دعا مختصون في الشؤون البيئية الحكومة العراقية إلى الإسراع في عقد اتفاقيات مع الدول المتشاطئة لضمان حصة العراق من المياه، في ظل تزايد التحديات المتعلقة بشح المياه والتغيرات المناخية.
ويرى خبراء أن هذه الاتفاقيات ضرورية لمواجهة السياسات المائية للدول المجاورة التي تؤثر مباشرة في تدفق المياه إلى العراق، مما يهدد الأمن المائي والاقتصادي للبلاد.
وقال المختص في الشأن المائي، علي العبود، إن “هناك أهمية في عقد العراق اتفاقيات مع الدول المتشاطئة لضمان حصته المائية، وذلك بسبب التحديات الكبيرة التي تواجه العراق في هذا المجال”.
وأردف، أن “العراق يعد دولة مصب، ما يعني أن موارده المائية تعتمد إلى حد بعيد على الأنهار التي تنبع من دول أخرى مثل تركيا وإيران وسوريا”.
وأوضح العبود، أن “هناك الدول تقوم ببناء السدود والمشاريع الزراعية التي تؤثر في تدفق المياه إلى العراق، مما يؤدي إلى نقص حاد في المياه، ولذلك، يُعتبر التفاوض مع هذه الدول والتوصل إلى اتفاقيات ملزمة قانونيًا أمرًا حيويًا لحماية حقوق العراق المائية وضمان استدامة موارده المائية لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية”.
وتابع المختص في الشأن البيئي، أن “هذه الاتفاقيات يمكن أن تشمل ترتيبات لتقاسم المياه، وتحديد الحصص، والتعاون في إدارة الموارد المائية بطريقة تضمن الفائدة لجميع الأطراف المتشاركة”.
من جهته، أكد عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية، ثائر الجبوري، أن العراق لم يوقع أي اتفاقية لضمان حصته من الدول المتشاطئة معه.
وقال الجبوري، إن “مجلس النواب غير معني بالأمور التنفيذية، ومنها التفاوض مع الدول المتشاطئة حول ملف المياه، بل إنه يعمل على تسليط الضوء للحاجة الملحة إلى المياه ودفع الحكومة للتحرك نحو هذه الدول لضمان حصته من المياه”.
وأضاف، أن “هناك حراك عراقي نحو الدول المتشاطئة معه، لكن هذا الملف يعد شائك ومهم في الوقت نفسه”.
وتابع، أن “الحكومة ومجلس النواب ينتظران ما تسفر عنه نتائج المفاوضات لضمان حصة العراق”.
إلى ذلك، أفادت وزارة الموارد المائية العراقية، عزم الحكومة على تنفيذ 13 مشروعاً مائياً بالتعاون مع تركيا، مشيرة إلى أن “هذه الخطة ستسهم في “إحياء آلاف الدونمات من الأراضي بواسطة مشاريع الري”.
وقال المتحدث باسم الوزارة، خالد شمال، إنه “تقرر بناء ثلاثة سدود كبيرة لتجميع مياه الأمطار والسيول في محافظات نينوى وكربلاء والمثنى”، مضيفاً أنها “ستنّفذ في المستقبل القريب”.
وأضاف شمال: “سيتم إطلاق كثير من مشاريع الري بالاعتماد على هذه السدود لإحياء الأراضي المتصحرة، منها الأراضي الواقعة بين بغداد وبابل بمساحة 150 ألف دونم، وجزء من أراضي محافظة المثنى بمساحة 50 ألف دونم، وأكثر من 20 ألف دونم في الحويجة بكركوك، و400 ألف دونم في العمارة، و475 ألف دونم في محافظة ذي قار”.
وبين، أن “كل هذه المشاريع سيتم تنفيذها بالتعاون مع تركيا”، لافتاً إلى أن “رئيس الوزراء العراقي وجّه بالبدء في تلك المشاريع بأقرب وقت ممكن”.
وتابع، أنه “بالإضافة إلى المشاريع التي تشرف عليها الموارد المائية، هناك كثير من المشاريع الأخرى التي تقع ضمن مسؤولية وزارة الإعمار والإسكان التي حُدِّدت في اجتماع أمس”.
ويمتلك العراق نهرين من أطول أنهار العالم؛ دجلة والفرات، إضافة للروافد الفرعية والبحيرات المائية الثماني التي تعرضت لانخفاض قياسي في مناسيب مياهها، بما دق ناقوس الخطر من إمكانية جفافها بالكامل، لا سيما بعد جفاف نحو 90% من ثاني أكبر بحيرة بالبلاد “الرزازة” التي تمتد على مساحة 1800 كيلومتر، وتقع بين محافظتي الأنبار (غربا) وكربلاء (جنوبا).
ووفقا لمعهد ميديترينيان للدراسات الإقليمية (MIRS)، فإن العراق يفقد القسم الأعظم من مصادر مياهه، ففي عام 1933 كانت إيرادات العراق من مياه نهر الفرات تبلغ 30 مليار متر مكعب، لتتراجع عام 2021 إلى 9.5 مليارات، أما نهر دجلة فقد كانت إيراداته تقدر بـ20.5 مليار متر مكعب، لتتراجع عام 2021 إلى 9.7 مليارات فقط.
وفي ظل هذه الأزمة المائية، أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عبر الحساب الرسمي في تويتر انضمام العراق -كأول دولة عربية- إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمياه، كما يؤكد البرنامج استعداده الدائم لدعم العراق في تنفيذ اتفاقية المياه وتعزيز جهوده في دبلوماسية المياه لتأمين حقوقه المائية.
وكانت اتفاقية الأمم المتحدة للمياه أو ما يعرف بـ”اتفاقية هلسنكي” قد اعتمدت عام 1992، وأصبحت نافذة عام 1996، ووافقت أطراف الاتفاقية عام 2003 على تعديل المعاهدة لتمكّن أي دولة عضو في الأمم المتحدة من الانضمام إلى هذه الاتفاقية التي تهدف إلى ضمان الاستخدام المستدام لموارد المياه العابرة للحدود من خلال تسهيل التعاون وتحسين إدارة الموارد المائية على المستوى الوطني.