الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الأسد “على حبل رفيع” بين طهران وتل أبيب وأردوغان يحذر من أطماع نتنياهو: ماذا عن “الوحش المقبل”؟
تغيير حجم الخط     

الأسد “على حبل رفيع” بين طهران وتل أبيب وأردوغان يحذر من أطماع نتنياهو: ماذا عن “الوحش المقبل”؟

القسم الاخباري

مشاركة » الأحد ديسمبر 01, 2024 7:05 pm

9.jpg
 
من شبه المؤكد وجود ارتباط وثيق بين هجوم الثوار السوريين المفاجئ على حلب، ووقف النار في لبنان. فالثوار السُنة كانوا يسيطرون، بدعم من تركيا، على محافظة إدلب، بعد أن صدهم نظام الأسد بمساعدة الروس والإيرانيين من معظم أراضي الدولة. هناك نظموا أنفسهم، بقيادة ما كان ذات مرة “جبهة النصرة”، تجمعت كل جماعات الثوار السُنة في تنظيم واحد “هيئة تحرير الشام” – وواصلوا خوض الحرب.

بدأت الانعطافة عندما شن نصر الله حرب استنزاف ضد إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 وعندما هرعت إيران لمساعدته، بخاصة في الأشهر الأخيرة. ولمنع المساعدة الإيرانية لحزب الله، علم أن الجيش الإسرائيلي هاجم سوريا في السنة الأخيرة 70 مرة– ليس فقط معابر الحدود التي تمر عبرها المساعدات إلى حزب الله، بل أيضاً مخازن ومنشآت حزب الله في الدولة والميليشيات الشيعية السُنية التي ساعدت حزب الله.

هذه الميليشيات هي التي ساعدت نظام الأسد، إلى جانب رجال الحرس الثوري الإيراني في القتال ضد الثوار في إدلب. صحيح أن الروس يعتبرون السند الأساس لبشار الأسد ونظامه في حربهم ضد الثوار، لكن المساعدة القريبة التي يمكنهم إعطاؤها جوية لا تكفي لصد الثوار ولا حتى لإلحاق خسائر جسيمة بها. يحتاج النظام أيضاً إلى مناورة قوات برية للهجمات، وهذا ما يوفره له الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والميليشيات الشيعية السورية التي يقودها حزب الله. وهذه كانت منشغلة في السنة الأخيرة بمساعدة حزب الله الذي بات في وضعه المتضرر اليوم غير قادر على مساعدة الأسد الذي جيشه صغير وغير مجهز.

الضربات المتكررة المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي لهذه الميليشيات الشيعية وللحرس الثوري على الأراضي السورية هي التي خلقت الخلفية والإمكانية للثوار للتحرر من الضغط على الأرض وللانتظام لهجومهم المضاد الكبير، بعد أن صُدوا عن حرب قبل ثمانية سنوات في 2016.

ما إن أعلن وقف النار في لبنان حتى فهم الثوار السوريون بأنها اللحظة المناسبة للهجوم خصوصاً أن حزب الله ووكلاء إيران الآخرين ورجال الحرس الثوري في سوريا باتوا في ذروة ضعفهم ويركزون على المساعدة للبنان. هذا الاعتبار تبين صحيحاً وناجحاً.

صحيح أن سلاح الجو الروسي المرابط في مطار حميميم جنوب شرق اللاذقية، أضر بالثوار الذين تحركوا بسرعة نحو حلب بل وقتل نحو 200 منهم على حد قول الرئيس، لكن هذا لم يوقف السُنة المتزمتين الذين لا يزالون يحاولون إسقاط نظام الأسد والسيطرة على سوريا التي تشكل السُنة أغلبية سكانها.

معقول جداً الافتراض بأن الثوار السوريين فعلوا هذا بالتشاور مع رجب طيب اردوغان، حاكم تركيا، الذي هو أيضاً إسلامي سُني متزمت، ورجاله يحتلون إقليماً مجاوراً لمحافظة إدلب يمر عبره التوريد للثوار، صحيح أن تركيا تحاول الوصول إلى تسوية مصالحة مع نظام الأسد، لكن اردوغان يرى أن الهدف البيبي يفوق اعتبارات الأمن القومي التركي.

أجرى نتنياهو في نهاية الأسبوع مشاورات أمنية استثنائية لتقدير آثار التطور المفاجئ لهجوم الثوار في شمال سوريا. يجدر بالذكر أن حلب هي المدينة السورية الثانية من حيث الحجم، قد تكون أهم حتى من دمشق من ناحية اقتصادية، ويوجد بجوارها مشاريع كبرى للصناعات العسكرية السورية.

يمكن القول إن التأثيرات على أمن إسرائيل ستكون إيجابية في المدى القصير. فالأسد لن يسارع الى الصدام مع إسرائيل، وهو ضعيف ويفقد السيطرة. ويعرف أن حزب الله لن يهرع الآن لنجدته، وإذا جلب الإيرانيون رجال الحرس الثوري والميليشيات لمساعدته، فمن شبه المؤكد أن تقصفهم إسرائيل الى جانب رجال جيشه، وهذا سيضعفه أكثر. هو يريد الحفاظ على نظامه، لكن تورطه مع إسرائيل سيضعفه ويضعف جيشه. لقد حذر نتنياهو الأسد بل وقال هذا صراحة في مقابلة الأسبوع الماضي عبر القناة 14.

أما عن روسيا فلا مصلحة في الحفاظ على نظام الأسد؛ كي تتمكن الشركات الروسية أخيراً من التكسب من إعمار سوريا بعد الحرب الأهلية. وما دام الثوار نشطين، فان لن يبدأ هذا الإعمار، لذا فإن لروسيا أيضاً مصلحة بألا يستفز الأسد إسرائيل. إضافة الى هذا كله، روسيا اليوم متورطة في أوكرانيا، ولا يمكنها مساعدة الأسد مثلما فعلت من 2015 حتى 2020.

يمكن الافتراض بأن الأسد سيحاول السير على حبل رفيع في المدى القصير: من جهة، يحتاج للإيرانيين ولا يرغب في إغضابهم، ومن جهة أخرى يخاف من سلاح الجو الإسرائيلي. لذا، يبدو أنه سيسمح بعبور المساعدات لحزب الله لكن بكميات صغيرة وبالتنقيط.

في المدى البعيد، ثمة مكان للقلق؛ لأن الثوار السُنة جهاديون خطرون بقدر لا يقل عن الجهاديين الشيعة العاملين برعاية إيران. حماس مثلاً، تنتمي الى الجناح السُني. إذا أسقط هذا التنظيم والثوار السوريون الجهاديون الأسد وسيطروا على سوريا، فسيجلبون مشكلة غير صغيرة.

حالياً، يبدو أن هجوم الثوار هذا لا يضعف الأسد فحسب، بل وإيران أيضاً، ويمس بحزب الله، ولعله حتى يقرب إمكانية إن يعمل الأسد بجهد أكبر لتجديد علاقاته مع الغرب والدول العربية السنة المعتدلة – السعودية والإمارات. لكن على إسرائيل أن تتابع وتضمن عدم نمو وحش جهادي آخر، هذه المرة سُني، على حدودنا الشمالية – الشرقية.

يديعوت أحرونوت
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار