كركوك ـ «القدس العربي»: عادت عقدة كركوك المزمنة إلى واجهة الأحداث في العراق وسط خلافات حادة بين أحزاب المحافظة الغنية بالنفط حول مناصب الحكومة المحلية في أعقاب تفرد بعض القوى السياسية في بغداد، بتعيين محافظ كردي ورئيس مجلس المحافظة واستبعاد قوى أساسية، خلافا للتوافقات المعتادة ضمن سيناريو لترتيب أوضاع إقليم كردستان العراق وفق أجندات محلية وإقليمية، ما ينذر بتوتر الأوضاع وتعقيد المشهد في المحافظة والإقليم.
وبعد اعتراض أحزاب كردية وعربية وتركمانية على جلسة مجلس محافظة كركوك في 10 آب/اغسطس الماضي، التي تم خلالها اختيار محافظ جديد ورئيس مجلس المحافظة، جاء رفض المحكمة العليا الاتحادية طلب تلك الأحزاب، الإيقاف العاجل للإجراءات المترتبة على الاجتماع المذكور، ليكون هذا الإجراء منسجما مع توجهات أحزاب السلطة في بغداد في رسم شكل السلطة في كركوك.
وكان المعترضون على تشكيلة حكومة كركوك الجديدة، قد طلبوا من المحكمة إيقاف الإجراءات المرتبطة بذلك الاجتماع، لحين حسم نتائج الدعاوى التي قدموها للقضاء. وذكروا أسباباً تبرر مطلبهم، أبرزها أن اجتماع المحافظة جرى في غياب رئيس السن، ودون إبلاغ كافة أعضاء المجلس، إضافة إلى أن الاجتماع عقد سرا خارج كركوك من دون مبرر. وقال المدعون إن الجلسة انتهكت تمثيل المكونات في مجلس المحافظة والتعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات العراقية المرقم 12 لسنة 2018.
وتعليقا على قرار المحكمة الاتحادية أكد رئيس الجبهة التركمانية حسن توران أن «المحكمة الاتحادية أصدرت قرارها بشأن الأمر الولائي، إلا أن الدعوى لا تزال مستمرة» وشدد قائلاً: «نحترم قرارات وتفسيرات المحكمة الاتحادية، ولكن هناك مخالفات قانونية واضحة في أصل القضية» مشيرا إلى: «لدينا قضايا في محكمة القضاء الإداري، وأصل الدعوى لا يزال منظورا أمام المحكمة الاتحادية، ولن نتراجع عن المطالبة بحقوق أبناء شعبنا».
مقاطعة مجلس المحافظة
وبعد القرارات الأخيرة واستمرارا لخلافات مزمنة ومستعصية بين أحزاب كركوك، فقد قاطع حزب السيادة (السني) والديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية في كركوك، جلسة مجلس المحافظة التي تم عقدها في العاصمة العراقية، وذلك لغياب التوافق المعتاد على توزيع المناصب الرئيسية في حكومة كركوك، بالرغم من عقد عدة اجتماعات برعاية رئيس الحكومة محمد السوداني في بغداد.
وفي تصريحات متفرقة، قال المتحدث باسم حزب السيادة خالد المفرجي، إن حزبه يحرص على «عدم التفريط بحقوق المكون العربي في محافظة كركوك، لذا قررنا مقاطعة جلسة مجلس المحافظة التي دعت إليها بعض القوى، ونؤكد للجماهير العربية في كركوك أننا لا نرضى بالتهميش ونرفض ما قام به بعض الشركاء من مخالفة الاتفاقات السياسية المسبقة والتي تهدف إلى ضمان حقوق الجميع بدون اقصاء أحد على حساب آخر». وتابع المفرجي، أن «الشركاء (البارتي والجبهة التركمانية) معنا في مقاطعتنا لجلسات المجلس كحق مشروع في الدفاع عن حقوق ناخبينا وسنسعى معا لاسترداد الحق ورفض الإقصاء والتهميش».
وأكد أن «مقاطعة حضور الجلسة تدل على رفض تام للاعتراف بشرعية وتشكيل الحكومة المحلية ورئاسة مجلس المحافظة والتي مضت بإجراءات تخالف القانون وما اتفقنا عليه مع شركاء العملية السياسية بما يخدم كل أبناء كركوك وبمختلف مذاهبهم وقومياتهم».
