يثار الجدل في الأوساط العراقية مؤخراً حول احتمال شمول متهمين بقضايا فساد كبيرة، من بينهم المتورطين في قضية “سرقة الأمانات الضريبية”، ضمن قانون العفو العام الجديد الذي يجري النقاش حوله في البرلمان.
وبينما يلف الغموض مصير هذا القانون، خرجت تسريبات تثير القلق لدى الشارع العراقي وتزيد من انعدام الثقة بالعملية السياسية، فقد بدأت تروج شائعات بأن العفو قد يشمل الفاسدين الذين طالما حلم المواطنون بأن يشهدوا على محاكمتهم الصارمة.
أفادت مصادر نيابية أن “السرقة الكبرى”، أو ما يُعرف إعلامياً بـ”سرقة القرن”، التي بطلها رجل الأعمال نور زهير، لا تزال غير مشمولة بالعفو العام حسب الصيغة الحالية للتعديلات.
وأشارت اللجنة القانونية في البرلمان الى أن التقارير الأخيرة تؤكد أن هذا القانون لن يغطي المتورطين بسرقات المال العام، بل يستثني الجرائم الكبرى من اللائحة.
لكن، المخاوف لاتزال سائدة في أن “الباب المفتوح لتعديلات دقيقة يمكن أن يتيح لهؤلاء الفاسدين منفذاً قانونياً للهرب من العقاب”.
أحد المحللين القانونيين، الذي شارك في مداخلة تحليلية أثناء مناقشة مشروع القانون، قال: “يجب أن يتم تحديد من هو ‘المطلوب للمال العام’ بدقة كي لا تترك ثغرات يستغلها الفاسدون، فالخبرة السابقة أظهرت أن العقبات في التشريع العراقي كثيراً ما تؤدي إلى تسرب المتهمين من قبضة العدالة”.
من جهة أخرى، شهد الشارع العراقي نقاشات محتدمة، امتزجت فيها المخاوف بالغضب.
وقال المهندس عادل محمود : “مختلسو أموال الدولة يجب أن يتم تشديد عقوبتهم، فكيف يمكن أن يتساوى عقاب من سرق قوت الشعب مع من طالب بحقه في تظاهرات سلمية؟”.
وتعكس هذه الكلمات استياءً عاماً لدى العراقيين الذين يتوجسون من أن يتحول القانون الجديد إلى أداة بيد ذوي النفوذ، لاسيما مع تكرار الحديث عن احتمالية إطلاق سراح الفاسدين مقابل دفع غرامات يومية لا تتناسب مع حجم الأموال المنهوبة.
يعود الجدل إلى عام 2022، عندما هزت العراق فضيحة فقدان أكثر من 3 تريليونات دينار عراقي (حوالي 2.5 مليار دولار) من الأمانات الضريبية عبر مؤامرات صكوك وهمية نسجتها شركات بالتعاون مع أطراف بارزة. ورغم جهود الحكومة لاسترداد جزء من الأموال المنهوبة، إلا أن الإحساس بأن العدالة لم تتحقق بالكامل لا يزال مسيطراً.
وفي ظل الحديث المستمر عن مشاريع القوانين، يستمر المواطنون في التساؤل: هل سيشهد العراق لحظة حاسمة يحاسب فيها كل من امتدت يداه إلى المال العام، أم أن الفساد سيبقى متربعاً فوق نصوص القوانين، مختبئاً خلف الأبواب المغلقة في قاعات السلطة؟
عن موقع المسلة