غزة: يحاول عمال الإغاثة ومدنيون جاهدين العثور على ناجين بين أنقاض المبنى السكني الذي استهدفته غارة إسرائيلية الثلاثاء في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة مخلفة 93 شهيدا على الأقل.
وأظهرت صور أشخاصا بلباس مدني ينقلون شهداء وجرحى ويحملونهم بعد أن لفوا بأغطية مغطاة بالدماء من موقع القصف الذي خلف دمارا كبيرا.
كما أظهرت الصور جثامينا منتشرة في الطرقات وملفوفة بأغطية وملاءات ملونة بينما يحاول أشخاص التعرف عليها أو توديع من يعثرون عليه من أقاربهم.
ورصدت عربة يجرها حصان محملة بجثامين ملفوفة بملاءات بيضاء بينما تجمع عدد من الأشخاص حولها.
وفي موقع آخر في البلدة كان أشخاص يدفنون عددا من الجثامين في قبر واحد.
وفي موقع الغارة وعند نافذة إحدى الشقق تدلى نصف جسد يبدو أنه لفتاة ذات شعر طويل.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إن “عدد الشهداء في مجزرة منزل عائلة أبو نصر في بيت لاهيا (ارتفع) إلى 93 شهيداً وما زال نحو 40 مفقودا تحت الأنقاض”.
أما جيش الاحتلال الإسرائيلي فقال إنه “على علم بتقارير تفيد بإصابة مدنيين اليوم (الثلاثاء) في منطقة بيت لاهيا ويتم التحقيق في تفاصيل الحادث”.
يقول ربيع الشندغلي (30 عاما) وهو نازح من بلدة جباليا إلى مدرسة في بيت لاهيا “وقع الانفجار في الليل وكان قريبا من مكان تواجدنا. كنت أعتقد أنه قصف عادي. مع شروق الشمس، خرجنا وبدأ الناس ينتشلون جثثا وأشلاء ومصابين من تحت الردم”.
ويتابع “معظم الشهداء من النساء والأطفال، و الناس يحاولون إنقاذ الجرحى، لكن لا توجد مستشفيات ولا علاج”.
وبث نشطاء فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لعدد من النساء والأطفال وعدد من الرجال يجلسون وبعضهم يبكي، حول عشرات الجثث الملفوفة بأغطية والملقاة على الأرض بجانب المبنى المدمر.
“إبادة”
وقال بصل إن البناية المستهدفة المؤلفة من خمس طبقات كانت تؤوي عشرات النازحين من سكان مخيم جباليا وبيت لاهيا.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني إن منظومة الدفاع المدني “معطلة بشكل كامل” في شمال القطاع بسبب القصف الإسرائيلي المستمر، إضافة إلى “اعتقال عشرات الأفراد من كوادر الدفاع المدني والصحة”.
ووصفت حركة حماس الإسلامية في بيان الحادثة بانها “مجزرة مروعة”. وقالت إنها “تأكيد على خطط الإبادة والتهجير الصهيونية ضد شعبنا … وإمعان في الإبادة والتطهير العرقي”.
أما الطبيب حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان فأكد وصول “15 شهيدا و35 جريحا غالبيتهم أطفال جراء قصف منزل لعائلة أبو نصر في بيت لاهيا”.
وأكد أبو صفية “لا يوجد في (مستشفى) كمال عدوان سوى إسعافات أولية بعد اعتقال الجيش للطواقم الطبية والعاملين في المستشفى”.
وكان مدير المستشفيات الميدانية في غزة مروان الهمص وجه دعوة إلى كل الأطباء الجراحين “للعودة إلى مستشفى كمال عدوان لمحاولة إنقاذ المصابين”.
لكنه أضاف “مستشفى كمال عدوان خارج عن الخدمة وجيش الاحتلال يطلق النار أثناء إسعاف مصابي مجزرة مشروع بيت لاهيا”، مناشدا العالم “التحرك وعدم الاكتفاء بالتفرج على حرب الإبادة الجماعية” في قطاع غزة.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أكدت الأسبوع الماضي اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى في حين قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه كان يعمل في محيطه.
“صعوبة”
الإثنين، قالت منظمة الصحة العالمية إن طواقمها تمكنت من الدخول إلى مستشفى كمال عدوان وقدمت شرحا عن الوضع هناك.
وفي جنيف، قال المتحدث باسم المنظمة طارق جاساريفيتش للصحافيين الثلاثاء “لقد وجدوا جراح عظام واحدا وطبيب أطفال وممرضة رئيسية وعددا من الأطباء الشباب والممرضات الحديثات يعملون على رعاية نحو 100-150 مريضا”.
وأضاف “هذا يوضح مدى صعوبة تقديم أي نوع من المساعدات في شمال غزة”.
ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السادس من تشرين الأول/أكتوبر هجوما جوريا وبريا واسعا في شمال قطاع غزة يتركز في منطقة جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، في عملية يقول إنها لمنع نشطاء حماس من رص الصفوف وإعادة التموضع.
ودفعت العملية العسكرية في شمال قطاع غزة عشرات آلاف الفلسطينيين إلى الفرار، فيما أكد الدفاع المدني سقوط مئات الشهداء.
اندلعت الحرب إثر هجوم حماس غير المسبوق على مستوطنات غلاف غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي تسبب بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد معطيات رسمية. كما خطف خلال الهجوم 251 شخصا لا يزال 97 منهم محتجزين في غزة، ويقول الجيش إن 34 منهم ماتوا.
وتسبّبت الحملة العسكرية الإسرائيلية الانتقامية في غزة باستشهاد ما لا يقل عن 43061 فلسطينيا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
(وكالات)