وكانت القوى السياسية المتنفذة في بغداد (الإطار الشيعي) عمدت إلى فرض ممثل حزب كردي حليف لها (الاتحاد الوطني) في منصب المحافظ خلال اجتماع بغداد بغياب قوى رئيسية فاعلة في كركوك، التي عدت الاجتماع ونتائجه مخالفا للدستور والقانون والتوافقات المعتادة.
ويذكر أن جلسة مجلس المحافظة عقدت بمشاركة 9 أعضاء من مجلس محافظة كركوك في فندق الرشيد ببغداد، صوّتوا خلالها على انتخاب ريبوار طه محافظاً لكركوك، ومحمد الحافظ رئيساً للمجلس. وشارك في عملية الانتخاب أعضاء الاتحاد الوطني الكردستاني الخمسة، وثلاثة أعضاء من المكون العربي، وعضو مسيحي واحد، بغياب باقي الأعضاء السبعة.
والمحافظ الجديد ريبوار طه هو قيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني وسبق أن رفعت دعاوى ضده لوصفه الجيش العراقي بالمحتل لكركوك، كما أنه من المؤيدين بقوة لاستقلال كردستان عن العراق.
مواقف معارضة
وحيث يتفق المراقبون على أن الأحزاب المعترضة على جلسة مجلس المحافظة هي قوى رئيسية فاعلة ولا يمكن تجاهلها في إدارة المحافظة، فإن ردود أفعال غاضبة وسريعة لسياسة فرض حزب معين على مجلس المحافظة برزت عبر تصريحات وبيانات رافضة وتظاهرات تمثل العرب والتركمان طافت شوارع المدينة.
وقال رئيس الجبهة التركمانية حسن توران، إن «المئات من التركمان والعرب الرافضين لما جرى في جلسة فندق الرشيد غير القانونية وغير الشرعية، وجهوا رسالة لرئيس الوزراء السوداني بالتدخل وإعادة الحقوق لأن كركوك كانت رمزاً للوحدة الوطنية». وتابع «نعتبر هذه الخطوة تكريسا للقرارات الانفرادية التي تهدد الأمن المجتمعي والسلم المدني في كركوك» مشددا أن «مشكلة كركوك لا تحلّ بتوزيع المناصب، كركوك بحاجة إلى تعزيز الثقة بين المكونات، وما حصل هو تخريب الثقة».
ويذكر أن التركمان يشكلون ثالث أكبر قومية في العراق بعد العرب والكرد، ويتركزون في محافظات كركوك، ونينوى، وغيرها.
الحزب الديمقراطي الكردستاني، من جانبه أكد في بيان رسمي عدم اعترافه بحكومة كركوك المحلية.
وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد، إن «حكومة كركوك الحالية فيها اشكاليات قانونية كثيرة وهي ضد التوافق وضد الشراكة واستحقاق المكونات وهذا ما لم يتفق عليه الجميع». فيما أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، أن «الاتحاد الوطني الكردستاني بفعلته هذه قد نصب المشانق لنفسه، وهم يعتقدون بأنها نهاية المطاف، ولكن الديمقراطي لن يتأثر إطلاقا».
فيما أعلن عضو مجلس محافظة كركوك (ومحافظها السابق) راكان سعيد الجبوري، أن «ما جرى غير قانوني وغير دستوري وعلى رئيس مجلس الوزراء التدخل وإحقاق الحقوق، كركوك ليست للمزايدات وليست للبيع وما جرى في ليلة العاشر من الشهر الماضي في فندق الرشيد ببغداد نكبة ويوم أسود كتب فيه أن أصوات المكون العربي تم التنازل عنها».
وفي السياق ذاته، انتقدت الأحزاب المعارضة في كركوك استعجال رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد في المصادقة على قرار تعيين محافظ كركوك قبل الاطلاع على طعون وشكاوى وانتظار قرار المحكمة الاتحادية. علما أن رئيس الجمهورية ومحافظ كركوك الجديد من نفس الحزب (الاتحاد الوطني الكردستاني ـ حزب جلال الطالباني).
