بغداد ـ «القدس العربي»: اتهمت رئاسة الجمهورية العراقية، أمس الخميس، ما وصفتها بـ”صفحات مشبوهة” تديرها شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي وضباط مخابرات سابقون، تتحدث عن تنفيذ حملات “إعدام بالجملة”، بهدف إثارة الفوضى وخلط الأوراق وتحريك الشارع.
وذكرت في بيان، بأن “بعض الصفحات المشبوهة العائدة لبعض المطلوبين للقضاء وضباط المخابرات في زمن النظام السابق ممن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين، تداولت خبراً مفاده صدور مراسيم جمهورية بالجملة للمصادقة على أحكام الإعدام الصادرة على المحكومين بالجرائم الإرهابية”.
واعتبرت أن “مثل هذه الأخبار الكاذبة التي يروج لها أعداء العراق، إنما تسعى لإثارة الفوضى وخلط الأوراق وتحريك الشارع في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة”.
وأكد البيان أن “رئاسة الجمهورية لن تتوانى عن القيام بواجباتها في المصادقة على أحكام الإعدام على الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء بعد أن يستوفي الحكم الإجراءات القانونية كافة من تمييز وإعادة محاكمة وعرض على لجنة العفو الخاص”، مشيرة إلى أن “رئيس الجمهورية بصفته حامياً للدستور حريص على استكمال الإجراءات القانونية بحق المحكومين وهو مسؤول عن حماية دماء العراقيين الأبرياء والقصاص من قتلتهم”.
ودعت الرئاسة، حسب البيان، “من صدرت بحقهم أحكام بالإعدام أو ذويهم ممن لم تستوف إجراءاتهم القانونية إلى تقديم طلباتهم لرئاسة الجمهورية من أجل تحويلها إلى الجهات القضائية المختصة”.
وشددت على أن “ما تم الترويج له في الصفحات المشبوهة لا يمت للحقيقة بصلة وهو محض أكاذيب وافتراءات”، محذرة من “هذه المحاولات المشبوهة التي يقودها بعض المندسين ممن تضررت مصالحهم بزوال النظام الدكتاتوري وهزيمة تنظيم داعش الإرهابي”.
وجددت الرئاسة في بيانها، الدعوة إلى “توخي الدقة في تداول الأخبار في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام والتحقق منها قبل نشرها، فأعداء العراق لن يتوانوا في اختلاق الأكاذيب وافتعال الأزمات بقصد الإضرار بالعراق وشعبه”.
في الموازاة، اعتبرت عضو لجنة النزاهة النيابية انتصار المالكي، أن تنفيذ أحكام الإعدام يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة وإنصاف عوائل الضحايا الذين عانوا من ويلات “الإرهاب”.
وقالت في بيان صحافي أصدرته عقب الموقف الرئاسي، إنه “في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها بلادنا، نعرب عن دعمنا الكامل لقرارات رئاسة الجمهورية بالمصادقة على أحكام الإعدام بحق الإرهابيين ومن تلطخت أيديهم بالدم العراقي، إن هذه القرارات تأتي بعد استيفاء كافة الشروط القانونية والشرعية، بما في ذلك توفر الأدلة القاطعة والشهود، وضمان محاكمة عادلة للمتهمين”.
واضافت أن “تنفيذ هذه الأحكام يمثل خطوة حاسمة في مسار تحقيق العدالة وإنصاف عوائل الشهداء والضحايا الذين عانوا من ويلات الإرهاب، كما يعكس هذا القرار التزام الدولة الراسخ بدعم سيادة القانون وتعزيز الأمن والاستقرار في ربوع الوطن”. وتابعت: “إننا نؤمن بأن تطبيق العقوبات الرادعة بحق المدانين بجرائم إرهابية يساهم في ردع الأفراد والجماعات عن ارتكاب مثل هذه الأفعال الشنيعة، ويعزز من ثقة المواطنين في النظام القضائي، مؤكداً على التزام الدولة بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء”.
وفي هذا السياق، أكدت المالكي أهمية “احترام حقوق الإنسان وضمان أن جميع الإجراءات القانونية تُتبع بدقة، مع توفير كافة الضمانات القانونية للمتهمين لضمان محاكمات عادلة وشفافة”.
والشهر الماضي، أكدت وكالة “فرانس برس” نقلاً عن مصادر أمنية عراقية، أن السلطات في البلاد نفذت حكم الإعدام بحق 21 شخصاً، بينهم امرأة، مدانين بجرائم أغلبها “الإرهاب”.
وفي 12 تشرين الأول/ أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أصدر مرصد “أفاد” لحقوق الإنسان في العراق، بياناً تحدّث فيه عن ما لا يقل عن 50 عملية إعدام جرت خلال أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتبرها من بين أوسع عمليات إعدام نُفذت في البلاد منذ 2003.
وحمل المرصد رئاسة الجمهورية، مسؤولية تسريع وتيرة عمليات الإعدام من أجل غايات سياسية.
وقال في بيانه، إن “السلطات العراقية أقدمت على تنفيذ واحدة من أوسع عمليات الإعدام في البلاد منذ عام 2003، حيث جرى تسليم ما لا يقل عن 50 معتقلاً لذويهم خلال شهر أيلول/سبتمبر المنصرم، جرى إعدامهم شنقاً في سجن الناصرية المركزي جنوبي البلاد”.
وأضاف، أنه أجرى “تحقيقات” أشارت إلى تنفيذ إدارة سجن الناصرية أربع عمليات إعدام جماعية في أيلول الماضي، كان أوسعها يوم الرابع والعشرين، وبواقع 21 معتقلاً، حيث سُحبوا من قاعات السجن فجراً، ونُفذت أحكام الإعدام بحقهم.
ووفق تقرير المرصد فإن “إدارة السجن نفذت عمليات الإعدام بالمعتقلين بملابس النوم ومن دون السماح لهم بالصلاة أو كتابة وصايا ورسائل لذويهم، حيث جرى سحبهم بشكل مفاجئ فجراً إلى الوحدة الخاصة التي تقع فيها منصات الإعدام، ورفع ستة معتقلين في كل مرة وشنقوا مع أصوات وتعليقات في بعض الأحيان تُنكل طائفياً بالمعدومين”.
واتهم، رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد بالتوقيع على إعدام المعتقلين “بناء على توصيات وضغوطات سياسية لجهات طائفية داخل بغداد، بعضها فصائل مسلحة، رغم وجود أدلة وعرائض قدمها المعتقلون تؤكد تعرضهم للتعذيب وانتزاع المعلومات تحت الإكراه وتوقيعهم على أوراق مكتوبة مسبقاً”.
كما سبق أن أكدت منظمة العفو الدولية أن نحو ثمانية آلاف سجين عراقي صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ودعت السلطات العراقية إلى الوقف الفوري لعمليات الإعدام التي تصدر عقب محاكمات بالغة الجور وبعد انتزاع الاعترافات من المتهمين تحت الإكراه والتعذيب.
ووصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، استئناف الإعدامات الجماعية في العراق بالتطور المريع، وشددت على أنه ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فوراً عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وأشارت إلى أن الظلم الهائل خلال تنفيذ أحكام الإعدام تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة.