فضيحة تلو الأخرى، تعصف بالنظام السياسي في العراق، ربما بدأت من سرقة الأمانات الضريبة لكن تداعياتها لم تنتهِ، وتوالت بعدها الملفات الساخنة، مروراً بفضيحة شبكات الابتزاز من قبل قادة أمنيين كبار ووصولا الى شبكات التجسس بمكتب رئيس الوزراء، أما الموقف الأخير الذي رجح على إثره سياسيون انهيار النظام السياسي، هو ما أطلقه رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون خلال مؤتمر صحفي في أربيل، كشف من خلاله عن تواطئ شخصيات سياسية وقضايا تجاه “ملفات فساد”، وهذا كله حصل خلال حكومة محمد شياع السوداني التي يتجاوز عمرها عامين.
الضغوطات الأخيرة، ومن ضمنها ما حدث من اعتداء على تظاهرات خريجي ذوي المجموعات الطبية لعام 2023، تشير إلى انطلاق تظاهرات كبرى شبيهة بما حصل في تشرين 2019 تزامنا مع اقتراب الذكرى السنوية لها، وأكد سياسيون ذلك بأن تحركات دولية تحضر لما أسماه بـ “بتشرين ثانية”.
التجاوز على القضاء أخطر من الإرهاب!
رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، خرج ظهر اليوم الخميس، في كلمة أبدى فيها امتعاضه مما يجري في الوسط السياسي بالعراق.
كلمة المالكي، جاءت بعد أقل من 24 ساعة على مطلب رئيس هيئة النزاهة العراقية، القاضي حيدر حنون، بعقد جلسة برلمان علنية بخصوص قضية سرقة الامانات الضريبية والمسماة “سرقة القرن”.
وحذر رئيس الوزراء العراقي الأسبق من أن التجاوز على القضاء سيكون له تداعيات أخطر من الإرهاب على النظام السياسي.
وقال المالكي: “أما اذا صار التجاوز على صلاحية القضاء أو كما حصل في الإعلام التجاوز على القضاء أو على السلطة التشريعية أو على التنفيذية، فهذه بداية خطيرة لتداعيات ربما ستكون أخطر حتى من تداعيات العمليات الإرهابية التي تستهدف النظام”.
وشدد رئيس ائتلاف دولة القانون أن “الذي يستهدف البنية للدولة، وهي السلطات الثلاث يكون قد هدد أساسيات النظام الثلاثي”.
وتابع: “إذا تهددت وساءت العلاقة كما حصل مع الاسف الان وكما يحصل في احتمال بعض المناطق التي تشكو من ظاهرة التدخل بشؤون سلطة في شؤون سلطة الأخرى، فهذه بداية سيئة نحن نرفضها ونستنكرها وندينها، وندعو إلى احترام القضاء وما يقوله في الفصل بالقضايا”.
تحركات دولية لـ”تشرين ثانية”
من جهته، كشف نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، عن وجود تحركات دولية تحضر لما أسماه بـ “بتشرين ثانية”.
الأعرجي ذكر في تصريح متلفز، إن “شبكة جوحي لم تتنصت على المسؤولين، ولكن هناك تسجيلات، ورئيس الوزراء أحال الموضوع إلى القضاء”.
وأضاف، أنه “يمتلك وثائق تثبت تحضير الطرف الدولي الذي دعم تظاهرات تشرين، الأولى يحضر لأخرى عبر تمويلها”.
وأوضح الأعرجي، أنه “لا توجد شبكة تنصت، وإنما تسجيلات فقط، ومحمد جوحي جاء بزمن الكاظمي”، مبيناً أنه “لا يوجد مبرر للوم السوداني على ما فعله المتهم بهذا الملف”.
ولفت إلى أن “السوداني أحال قضية محمد جوحي إلى القضاء عندما سأله الإطار عن الموضوع”، مؤكداً أنه “تم غض الطرف عن التزويرات الكبيرة في مجلس النواب، والتركيز على قضية جوحي”.
عدد “شبكة التنصت” تزايد
من جهته، كشف مستشار رئيس الوزراء إبراهيم الصميدعي عن ارتفاع عدد المعتقلين على خلفية ما عرف بـ”شبكة التنصت” إلى 3 موظفين من مكتب محمد شياع السوداني.
وقال الصميدعي في برنامج متلفز، إن “المتهم الثالث الذي تم اعتقاله بسبب تجاوزات لموظفين بمكتب رئيس الحكومة وهو مصور ويعمل منذ 12 سنة برئاسة الوزراء ولديه أعمال خيرية في جمعية لمعالجة السرطان”، مبيناً أن اثنين من المعتقلين الثلاثة “تم إلقاء القبض عليهم بدون علم رئيس الوزراء، فيما الأخير تم اعتقاله بقسوة”.
وأعاد الصميدعي تأكيده على “عدم وجود شبكة تنصت”، وقال إنّ “هذه المجموعة من موظفي مكتب رئيس الحكومة ربما شكلوا مجموعة ضغط وربما حدثت بعض التجاوزات”، لافتاً إلى أنهم “لا يمتلكون القدرة الفنية، أو التخويل، أو الموافقة القضائية في التنصت على أي مسؤول”.
ونفى مستشار السوداني امتلاك مكتب رئيس الوزراء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الحكومة، مضيفاً: “نحن أغلقنا التعليقات في مواقع تدعم الجسور ومنجزات الحكومة لأننا لا نستطيع منافسة الذباب الالكتروني لدى جهات أخرى، ونتعرض للسب والشتم”.
وتحدث الصميدعي عن “وقوع الحكومة تحت الضغط بسبب عدة ملفات، منها قضية سرقة القرن، ثم الاتهامات على وجود شبكة تجسس، وأخيراً مؤتمر رئيس النزاهة القاضي حيدر حنون”.
وبيّن الصميدعي أنّ “السوداني ليس له علاقة بمؤتمر حنون، وهو يرفض أن يتم تداول أي عمل رسمي خارج القنوات الرسمية”، مشيراً إلى أن القاضي حنون “ارتكب خطأ وكان يفترض أن يتوجه إلى رئيس الحكومة، والأخير سوف يتناقش بالأمر مع القضاء، وإذا فشل سوف يذهب إلى الاطار التنسيقي”.
“أحذروا غضب الشعب”
وتعليقاً على ما تشهده بغداد من تظاهرات لمختلف الفئات من الخريجين والموظفين، وما تشهده بعض المحافظات من احتجاجات لمختلف موظفي القطاعات النفطية والحكومية، وكذلك الحراك الشبابي في محافظات الوسط والجنوب، يحذر القاضي والنائب السابق وائل عبد اللطيف من أن “مواجهة الاحتجاجات بالعنف قد يقود العراق إلى احتجاجات كبيرة خصوصا وأن احتجاجات الفئات الشبابية تأتي بالتزامن مع ذكرى انطلاق تظاهرات تشرين”.
وأضاف، أن “الدولة لم تعد قادرة على استيعاب أعداد الخريجين وزجهم بالوظائف الحكومية، وهذا ما يحتم على الحكومة صناعة بيئة استثمارية واقتصادية تؤمن للشباب صناعة مشاريع متنوعة تغنيهم عن المطالبة المستمرة بالتعيينات”.
وتابع: “يجب على البرلمان والكتل السياسية إدراك أهمية سن قانون الاستثمار والذهاب نحو تشريع الفقرات داخل مجلس النواب، بما يضمن تشغيل الشباب الخريجين والعاطلين عن العمل ممن وجدوا أنفسهم بمواجهة دولة ريعية لا يمكن مواجهة متطلبات الحياة فيها إلا من خلال الوظائف”.