والانتقادات لمواقف الاتحاد الوطني الكردستاني لم تقتصر على الأحزاب المعارضة في كركوك، بل امتدت إلى داخل الحزب نفسه، عندما أكد القيادي السابق في الاتحاد الوطني الكردستاني الملا بختيار على «أن القيادة الحالية للحزب ضحت بكافة مناصب خانقين من أجل ضمان تصويت المكون العربي للمحافظ الجديد». وقال الملا بختيار خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني حواري «إن بقاء ريبوار طه في منصب محافظ كركوك ما زال غامضا كون الأطراف السياسية رفضته». وأوضح الملا بختيار أنه خلال تشكيل الحكومة المحلية الجديدة في كركوك تم الغدر بمدينة خانقين، من خلال عدم منح الكرد أي منصب فيها.
محاولات تهدئة توتر المحافظة
وفي المقابل وفي محاولة لتهدئة غضب الأحزاب المعارضة للتشكيل الحكومي الجديد في المحافظة، وللضغط على الرافضين للقبول بالأمر الواقع، دعا محافظ كركوك الجديد ريبوار طه، القوى السياسية المعترضة على تشكيل الحكومة المحلية الجديدة التي يرأسها إلى الحوار لإنهاء الخلافات. وقال طه خلال مؤتمر صحافي عقده عقب أدائه اليمين الدستورية «أدعو القوى السياسية المعترضة إلى الحوار والعودة والمشاركة في إدارة المحافظة» مشيرا إلى أن «الكابينة الحكومية مستوفية للشروط القانونية كافة» حسب قوله.
وبدوره أعلن رئيس مجلس المحافظة محمد الحافظ، ترك مناصب إدارة الدوائر الحكومية في المحافظة إلى المكون التركماني ضمن استحقاقهم الانتخابي لحين التحاق ممثليهم بالدوام الرسمي في المجلس.
فيما قال عضو مجلس محافظة كركوك عن المكون العربي، رعد صالح إن «الاتفاق على منصب محافظ كركوك تم وفق التدوير الثلاثي وإن محافظ كركوك ريبوار طه، سيغادر منصبه نهاية عام 2025 ويسلم المنصب إلى محافظ من المكون التركماني لمدة عام، ثم يتولى مرشح من العرب منصب المحافظ حتى نهاية الدورة الانتخابية أواخر 2027» مشدداً على أن الأطراف التي حضرت جلسة انتخاب المحافظ ملتزمة بهذا الاتفاق. إلا أن المعارضين لا يبدو أنهم اقتنعوا بهذه الإجراءات وقرروا مواصلة مقاطعة مجلس المحافظة.
اللاعب الإقليمي في أزمة كركوك
ويتفق المراقبون على ان قضية كركوك بعد عام 2003 لم تعد قضية عراقية داخلية، بل امتدت خيوط اللعبة فيها إلى التأثيرات الخارجية وخاصة إيران وتركيا. وفيما تدافع تركيا عن حلفائها من الأحزاب التركمانية، فإن إيران تحرص على التواجد عبر حلفائها وأصدقائها في المحافظة الغنية بالنفط إضافة إلى بغداد.
فقد اتهم النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي في حوار تلفزيوني، «إيران بالوقوف وراء صفقة تشكيل حكومة كركوك».
شنكالي وصف ما جرى في فندق الرشيد في بغداد، بانه «المرارة لحل المشاكل» وانه كان بـ«أجندة إيرانية بالاتفاق مع الاتحاد الوطني الكردستاني» حيث «الخط الإستراتيجي لطهران يمر عبر ديالى وكركوك ونينوى» حسب النائب. وأضاف أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني «حصر التمثيل الكردي به فقط في كركوك» متهماً الأعضاء العرب الثلاثة الذين انضموا إلى تشكيل الحكومة بأنهم «قبضوا أموالا» لقاء ذلك.
وعن مشاركة رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي بصفقة كركوك، قال إنّ الأخير «التحق بالخط الإيراني لايقاف خسارته، ولأنه وجد بأن لا مستقبل له إلا بالذهاب مع خيارات طهران» في إشارة إلى قيام المحكمة الاتحادية مؤخرا بطرد الحلبوسي من رئاسة البرلمان.
والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يقوده جلال طالباني، تربطه علاقات تحالف قديمة مع طهران وتعد محافظة السليمانية التي يديرها الاتحاد الوطني في إقليم كردستان، إحدى ساحات النفوذ الإيراني المهمة في العراق.
