بغداد/المسلة: تشير أحداث التظاهرات الاخيرة في مدن العراق الى التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة العراقية الحالية بقيادة محمد شياع السوداني، والتي تسعى إلى تقديم نفسها كحكومة مختلفة عن سابقاتها من خلال محاربة الفساد وتحقيق التنمية. لكن، مع استمرار المشكلات المزمنة مثل الفساد، الفقر، والبطالة، تتفاقم الضغوط على هذه الحكومة، خاصة مع تجدد الاحتجاجات الشعبية التي تعيد إلى الأذهان انتفاضة 2019. يعكس التقرير حالة الاستياء الشعبي المتزايد، وكيفية تعامل الحكومة مع هذه التحديات في ظل تعقيدات سياسية وأمنية مستمرة.
وتدل الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الاحتجاجات في بغداد التي قادها خريجون يطالبون بوظائف، على أن الأسباب التي فجرت انتفاضة 2019 ما زالت قائمة.
يقول علي الكاظمي: “أنا خريج من كلية الطب، قضيت سنوات من حياتي في الدراسة والتدريب على أمل أن أساهم في بناء هذا البلد، لكنني الآن أجد نفسي عاطلاً عن العمل، مثل الآلاف من زملائي. جئنا اليوم للاحتجاج لأننا لم نعد نملك أي خيار آخر. الحكومة تَعِدُ بالتغيير، لكن على أرض الواقع لا نرى سوى وعود فارغة. نحن نطالب بحقنا في العمل بكرامة، ولن نتراجع حتى نحقق ذلك.”
وعلى الرغم من أن الحكومة تتمتع بإمكانيات مالية جيدة بفضل عوائد النفط المرتفعة واستقرار نسبي، إلا أن هذا لم ينعكس على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
والفساد المستشري وتحويل الموارد العامة لمصالح شخصية وسياسية لا يزالان يشكلان عائقاً أمام أي إصلاحات جادة.
وتتحدث زينب الخفاجي: “لقد كنت أشارك في الاحتجاجات منذ انتفاضة 2019، واليوم أنا هنا مرة أخرى لأن شيئاً لم يتغير. الفساد منتشر في كل زاوية من الحكومة، والبطالة في ازدياد. نحن نرى السياسيين يثرون أنفسهم على حساب الشعب، بينما يعاني المواطنون من الفقر. نحن هنا لنقول للحكومة: لقد طفح الكيل، نحن بحاجة إلى حلول حقيقية، وليس مجرد كلام.”
وتعاني الحكومة الحالية من الفشل في تقديم حلول عملية لهذه المشكلات، مما يجعلها عُرضة لنفس المصير الذي واجهته الحكومات السابقة في ظل استمرار الاحتجاجات والمطالب الشعبية.
والاحتجاجات الأخيرة أعادت إلى الأذهان العنف الذي صاحب انتفاضة 2019، حيث استخدمت قوات الأمن القوة لتفريق المتظاهرين، مما أسفر عن إصابات في صفوفهم.
هذه الأحداث تبرز المخاطر الأمنية المترتبة على تفاقم الفقر والبطالة، حيث أن هذه العوامل تغذي التطرف وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار في البلاد.
والوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في العراق يشكل تهديداً مستمراً للحكومة، التي قد تجد نفسها غير قادرة على التمايز عن سابقاتها في ظل هذه التحديات.
ويقول عبد الحسين الجبوري: “كنا نعتقد أن الأمور ستتحسن بعد كل تلك السنوات من التضحيات، لكن يبدو أن الفساد أصبح جزءاً من النظام. لا يمكننا الاستمرار في العيش في ظل هذه الظروف الصعبة. نحن نتظاهر اليوم لأننا نريد مستقبلاً أفضل لنا ولأطفالنا. هذا ليس مجرد احتجاج، إنه صرخة من أجل العدالة والمساواة. نريد أن نرى حكومة تعمل لصالح الشعب وليس لمصالحها الخاصة.”