كان لسكان أم الحيران البدو كرم وقرية وبيوت ومسجد، وإسرائيل رحمتهم. هذا الأسبوع حققت رحمتها مبتغاها. تصدح الآن بين أنقاض القرية في النقب دعوة تاريخية لـ إلياهو الاحاب: أقتلت وورثت أيضاً؟
تاريخ هذه القرية هو تاريخ الجانب المظلم من المشروع الصهيوني: أبناء قبيلة أبو القيعان، الذين عاشوا في النقب منذ القرن التاسع عشر نقلوا في العام 1956 إلى وادي حيران في عهد الحكم العسكري الذي فرض على عرب الدولة. السبب: سيطرة “كيبوتس شوفال” على أراضيهم. بعض من السكان انتقلوا إلى البلدة المجاورة، حورا، وآخرون انتقلوا إلى القرية غير المعترف بها أم الحيران – وينبغي الإشارة في هذا الشأن إلى أن الدولة نفسها هي التي بعثت بهم إلى هناك.
في العام 2002 قررت حكومة إسرائيل إقامة بلدة يهودية على أراضي القرية. بدأت الدولة بإجراءات إخلاء السكان البدو، بدعوى أنهم نزحوا إليها بغير وجه قانوني. في العام 2010 قرر المجلس القطري للتخطيط والبناء الاعتراف بأم الحيران، ولكن في أعقاب تدخل ديوان رئيس الوزراء، قلب المجلس قراره رأساً على عقب بين ليلة وضحاها؛ قررت دولة إسرائيل إقامة بلدة يهودية دينية قومية على أراضي القرية البدوية.
صراع يعود إلى سنوات ضد شر القضاء ولد حادثة خطيرة في العام 2017: أفراد من الشرطة قتلوا المعلم يعقوب أبو القيعان أثناء أعمال هدم القرية دون أن يقترف أي ذنب. فضلاً عن القيعان، قتل في هذه الحادثة أيضاً الشرطي إيرز ليفي. المفتش العام للشرطة في حينه روني ألشيخ ورئيس الوزراء نتنياهو، نزلا على المعلم بلقب مخرب، ووصف الحدث بأنه عملية دهس. مرت ثلاث سنوات أخرى إلى أن طهر رئيس الوزراء اسم أبو القيعان الذي قتل عبثاً.
في ظل الحادثة الخطيرة توجهت سلطة توطين البدو في النقب إلى السكان وطلبت منهم التوقيع على اتفاق انتقال إلى بلدة حورا مع تعويض مناسب. معظمهم وقعوا لانعدام البديل، لكنه اتفاق جمدته الدولة أيضاً. أوامر الإخلاء عادت إلى مفعولها. هذا الأسبوع، انتهت القصة المتواصلة: بدأ السكان بهدم بيوتهم لمنع وضع تطالبهم فيه الدولة بالدفع لقاء أعمال الهدم التي ستقوم بها هي. أمس، هدمت الدولة المسجد.
نصبت في مدخل أم الحيران يافطة “درور” – اسم البلدة اليهودية التي ستقوم هناك. هكذا وصلت إلى نهايتها عشرات السنين من سكان البدو هذا السهل الصحراوي، وذلك فقط وحصرياً بسبب هوية السكان القومية. في دولة اليهود، هم أجبروا على التنازل عن قريتهم في صالح نواة دينية قومية يهودية. ما تبقى من لجوء لأم الحيران انتقل للسكن في حورا، بخلاف نمط حياتهم. ثقافتهم وتقاليدهم. ليس للبلدة اليهودية أي مكان آخر في كل أرجاء النقب غير أرض القرية.
أسرة التحرير
هآرتس