلى أن “الربط مع أي جانب ليس بالأمر السهل، خاصة مع وجود طريق تنمية، وهو مشروع اقتصادي جيوسياسي اجتماعي دبلوماسي سياحي، لذلك نحن لا نقلق من أي ربط لغرض نقل المسافرين، لكن المقلق هو أن يستخدم لنقل البضائع، لأن هذا سيؤثر على ميناء الفاو”.
ويرى “يجب أن ينجز ميناء الفاو بطاقة استيعابية كاملة، وليس بخمسة أرصفة، وغير هذا الكلام، فالوضع خطير، كما يجب أن تبرم اتفاقيات مع دولية، نستطيع من خلال التحكم بوجهة الشحنات”.
المصدر: العالم الجديد