أثارت ضجة تصويت البرلمان على قرار زيادة رواتب ومخصصات أعضائه القرار ردود أفعال غاضبة في الشارع العراقي لما فيه من مخالفة قانونية واجتماعية واقتصادية، محذرين من الانعكاسات السلبية لهذه الزيادة على الاقتصاد العراقي والعجز المالي المترتب على الموازنة الاتحادية للدولة.
وفي ظل الاختلاف الكبير في مستويات مخصصات ورواتب الموظفين في وزارات على حساب وزارات أخرى، وغياب العدالة في النفقات، طالب مختصون بتعديل سلم رواتب موظفي مؤسسات الدولة العراقية بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وكان البرلمان صوت في الجلسة السابعة التي عقدت في السابع من آب 2024، لصالح قرار زيادة رواتب ومخصصات أعضائه بما يعادل رواتب ومخصصات الوزير، كما تضمن القرار زيادة نسبة الخطورة الممنوحة لموظفي المجلس بما يعادل 30% من قيمة الراتب الاسمي.
وطالب عضو مجلس النواب أحمد الشمري، رئاسة البرلمان بإلغاء قرار زيادة رواتب أعضاء مجلس النواب لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالالتزام في مبادئ الدستور العراقي الخاصة بتساوي جميع العراقيين في الحقوق والواجبات وعدم التمييز تحت أي أساس أو سبب.
وشدد الشمري، في بيان، على ضرورة الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية العليا المُلزمة لجميع السلطات بخصوص عدم وجود صلاحية لمجلس النواب بتشريع أو إصدار قرارات تشريعية باستثناء موضوع صحة عضوية أعضاء المجلس.
وأفاد بأن الأولى برئاسة المجلس والحكومة العراقية العمل على تخفيض رواتب الوزراء لتتساوى مع رواتب أعضاء مجلس النواب إن كان الحديث عن المساواة، مشدداً على أهمية زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين ودعم الطبقات الفقيرة والمحرومة.
وفي السياق، اعتبر عضو اللجنة المالية النيابية، خليل غازي أن قرار مجلس النواب القاضي بزيادة رواتب أعضاء المجلس ومساواتهم مع الوزراء استحقاق طبيعي لأن درجة عضو البرلمان هي في مرتبة درجة الوزير الوظيفية.
وقال غازي، إن أعضاء البرلمان لا يتمتعون بالامتيازات والمخصصات المالية التي يتمتع بها وزراء الحكومة العراقية، على الرغم من المهام الكبيرة التي يعمل بها الأعضاء، خاصة وأن عضو مجلس النواب على تماس مباشر مع المواطنين وقضايا الشارع، بينما من الصعب لقاء الوزراء.
وعن ردود الأفعال التي أعقبت قرار مجلس النواب والإجراءات السرية التي تمت عند إقراره ومدى قانونيتها، أوضح غازي، أن رفع رواتب اعضاء البرلمان تم بطريقة قانونية وفقاً للنظام الداخلي للبرلمان، كما أنه ليس بحاجة للقراءات التشريعية باعتباره قرارا وليس قانونا.
من جهته، حذر الخبير الاقتصادي، صفوان قصي من تأثير زيادة الرواتب والمخصصات المالية على حجم الإنفاق العام ضمن موازنة الدولة الاتحادية وارتفاع معدلات التضخم والانعكاس السلبي على مستويات الأسعار.
وقال قصي، إن رفع أي راتب أي موظف في الدولة العراقية بما في ذلك البرلمان يجب ألا يتم إلا من خلال الحكومة مع قياس مدى قدرة وزارة المالية على تمويل نفقات زيادة هذه المخصصات.
وأضاف قصي، أن رواتب البرلمان والمدراء العامين بالإضافة إلى رواتب الرئاسات الثلاث ليست كبيرة قياساً مع إجمالي حجم النفقات العامة للدولة، مشدداً على ضرورة تعديل سلم الرواتب بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي ومستويات التضخم وفجوات العجز المالي.
وأكد أن أي زيادة تحصل على دخل فئة من الفئات تؤثر سلباً على طريقة الإنفاق، داعياً الحكومة إلى دعم المشاريع الاستثمارية والعمل على تخفيض تكاليف الحياة العامة والحد من ارتفاع الأسعار.
وشدد على ألا تصرف الوفرة المالية من أموال عائدات وإيرادات الدولة لفئات معينة دون فئات أخرى، والتركيز على ضرورة العدالة في الإنفاق لتجاوز المشاكل المترتبة على هذه الزيادات.
من جانبه، قال الباحث في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار العلي، إن التوجه إلى زيادة رواتب ومخصصات أعضاء وموظفي مجلس النواب تشوبها الكثير من علامات الاستفهام، لعدم وجود قانون يخول المجلس بزيادة رواتب موظفيه دون بقية مؤسسات الدولة العراقية.
وأضاف العلي، أن زيادة رواتب موظفي وأعضاء البرلمان إجراء ازدواجي يظلم عددا من الوزارات التي مازال موظفوها يتقاضون رواتب منخفضة لا تكاد تسد الحاجة اليومية للموظفين وعائلاتهم، كما هو الحال مع موظفي وزارات التجارة والصناعة والثقافة وغيرها.
وأوضح، أن معدلات التضخم المرتفعة تعد من أهم العوامل التي تقف خلف المطالبة برفع الرواتب، لأن القيمة الحقيقية للدخول النقدية انخفضت وأدت إلى تراجع القدرة الشرائية للموظفين وتراجع مستوياتهم المعيشية.
وأفاد العلي بأن زيادة أجور موظفي البرلمان دون غيرهم تؤثر على عدالة توزيع الدخل بين الشرائح السكانية، لأن زيادة رواتب فئة محددة لا تستفيد منها شرائح سكانية كبيرة.