واشنطن- مرسي أبو طوق
أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس الجمعة تشكيل تحالف لتوفير أسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا، تطالب بها كييف للدفاع عن نفسها ضد روسيا.
وقال شولتس في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في برلين إنه في إطار مجموعة الاتصال للدفاع عن أوكرانيا المعروفة باسم مجموعة «رامشتاين»، «نعلن تشكيل تحالف جديد لقدرات المدفعية البعيدة المدى». فيما هددت مجموعة السبع الجمعة إيران بـ»عقوبات إضافية شديدة» في حال أرسلت صواريخ بالستية الى روسيا، حسبما ورد في بيان مشترك. وقالت الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان «إذا بدأت إيران ترسل صواريخ بالستية أو تقنيات مرتبطة بها الى روسيا، سنكون مستعدّين للاستجابة بطريقة سريعة ومنسّقة، ويشمل ذلك فرض عقوبات إضافية شديدة». وأضافت «نحن قلقون جدًا بشأن التقارير التي تفيد بأن إيران تدرس نقل» مثل هذه الأسلحة إلى روسيا «بعدما زودتها مسيّرات تُستخدم في هجمات متواصلة ضد المدنيين في أوكرانيا».
ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تؤكد حاليًا أن عمليات تسليم الصواريخ البالستية قد تمت بالفعل، لكن مسؤولاً كبيرًا في البيت الأبيض قال إن هناك «خطرًا حقيقيًا من احتمال حدوث ذلك».
وقال المسؤول الأميركي «إن أحد خيارات (العقوبات) التي درسناها (داخل مجموعة السبع) هو وقف رحلات الخطوط الجوية الإيرانية إلى أوروبا»، بدون أن يعطي أمثلة ملموسة أخرى. وتشعر واشنطن بالقلق منذ عدة أسابيع بشأن تكثيف التعاون العسكري بين روسيا وإيران. وحذر المسؤول الأميركي من أن «الخطوط الأمامية للقتال في أوكرانيا تزداد عرضة للخطر يوميًا» فيما يعرقل الكونغرس حاليًا استئناف المساعدات العسكرية الأميركية الواسعة النطاق. كذلك، تعرب الولايات المتحدة بانتظام عن قلقها بشأن العلاقات العسكرية بين روسيا وكوريا الشمالية التي بدأت تزوّد موسكو بصواريخ بحسب واشنطن.
فيما قُتل 16 شخصا على الأقلّ وأصيب نحو ستين الجمعة في أحد أعنف الهجمات الصاروخية الروسية على مدينة أوديسا الساحلية في جنوب أوكرانيا التي استُهدفت مرّتين في الأيّام الأخيرة.
وقال النائب العام أندري كوستين عبر «اكس» إن «روسيا تواصل إرهاب أوديسا… 16 شخصا قتلوا و58 أصيبوا في هجوم صاروخي». وكان حاكم منطقة أوديسا أوليغ كيبر كشف في وقت سابق عبر تلغرام أن «مواطنين وعاملا طبيا ومسعفا» هم في عداد القتلى. وأفادت النيابة العامة عن إصابة ثمانية عناصر على الأقلّ من جهاز الطوارئ. وأعلنت البلدية السبت يوم حداد على ضحايا هذا الهجوم الذي يعدّ من الأكثر حصدا للأرواح في أوديسا منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا قبل سنتين.
وأشار أندري ييرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني عبر «تلغرام» إلى أن «الإرهاب الروسي في أوديسا دليل على ضعف العدوّ». وبحسب الجيش الأوكراني، أطلقت القوات الروسية «صواريخ بالستية من نوع اسكندر من القرم» التي ضمّتها روسيا إلى أراضيها بقرار أحادي الجانب في 2014. وبحسب أجهزة الطوارئ الأوكرانية، استهدفت ضربتان متتاليتان الموقع عينه.
وكشفت أجهزة الطوارئ أن ضربة صاروخية أولى استهدفت المدينة ملحقة أضرارا بمنشآت مدنية ومتسببة بحريق، فأوفد عناصر الإطفاء إلى الموقع وبدأوا بـ «إخماد النيران ورفع الأنقاض والبحث عن الضحايا» عندما «شنّ العدوّ ضربة صاروخية أخرى».
وأظهرت صور بثّتها أجهزة الطوارئ الأوكرانية عناصر إسعاف مصابين، وجوههم مضرّجة بالدماء وثيابهم ممزّقة، يتلقّون مساعدة من زملائهم.
وهذا هو الهجوم الفتّاك الثالث الذي تتعرّض له أوديسا منذ مطلع آذار/مارس.
ففي الثالث من آذار/مارس، استهدف هجوم بمسيّرة عمارة سكنية، موديا بحياة 12 شخصا، من بينهم 5 أطفال. وفي السادس من الشهر، أدّى قصف إلى مقتل خمسة أشخاص في وقت كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس يقومان بجولة في المدينة.
وقد كثّفت روسيا في الأشهر الأخيرة الهجمات على المدينة ومرفئها. وتعدّ أوديسا مركزا أساسيا لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر الممرّ البحري الذي اعتمدته كييف بعد انسحاب موسكو من اتفاق كان يتيح لأوكرانيا تصدير إنتاجها الزراعي.
والجمعة، في أوّل أيام الانتخابات الرئاسية في روسيا التي يضمن بوتين الفوز بها، أعلن كلّ من موسكو وكييف عن سقوط قتلى مدنيين في هجمات متبادلة بالمدفعية والمسيّرات خلال الليل.
قصف كثيف في الشرق
وفي منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا، قتل مدني ومقاتل وأصيب مدنيان في قصف أوكراني، وفق حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف. وفي الأيّام الأخيرة، شنّ مقاتلون روس موالون لأوكرانيا عمليات توغّل في عدّة مناطق روسية. وأكّد الجيش الروسي الجمعة أنه صدّ كلّ التوغّلات. وفي دونيتسك في شرق أوكرانيا التي تسيطر عليها روسيا، أعلنت السلطات الموالية لموسكو عن مقتل ثلاثة أطفال في ساعات الصباح الأولى إثر قصف طال المدينة ليلا.
وأعلنت الشرطة الأوكرانية من جهتها أن هجمات بمسيّرات روسية في الليل أدّت إلى مقتل زوجين وإصابة شابين في منطقة فينيتسيا (الوسط الغربي)، على مسافة أكثر من 400 كيلومتر من خطّ المواجهة.
وفي جنوب أوكرانيا، قضت امرأة في السادسة والسبعين من العمر في قصف روسي على منطقة زابوريجيا، وفق الإدارة الإقليمية.
وصرّح قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي عبر «تلغرام» الجمعة أن روسيا «ركّزت أبرز جهودها» حول مدنية أفدييفكا التي غنمتها من الأوكرانيين في شباط/فبراير وهي تسعى منذ عدّة أيام إلى «اختراق الدفاعات» الأوكرانية.
وكشف المركز الأوكراني المعني بسجناء الحرب أنه استعاد رفات مئة جندي سقطوا في المعارك على الجبهة.
ويشكّل هذا النوع من التبادلات مع ذاك الخاص بالأسرى العسكريين أحد المجالات القليلة التي تتعاون موسكو وكييف في إطارها منذ بداية الغزو.