الصراع الكردي الكردي
والحقيقة أن جذور الخلافات بين الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق قديمة، وتتركز حول النفوذ والسلطة في الإقليم، وخاصة حول السيطرة على كركوك، حيث تعمق الصراع رغم كل المحاولات المحلية والخارجية (الأمريكية) للتقريب بينها، فيما استغلت بعض القوى السياسية في بغداد ودول الجوار، هذه الخلافات لإضعاف القرار الكردي وتحقيق أجنداتها في الإقليم.
وتشهد حاليا العلاقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي والاتحاد الوطني) تدهورا كبيرا وخلافات مستمرة حول ملفات عديدة أبرزها إدارة الإقليم وتوزيع الثروات والموارد والعلاقة مع أحزاب السلطة في بغداد والعلاقات مع إيران وتركيا وقانون الانتخابات وغيرها من الملفات الحساسة.
وبخصوص إدارة الإقليم، اتهم عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غازي كاكائي، الحزب الديمقراطي الكردستاني بالاستمرار في سياسية القرار الواحد في كردستان، فيما أقر «ان سياسية الاتحاد الوطني تنسجم مع سياسة حكومة السواني في العديد من الملفات التي يرفضها الحزب الديمقراطي». وقال كاكائي في تصريحات، إن «لقاء بافل طالباني ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخرا، جاء لإيجاد الحلول لعدة ملفات خلافية مع الحزب الديمقراطي». فيما اتهم الاتحاد الوطني الكردستاني، الحزب الديمقراطي بوضع «العوائق والثغرات» أمام عودة الإيزيديين إلى قضاء سنجار، لتحقيق أهداف سياسية، وغيرها من الاتهامات.
وفي المقابل يتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الاتحاد الوطني، بانه يتحالف مع أحزاب بغداد في ملفات تلحق الضرر بمصالح الإقليم وتؤدي إلى إضعاف القرار الكردي. وفي هذا السياق اتهم متحدث حكومة إقليم كردستان بيشوا هوراماني، نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني (القيادي في الاتحاد الوطني) بعرقلة صرف رواتب موظفي الإقليم، بعد أن طلب طالباني ربط رواتب موظفي السليمانية ببغداد مباشرة. واصفا ذلك بانه «ممارسات خاطئة تسببت في معاناة شعبنا».
ووصلت الخلافات بين الحزبين، إلى الاتهامات المتبادلة بالخيانة، حيث أشار رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور برزاني، في تغريدة إلى أن «ما حدث من أحداث وتطورات بمواقف الأحزاب الكردية بخصوص مواد قانون الموازنة العامة الاتحادية، تعتبر خيانة من قبل الأحزاب الكردية والتأريخ لن ينسى الخونة الكرد» في اشارة إلى الخلافات بين الحزبين الكرديين على بنود الميزانية 2023.
وكان قادة الحزب الديمقراطي اتهموا الاتحاد الوطني بالخيانة لقيامه بتسليم كركوك التي كانت خاضعة للاتحاد، إلى القوات الاتحادية عام 2017 بدون قتال، عقب الاستفتاء على الاستقلال وتقدم الجيش العراقي للسيطرة على مناطق متنازع عليها بين حكومتي أربيل وبغداد.
ومن جانبه، أقام الاتحاد الوطني تجمعات قبل أيام وجه خلالها اتهامات إلى حزب بارزاني بالخيانة لاستعانته بالجيش العراقي لطرد قوات الاتحاد الوطني من أربيل عام 1996. وهي الأحداث التي تدخلت فيها الولايات المتحدة وانتهت بتوقيع «اتفاقية واشنطن» عام 1998 وأرست تحالفا بين الحزبين الكرديين الرئيسيين بعد سنوات من التصادم المسلح بينهما.
وفي السنوات الأخيرة أصبح واضحا أن أحزاب وفصائل الإطار الشيعي التي تشكل حكومة محمد السوداني، استغلت الخلافات الكردية لمد نفوذها إلى الإقليم من خلال تعميق تحالفها مع الاتحاد الوطني الذي تربطه علاقة وثيقة قديمة بطهران، من أجل الضغط على الحزب الديمقراطي في العديد من الملفات ومنها ملفات كركوك والنفط وتواجد القوات الأمريكية في الإقليم.
