لا يزال الغموض يحيط بإستخدام إسرائيل للأجواء العراقية، خلال تنفيذ هجومها الأخير على إيران، في ظل غياب موقف حكومي من الرواية التي أوردتها بعثة إيران لدى الأمم المتحدة حول هذا الأمر.
إلا أنه وفي تطور جديد، أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، اليوم الاثنين، تقديم بغداد مذكرة احتجاج رسمية إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن، تضمّنت إدانة لـ”الانتهاك الصارخ” الذي ارتكبه إسرائيل بخرق أجواء العراق وسيادته، خلال ضرباتها على إيران.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، فجر أمس الأول السبت، أنّه نفّذ ضربات “دقيقة وموجهة” على إيران، مشيرا إلى أنّه استهدف منشآت لصنع الصواريخ ومنظومات صواريخ أرض-جو وقدرات جوية أخرى في مناطق عدّة في البلاد، وذلك ردا على الهجوم الإيراني في مطلع الشهر الجاري.
فيما قللت إيران، من أثر الهجوم الجوي الإسرائيلي الذي استهدف مواقع عسكرية، وقالت إنه لم يتسبب إلا في أضرار محدودة.
وقال العوادي في بيان، تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، إن “العراق تقدّم رسميا بمذكرة احتجاج إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، تضمّنت إدانة الانتهاك الصارخ الذي ارتكبته إسرائيل بخرق طائراته أجواءَ العراق وسيادته، واستخدام المجال الجوي العراقي لتنفيذ الهجوم على إيران”.
ووجّه رئيس الوزراء العراقي، بحسب البيان، وزارة الخارجية “بالتواصل مع الجانب الأميركي، بشأن هذا الخرق، طبقا لبنود اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي، والتزام الولايات المتحدة تجاه أمن وسيادة العراق”.
وأضاف البيان، أن “الحكومة العراقية تؤكد التزامها الثابت بسيادة العراق واستقلاله وحرمة أراضيه، وبأنها تعمل على مختلف الصعد لمواجهة هذه الانتهاكات، وتشدد على عدم السماح باستخدام الأجواء أو الأراضي العراقية للاعتداء على دول أخرى، خصوصاً دول الجوار التي تجمعها بالعراق علاقات احترام ومصالح مشتركة”.
وتابع: “يعكس هذا الموقف حرص العراق على اتباع سياسة الحفاظ على استقرار المنطقة، من خلال منع أي استغلال لأراضيه في صراعات إقليمية، ودعمه حلَّ النزاعات عبر الحوار والتفاهم المتبادل”.
وكانت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة قد ذكرت أمس الأول السبت أن “طائرات تابعة للكيان الصهيوني هاجمت مواقع عسكرية إيرانية من الأجواء العراقية”، مشيرة إلى أن «المجال الجوي العراقي تحت احتلال وقيادة وسيطرة الجيش الأمريكي، والنتيجة التواطؤ الأمريكي في هذه الجريمة مؤكد”.
وأدانت الحكومة العراقية الهجوم الإسرائيلي على إيران، لكنها لم تصدر بياناً رسمياً ينفي أو يؤكد هذه الرواية الإيرانية.
فيما نفى حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، في حديث متلفز تابعته “العالم الجديد”، الرواية الإيرانية قائلا، إن “العراق لا يتعامل مع إسرائيل، بل هو في حالة عداء معها منذ عام 1948، ولا يمكن أن يسمح باستخدام أجوائه لضرب إيران”، كما أشار إلى أن “الحكومة العراقية أدانت القصف الإسرائيلي لإيران بأشد العبارات”، مشدداً على أن بلاده “تستخدم المسار الدبلوماسي لحل الأزمة في المنطقة”.
إلى ذلك حمّل الأمين العام لمنظمة “بدر”، هادي العامري، الأحد، الجانب الأمريكي المسؤولية “الكاملة” عن انتهاك إسرائيل لسيادة الأجواء العراقية لضرب إيران.
وقال العامري في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “الجانب الأمريكي أثبت مجدداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله ضد مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وامداده بكل ما يحتاجه لممارسة أساليبه العدوانية وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة..”.
أضاف: لذا فقد باتت الحاجة ماسّة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق بجميع أشكاله.
وأثار الهجوم الإسرائيلي على إيران، حالة من السخرية على مواقع التواصل الإجتماعي، بسبب النتائج المحدودة للقصف، والذي سبقه حملة كبيرة من قبل الحكومة الإسرائيلية وسط تهديد برد كبير، يضمن حالة ردع طويلة.
وسخر مراسل قناة كان الإسرائيلية روعي كايس، من الهجوم الإسرائيلي على إيران قائلا في تغريدة على حسابه: “لو كنت أنا خامنئي، لعدت إلى النوم، وتحققت مما حدث في الصباح”.
وكان المستشار السياسي لرئيس الحكومة، فادي الشمّري، أعلن في 15 أكتوبر تشرين الأول الجاري، أن تهديد دول الجوار أمر مرفوض ويحرج الحكومة، والأجهزة الأمنية لن تسمح لأي طرف باستهداف دول الجوار، مؤكدا أنه في إطار الصراع مع الكيان المحتل هناك أطراف فاعلة ومؤثرة تقوم بدورها المتميز في أراضيها، والعراق لديه علاقات مميزة ويجري أحيانا حوارات لضبط المسارات.
وتأتي هذه التصريحات، بعد تصريحات علنية أطلقها مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، حيث أكد أن قرار الحرب بيد رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حصرا، ولا يمكن لأي جهة أن تتخذ هذا القرار.
ومنذ أشهر، تشن فصائل عراقية هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل إسنادا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لكن التصعيد بدأ يشتد منذ دخول حزب الله اللبناني في القصف المتبادل مع إسرائيل حتى بلغ التصعيد ذروته باغتيال أمين عام الحزب اللبناني حسن نصر الله، إثر غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.