الوثيقة | مشاهدة الموضوع - ميناء أمريكي عائم على شواطئ غزّة: مساعدات إنسانيّة ام قاعدة عسكرية؟ السفير الدكتور جواد الهنداوي
تغيير حجم الخط     

ميناء أمريكي عائم على شواطئ غزّة: مساعدات إنسانيّة ام قاعدة عسكرية؟ السفير الدكتور جواد الهنداوي

مشاركة » الثلاثاء مارس 12, 2024 10:07 pm

كِذبَة اخرى وكبرى من بين اكاذيب الولايات المتحدة الأمريكية، تروّجها قبل حلول نيسان!!
وتنطوي ( واقصدُ الكذبَة ) على قدر كبير من هواية وممارسة أمريكية إلا وهي ” الاستخفاف في عقول الناس “.قد تمّرُ وتعبّرُ على بعض من الرأي العام الأمريكي ، والمُتابع لما يجري في بلاده وخارج بلاده من احداث ،بحكم قرب الانتخابات الأمريكية ،وضرورة امتلاك صورة واضحة ومعيار لابداء رأيه و ممارسة حق الاختيار او الانتخاب ،ولكن لن تجتاز الكذبة الأمريكية حول غرض الميناء عقولنا ! دخلت غزّة ،بدماء أطفالها ونسائها ، وصمودها ، و مآسيها ،في السباق الانتخابي الأمريكي ، فبدأت ادارة الدولة العظمى ،والعاجزة عن إيصال المساعدة لغزّة براً وبحراً بالمساهمة في الإغاثة الجويّة لمُحاصري وجائعي غزّة ، وابتكرت فكرة مشروع الميناء البحري العائم على شواطئ غزّة ،كي تسّرع بالإغاثة ! وطبعاً هدفيّن خلف الإغاثة جواً وفكرة الميناء العائم : الانتخابات وحرص الرئيس بايدن على الإظهار ،امام الرأي العام الأمريكي ،بمظهر لباس الإنسانية وحقوق الإنسان الخ … ،والهدف الثاني هو أنْ لا تتُّهم ادارته ،سياسياً او قضائياً او اعلامياً، بتهمة المشاركة مع اسرائيل في جرائم الابادة الجماعية المروّعة ،التي يعيشها العالم منذ ما يقارب ستة شهور !
ad
ولكن هل هدف الميناء هو اغاثة اهل غزّة ؟
بكل تأكيد، كلا. وادناه هي الاسباب:
ـ اولا ، امريكا هي التي تدير الحرب، او بالأحرى “الابادة ” ومنذ اليوم الثالث لطوفان الأقصى ،اي منذ يوم ١٠ تشرين الاول . وتشارك فيها ، ليس فقط سياسياً و اعلامياً و دبلوماسياً ، وانما عسكرياً وميدانياً ، ويساعدها دول الناتو ، بعبارة اخرى ،يقع على امريكآ عبئ مسؤولية مساهمة فعّالة في جرائم الحرب والإبادة في غزّة ؛ فهي ( اي امريكا ) قادرة بكل تأكيد ،ولديها كل الوسائل السياسية والعسكرية، في ايقاف جرائم الابادة في غزّة . مجّردْ استخدام امريكا الفيتو لمنع صدور قرار بايقاف إطلاق النار ( والأصح ايقاف جرائم الابادة ) يجعلها شريكاً اساسياً ومع سبق الإصرار في الجرائم المرتكبة في غزّة !
ـ ثانياً، يكرر كبار مسؤولي الادارة الامريكية في تصريحاتهم ، ضرورة الوصول إلى إعلان هدنة في غزّة ، ” وقبلَ حلول شهر رمضان ” ! ولكن نواياهم ومصالحهم هي الوصول إلى هدنة ، في اقرب وقت ، ” وقبل موعد الانتخابات ” ! اي حتى المطالبة بالوصول إلى هدنة ( إنْ كانت المطالبة صادقة او نفاق ) يجبُ ان تُبرّمج ،لا وفقاً لمعايير اخلاقية وقانونية وانسانية ،وانما وفقاً للمصلحة الانتخابية الامريكية ،والمصلحة الاسرائيلية في الميدان ،و استخدام ” حلول شهر رمضان ” هو مجرد لتغطية النوايا وتضليل العالم ،كما هو ديدنهم في استخدام ” الديمقراطية ،وحقوق الإنسان ، ومعاداة السامية الخ …) .
