نافذة الفرص الإيرانية آخذة في التقلص. منذ بضعة أيام وكبار الشخصيات في طهران تهدد إسرائيل بهجوم رداً على هجوم إسرائيل الأخير في 26 تشرين الأول الماضي (الذي كان رداً على هجوم سابق لإيران في 1 تشرين الأول). في الغد، ستجري الانتخابات الأمريكية الرئاسية. وكلما اقترب الإيرانيون من الانتخابات – قبلها وبعدها أيضاً –يأخذون مخاطرة أكبر. إذا قرروا العمل، فإن رد إسرائيل قد يكون شديداً. وحسب الإشارات الواردة من واشنطن، سيحصل هذا الرد على دعم أمريكي.
في الأيام التي أعقبت هجوم إسرائيل، بذل النظام الإيراني جهوداً كبيرة للتقليل من أهميته وبيع الإيرانيين وهماً وكأن قصف سلاح الجو قد فشل. ولكن الواقع كان أقرب إلى تقديرات إسرائيل بشأن الأضرار الكبيرة في منظومة الدفاع الجوي وخطوط إنتاج الصواريخ والمسيرات. هذا أيضاً هو الاستنتاج الذي توصل إليه جهاز الاستخبارات ووسائل الإعلان الغربية تدريجياً. وفقا لذلك، تغيرت طبيعة تصريحات النظام العلنية. لقد وقرت الأيام الأخيرة سلسلة طويلة من التصريحات، من الزعيم الأعلى علي خامنئي مروراً بكبار قادة حرس الثورة وقادة كبار آخرين بشأن انتقام قريب من إسرائيل.
في المقابل، حذرت جهات إسرائيلية رفيعة إيران من رد فوري في مثل هذه الحالة. وذكرت مصادر إسرائيلية بأنه في ظل غياب منظومة دفاع جوي عاملة – هذا نتيجة حقيقية للهجوم الأخير – ستجد إيران صعوبة كبيرة في الدفاع عن نفسها. وقال رئيس الحكومة نتنياهو الأسبوع الماضي، في احتفال تخريج دورة ضباط للجيش الإسرائيلي، بأن إسرائيل ضربت “خاصرة إيران الرخوة” ولها الآن حرية عمل أكثر من أي وقت مضى في الهجوم هناك. “يمكننا الوصول إلى كل مكان في إيران حسب الحاجة”، تفاخر المصدر.
بالنسبة للولايات المتحدة التي تعزز قدراتها الدفاعية والهجومية في الشرق الأوسط (ضمن أمور أخرى، وصلت إلى قطر قاذفات ثقيلة من نوع “بي 52”)، وحذرت إيران من أنها لن تتمكن من كبح رد إسرائيل إذا تمت مهاجمتها. كما نشرت وسائل إعلام أمريكية، تقدر الإدارة الأمريكية بأن رد إيران سيأتي من العراق هذه المرة في محاولة لطمس مسؤولية طهران المباشرة عن الهجوم. المليشيات الشيعية التي تمولها إيران في العراق تمتلك صواريخ بالستية ومسيرات وصواريخ كروز. حتى الآن، أطلقت مسيرات قليلة نسبياً من العراق نحو إسرائيل. يبدو أن هذا هو سلاحها الرئيسي الذي تمتلكه. هي تستطيع تنفيذ هجوم كبير نسبياً، بروحية هجوم 1 تشرين الأول، وإن كان هذا مقروناً كما قلنا بثمن تصعيد كبير من ناحية طهران.
يقدر جهاز الأمن بأن إيران قيدت نفسها في الرد، في موعد لم يتضح بعد، إزاء خطورة الضربة التي تكبدتها في الهجوم وبسبب خوف من أن يفسر ضبط النفس بأنه ضعف في نظر الجمهور في الداخل. استعداد إسرائيل – أمريكا، قد يضمن نجاحاً نسبياً في الاعتراض، والخطر هنا كبير حتى الآن – ورد إسرائيلي إلى جانب استغلال الفرصة للمس بموارد استراتيجية إيرانية أخرى، ربما يطيل ويقوي ويزيد تبادل اللكمات بين الطرفين، الذي يستمر بين حين وآخر منذ أكثر من شهر.
الأمر الذي لن يتحقق كما يبدو في نافذة الفرص حتى الانتخابات هو عقد اتفاق لإنهاء الحرب في لبنان. أرسلت الإدارة الأمريكية مبعوثين إلى المنطقة، ونشرت توقعات متفائلة، لكن يبدو أن الفجوة في مواقف الطرفين ما زالت جوهرية. هناك الكثير من التفاصيل الصغيرة التي يجب إغلاقها، لكن هناك عائقاً أساسياً يتعلق بطلب إسرائيل إعطاء الجيش حق التنفيذ بالقوة، في حالة أن لبنان خرق الاتفاق (مثلاً، إذا عاد رجال حزب الله إلى المنطقة جنوبي نهر الليطاني). ورغم أن الجيش الإسرائيلي يعتقد بقربه من إنهاء العملية الأساسية التي خطط لها، بتدمير بنى حزب الله التحتية في خط القرى الأول قرب الحدود، فثمة شك إذا كان يمكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الفترة القريبة. ستتواصل الجهود أيضاً في فترة “البطة العرجاء”، الشهرين والنصف شهر بين الانتخابات ودخول الرئيس أو الرئيسة الجديد إلى البيت الأبيض في 20 يناير كانون الثاني القادم.
عاموس هرئيل
هآرتس 4/11/2024