دور المحكمة الاتحادية
ولا شك بأن المحكمة الاتحادية في بغداد لعبت دورا مؤثرا في حسم القضايا الخلافية سواء بين حكومتي الإقليم وبغداد أو في الخلافات الكردية الكردية. وأبرزها قرارات المحكمة بحل برلمان الإقليم وهيئة انتخابات الإقليم وإلغاء قانون تصدير نفط الإقليم وربط رواتب موظفي الإقليم ببغداد وغيرها من الملفات الخلافية. وقام الاتحاد الوطني المقرب من أحزاب السلطة في بغداد بتقديم العديد من تلك الدعاوى التي يعارضها خصمه الحزب الديمقراطي.
وردا على الاتهامات التي توجه لحزبه بأنه تسبب بالضرر لإقليم كردستان من خلال القرارات التي اتخذتها المحكمة الاتحادية لتقليص صلاحيات الإقليم، قال عضو الاتحاد الوطني الكردستاني حسن آلي، إن «الإقليم هو كيان سيبقى وسيستمر ولا يمكن لأحد أن يقلل من شأنه، وما حصل من قرارات مؤخرا جاءت لتصحيح مسار خاطئ، وتعديل عملية الانتخابات». وأضاف أن «الاحتكام لدى القضاء العراقي هو ليس مثلبة، فالمحكمة الاتحادية هي أعلى سلطة قضائية ونحن نحتكم ضمن حدود الدولة العراقية التي نحن جزء منها، ولم نذهب لدولة أجنبية». وادعى أن «القرارات التي اتخذتها المحكمة الاتحادية هي لتصحيح وتقويم عملية الانتخابات لتكون انتخابات تنافسية عادلة بين الجميع».
وجاءت هذه الاتهامات من الديمقراطي الكردستاني ضد الاتحاد الوطني الكردستاني الذي قام بالطعن في قانون انتخابات برلمان كردستان، الأمر الذي اعتبره الديمقراطي الكردستاني انه يقوض صلاحية الإقليم.
وقررت المحكمة الاتحادية العليا مؤخرا، عدم دستورية بعض المواد في قانون انتخاب برلمان كردستان العراق رقم 1 لسنة 1992 أبرزها تقليص عدد نواب برلمان الإقليم، وعدم دستورية بعض المواد وتقسيم المناطق الانتخابية وشروط المشاركة في الانتخابات وكوتة الأقليات وغيرها من المواد، التي يرى المراقبون انها قد تضعف التفوق المعتاد للحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة.
ولا شك أن جلسة محافظة كركوك في بغداد التي رتبتها قوى الإطار الشيعي، وما أسفر عنها من نتائج، عمقت الخلافات والصراع بين الأحزاب والمكونات في المحافظة المتنازع عليها بين الأحزاب المشاركة في العملية السياسية بعد 2003. وأن نتائج التفرد في فرض بعض الأحزاب سيطرتها على المناصب الرئيسية في المحافظة مؤخرا بدون الاهتمام لاعتراضات الأحزاب والمكونات الأخرى ستكون له عواقب ونتائج غير محمودة على استقرار المحافظة.
ويرى المراقبون أن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أصبح يتباهى أن تشكيل حكومة كركوك وقبلها حكومة نينوى، التي حقق فيهما الاتحاد نتائج متقدمة بالتحالف مع قوى الإطار الشيعي، يندرج ضمن سيناريو لتوسيع نفوذ الاتحاد الوطني في الإقليم على حساب الحزب الديمقراطي، وهي مقدمة للنتائج التي يطمع تحقيقها في انتخابات الإقليم القريبة هذا العام، حيث يسعى الاتحاد الوطني إلى تحقيق تقدم في تلك الانتخابات لإضعاف التفوق المعتاد للحزب الديمقراطي من أجل السيطرة على حكومة الإقليم.
فيما أكدت الأزمة الجديدة في كركوك بوضوح أن الصراع والخلافات بين القوى السياسية الحاكمة لا علاقة لها بمصلحة الوطن والمواطن، وانما من أجل الاستحواذ على السلطة والمناصب والمصالح الاقتصادية من دون استبعاد تأثير الأجندات الإقليمية، إيران وتركيا.