بغداد
مجددا، يعود ملف الانتخابات المبكرة للواجهة، وهذه المرة من رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، حيث أكد أنه جزء من المنهاج الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لتكون هذه الدعوة الثانية ومن طرف سني، بعد دعوة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي المماثلة لها.
مراقبون للشأن السياسي، استبعدوا إجراء انتخابات مبكرة في ظل الوضع الحالي، بل اكدوا أنها ممكن أن تعقد المشهد السياسي، لاسيما وأن الإطار التنسيقي رافض لها جملة وتفصيلا، إلا أن ترجيحات سرت بالتوجه لها، في ظل الإشكالات التي أثيرت حول السوداني وخاصة قضية التنصت.
ويقول القيادي في الإطار التنسيقي عقيل الرديني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الإطار التنسيقي لا يوجد لديه أي توجه نحو الانتخابات المبكرة، وهذا الأمر لم يطرح أو يناقش داخل الإطار طيلة الفترة الماضية، بل طرح فقط زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وهو وجهة نظر شخصية له ولا يوجد دعم لها من أي طرف من أطراف الإطار”.
ويضيف الرديني، أن “ما تحدث به رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي هو ضمن المناورة السياسية ومحاولة الضغط السياسي على الأطراف السياسية في الإطار التنسيقي فيما يخص ملف رئاسة البرلمان، لكن الحلبوسي وغيره من الأطراف السياسية سواء السنية وحتى الكردية ليسوا مع الانتخابات المبكرة، والكل مع إكمال الدورة الحكومية بشكل كامل”.
ويتابع القيادي في الإطار، أن “كل مبررات الذهاب إلى الانتخابات المبكرة غير متوفرة، خاصة في ظل الاستقرار الحكومي والسياسي، والنجاحات في الكثير من الملفات من قبل السوداني وحكومته، ولهذا كل دعوات وأمنيات الانتخابات المبكرة، ولدت ميته ولا نتوقع أي تفاعل سياسي حقيقي معها”.
وكان رئيس حزب تقدم ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، قال في حديث متلفز يوم أمس الأول، أن الانتخابات المبكرة ستجري في نيسان أو آيار 2025، لأنها أصبحت ملزمة وفقا للمنهاج الوزاري.
وكان رئيس إئتلاف دولة القانون، نوري المالكي، دعا في حزيران يونيو الماضين إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد بحلول نهاية العام الحالي 2024، مؤكداً أنّ حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجه الانتخابي، كما طالب المالكي بقانون “يمنع المسؤولين التنفيذيين (رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والمسؤولين) من المشاركة في الانتخابات”.
وفي مارس آذار 2023، صوّت البرلمان على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة، مع صيغة سانت ليغو النسبية (بفارق 1.7)، فيما لم يتطرق إلى فكرة الانتخابات المبكرة.
إلى ذلك، يشير الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المعارضة للسوداني وحكومته أصبحت واضحة ومعلنة من قبل اطراف سياسية داخل الإطار التنسيقي وخارجه، وهناك مساع حقيقة لانهاء هذه الحكومة بأسرع وقت ممكن، لمنع بناء قاعدة شعبية أكبر للسوداني”.
ويبين الشريفي، أن “استهداف السوداني السياسي من قبل تلك الأطراف لن يتوقف فقط عن الذهاب نحو الانتخابات المبكرة، بل هناك سعي بأن يكون هناك تعديل لقانون الانتخابات، بشكل يضمن تقويض حظوظ السوداني وكتلته الانتخابية، التي يريد خوض الانتخابات فيها بعيدا عن الإطار التنسيقي بحسب المعطيات والمعلومات”.
ويستطرد أن “تكرار طرح الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة، ودعم هذه الفكرة من قبل طرف سياسي سني له ثقله السياسي والبرلماني، ممكن أن يدفع نحو تنفيذ الفكرة خاصة في ظل الصراع الداخلي الكبير ما بين السوداني وقادة الإطار التنسيقي، بعد قضية شبكة التنصت، التي دفعت ببعض قادة الإطار بالتفكير حتى بإقالة السوداني”.
وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنودا كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجبه في تشرين الأول أكتوبر 2022.
ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل تحالف الإطار التنسيقي، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي في أغسطس آب 2022.
من جهته، يبين القيادي في تحالف العزم عزام الحمداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما طرح من دعوات بشأن الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة، ليس له وجود حقيقي وطرح حقيقي في الأروقة السياسية، خاصة وأن جميع القوى السياسية مع إكمال حكومة السوداني كامل دورتها الحالية، وهناك إجماع على ذلك من قبل ائتلاف إدارة الدولة”.
ويؤكد الحمداني، أن “الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة في منتصف السنة القادمة، لن يقدم أي شيء خاصة وأن العمر الدستوري للانتخابات هو نهاية السنة القادمة، أي هذه الأشهر القليلة لن تفيد بأي شيء، بل على العكس ربما تعقد المشهد السياسي والانتخابي بشكل سلبي وتكون هناك تداعيات على الاستقرار السياسي والحكومي، وربما هذا ما تريده بعض الأطراف السياسية”.
ويشير إلى أن “طرح الانتخابات المبكرة، لا يمكن أن يكون من خلال التصريحات الإعلامية، التي تعبر عن وجهة نظر جهات وشخصيات سياسية، فهذا الملف يجب أن يناقش بشكل جدي وعملي داخل ائتلاف إدارة الدولة المشكل لهذه الحكومة والذي مازال داعم لها وبقوة، ولا يفكر بهكذا توجه وهذا ما أكدته كل اطراف الائتلاف مؤخرا بل وأكدت على استمرار دعم السوداني وحكومته”.
وأثيرت فضيحة التنصت بعد أن جرى اعتقال الموظف في رئاسة الوزراء محمد جوحي، كما أًدر السوداني أمرا في 20 أغسطس آب الماضي بـ”تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء، لتبنّيه منشورا مسيئاً لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق.
وهذه الشبكة، كان من أبرز ضحاياها زعيمين في الإطار التنسيقي، الذين قدما إفادتهما للقضاء العراقي، كما استمرت حملة الاعتقال حتى طالت موظفين آخرين بصفة مصورين وغيرهم في المكتب.