ـ ثالثاً، هل فعلاً امريكا بحاجة إلى ميناء عائم لنقل وايصال المساعدات ، وهل هي فعلاً عاجزة على الضغط او الطلب من إسرائيل بفتح المعابر الحدودية الأربع لايصال المساعدات ؟ ولماذا عدم الاستعانة بمجلس الامن لاتخاذ مايلزم بخصوص إيصال المساعدات ؟ ولماذا عدم الاستعانة بقرارات محكمة العدل الدولية ،والتي طالبت إسرائيل باتخاذ كل التدابير لمنع الابادة والموت جوعاً ؟ مجرد طرح هذه الاستفهامات ، ودون اجابة ، تكفي لكشف التضليل و نوايا الادارة الأمريكية بخصوص اغاثة غزّة وبخصوص اهداف الميناء .
ـ رابعاً، منع الابادة و اغاثة غزّة لا يقتضيان الانتظار ستة شهور ،ولكن ايجاد فكرة الميناء ، ليكون قاعدة بحرية عسكرية أمريكية جديدة في المنطقة ، تحتاج ربما مثل هذه المًدّة . سيكون لأمريكا قاعدة عسكرية جديدة في شواطي غزّة، ليس بعيداً عن لبنان ، وتبعد بمسافة ٤٠٠ كيلومتر عن قاعدة حميميم الروسيّة .ولكن ماذا تريد امريكا من هذا الميناء العائم ؟
حماية إسرائيل و داعميها في المنطقة ، وعن قرب ، والضغط على حماس للقبول بالشروط الاسرائلية للهدنة ، والمشاركة معها في اقتحام رفح ( ان اقتضت الضرورة ) ، و رسالة اخرى إلى حزب الله و ايران ،والى الشعب العربي، وخاصة في مصر والأردن ، وفي حالة انتقال الحرب ،من مهدها الفلسطيني إلى جغرافيتها الشرق الاوسطيّة . تفكّر امريكا ومَنْ معها ، باستخدام الميناء العائم ،ربما ،لنقل اهل غزّة ، إلى دول ومناطق اخرى ،في حالة اقتحام رفح .
وهل المقاومة في غزّة و في المحور في غفلة عمّا يخطط له الصهاينة ؟
كلا. والدليل هو التكتيك الجديد الذي تستخدمه المقاومة في غزّة ،في الوقت الحاضر ،والذي يساير حرب استنزاف طويلة الامد ، قائمة على نصب الكمائن ،والاشتباك بمجموعات مقاومة اقل عدداً و اخّف حملاً .و نتساءل مثلما تساءل الصحفي الفلسطيني ،عبد الباري عطوان ؛ هل ستستعين المقاومة في غزّة بخبرة و دعم اليمنيين في التعامل مع الميناء الأمريكي ،المزمع إنشاءه على شواطئ غزّة ؟ .
للأسف ،لاتزال الادارة الأمريكية ترهنُ سياساتها الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وعلاقاتها الدوليّة للأرادة الصهيونية ، وتوظفهما لمصلحة إسرائيل . تعتقد الادارة الأمريكية ان ما تتبناه من سياسة تجاه القضية الفلسطينية، وخصوصاً تجاه ما يجري في غزّة ، سيصب في مصلحة إسرائيل ،وقد يكون هذا الاعتقاد صائب ،لمدة محدودة من
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron