لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” مقالا لتوماس فان لينغ، المراسل الصحافي للنزاعات، والباحث المقيم في أمستردام بهولندا، قال فيه إن نظام بشار الأسد لن ينجو إذا استمرت المعارضة المسلحة بالتقدم. وأضاف أن سوريا أصبحت مقسمة الآن، وبيد المعارضة المتنوعة والمنظمة الزخم.
فعندما سيطرت المعارضة على مدينة حلب نهاية الأسبوع الماضي، أرسلت هزات أرضية داخل النظام السوري، وقد أصبحت الآن زالزالا.
ورأى المراقبون أن سيطرة المعارضة على مدينة حماة التي تبعد 80 ميلا عن حلب ستكون خطوة بعيدة المنال، حيث ستمنح الخسارة في حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، جيش النظام الفرصة لاستعادة المبادرة وتجميع صفوفه.
وأمس الخميس، لم تقتحم المعارضة مدينة حلب فحسب، وبدون قتال إلى حد كبير، بل صور المقاتلون أنفسهم وهم يتجولون حول قصر المحافظ المكسو بالرخام.
وبعد خسارة حلب، سارع النظام إلى إقامة دفاع حول حماة، التي تشكل مفترقا لعدد من الطرق السريعة الاستراتيجية في جميع أنحاء البلاد. وتبلغ أهمية المدينة بالنسبة للأسد حدا لم يسمح له بالقتال من أجلها خلال الحرب الأهلية في الفترة من 2011 إلى 2016. فقد أدركت قوات المعارضة أنها لن تضيع سوى الرجال في مواجهة الدفاعات المحصنة بشدة.
ويقول الكاتب إن المعارضة المسلحة وعلى مدى أيام، وجّهت ضربة قاسية للرئيس السوري لم يحلم بها أحد. ومع السيطرة على حماة، أصبح الطريق مفتوحا إلى حمص.
ففي عام 2011، دعا المتظاهرون في المدينة إلى إسقاط الأسد، مما أشعل شرارة القمع الوحشي الذي تحول إلى حرب شاملة. وإذا اتجهت المعارضة جنوبا، فمن المرجح أن تكون المرحلة التالية من العملية العسكرية لهم هي الأكثر تحديا.
وتعمل حمص كحلقة وصل بين العاصمة دمشق ومعقل الموالين للأسد على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وفي يوم الخميس، لوحت هيئة تحرير الشام، الجماعة الجهادية التي تقود العملية، بغصن زيتون للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، ووعدت بحماية الأقلية ودعت العلويين إلى الانقلاب على النظام.
ويعلق الكاتب أن التقدم للمعارضة خاصة هيئة تحرير الشام، هي علامة على التطور الذي مرت به من حركة جهادية إلى لاعب دبلوماسي ذكي في السياسة الوطنية السورية.
وأكد زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني -الذي وضعت الولايات المتحدة جائزة بـ10 ملايين دولار لمن يعطي معلومات عنه أو يساعد في قتله أو اعتقاله- للأكراد والمسيحيين وغيرهم من الأقليات في سوريا، أنهم لن يتعرضوا للقمع أو الأذى مع تقدم مقاتليه.
وتشير التقارير إلى أن الجولاني يفكر في التخلي عن اسم “هيئة تحرير الشام” وتحويلها إلى قوة وطنية أكثر شمولا، كما تخلى عن الزي الديني بالثوب والعمامة، وبات يرتدي الزي العسكري مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقام الجولاني في السنوات الأربع الماضية، بتدريب جنوده وتجهيزهم إلى المستوى الذي يتفوقون فيه الآن في كثير من الأحيان على قوات الأسد. ولدى هيئة تحرير الشام ضباط وقوات خاصة ووحدات ليلية، وقوة مسيرات. كما قامت بتصنيع صواريخ محلية على قاعدة واسعة.
وفي الوقت نفسه، فإن جنود الأسد يعانون من انهيار الروح المعنوية ويفتقرون إلى الدعم الذي اعتمدوا عليه من روسيا وإيران. وهذا الأسبوع، أمر الأسد بزيادة رواتب الجيش بنسبة 50% في محاولة يائسة لإعادة بعض القوة إلى مقاتليه.
وفي دمشق، فالمزاج متوتر، حيث تقوم وحدات النخبة من الفرقة الرابعة في الجيش بدوريات في المدينة. في حين يتم حماية الرئيس والمؤسسات الرئيسية من قبل الحرس الجمهوري. وتنتشر في بعض الأحياء الجنوبية من العاصمة، الميليشيات المدعومة من إيران.
وإذا تقدم المتمردون واستولوا على حمص، فإن موقف الأسد سيصبح غير قابل للدفاع عنه. وبمرور الوقت، فإن حكم عائلته الذي دام 54 عاما سينتهي بالتأكيد.
وربما يقرر مقاتلو المعارضة طريقا آخر ويتوجهون غربا باتجاه القواعد العسكرية الروسية، مثل القاعدة البحرية في طرطوس، وقاعدة حميميم الجوية. وربما يتحركون شرقا لتأمين حقول النفط والغاز الحيوية في البلاد، وبالتالي حرمان النظام من مصادر رئيسية للإيرادات. ولكنهم في نهاية المطاف سيتجهون نحو حمص.
وأيا كان قرارهم، فإن الأسد سيجد صعوبة في القضاء على المعارضة المسلحة وإخراجها من المواقع التي تسيطر عليها. وعلى مدى أسبوع، خسر النظام ست قواعد سكرية في إدلب وحماة وحلب. وهو ما سيحد من قدرة القوات السورية والروسية على ضرب مواقع المعارضة في الشمال.
وخسر جيش النظام السوري ثلث معداته العسكرية. وفي الماضي، كانت سوريا مفككة، ولكنها أصبحت الآن منقسمة وكل الزخم ضد الأسد، وفق ما يقول الكاتب.