دمشق- (أ ف ب) – أعلنت الفصائل المعارضة فجر الأحد إسقاط الرئيس بشار الأسد بعدما حكم سوريا لقرابة ربع قرن، مؤكدة أنه “هرب” مع دخول قواتها الى دمشق.
في ما يأتي أبرز ما نعرف عن ملابسات خروج الرئيس السوري من العاصمة، وموقف الجيش والفصائل المعارضة، ومن يتولى إدارة البلاد حاليا:
كيف غادر الأسد؟
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الأسد غادر على متن طائرة خاصة أقلعت من مطار دمشق الدولي عند العاشرة ليل السبت (19,00 ت غ)، من دون أن يحسم وجهتها. وأشار الى أن إقلاع الطائرة أعقبه انسحاب الجيش والقوى الأمنية من هذا المرفق الحيوي الرئيسي في البلاد، بعد ساعات من تعليق الرحلات عبره.
سرعان ما أعلنت الفصائل المعارضة التي بدأت هجوما مباغتا وغير مسبوق ضد قواته منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر إسقاط الأسد، وأعلنت دمشق مدينة “حرة” داعية ملايين السوريين الذين شردهم النزاع المتواصل في البلاد منذ أكثر من 13 عاما، للعودة الى بلادهم.
لم تتضح الى الآن وجهة الأسد، لكن مدير المرصد رامي عبد الرحمن تحدث لوكالة فرانس برس عن ثلاثة احتمالات: أولها حليفته روسيا التي وفّرت له خلال النزاع دعما دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا منقطع النظير، أو إيران التي وفّرت مستشارين عسكريين إضافة الى مقاتلي مجموعات موالية لها على رأسها حزب الله، أو وجهة ثالثة يعدّها الأكثر ترجيحا، هي الإمارات التي كانت من أولى الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع دمشق عقب اندلاع النزاع، وأول من استأنفتها عام 2018.
وتثير الأحداث المتسارعة تكهّنات السوريين والمراقبين في آن معا.
– ماذا عن الجيش السوري؟ –
فور شيوع نبأ “فرار” الأسد، عمد جنود في أنحاء عدة في دمشق الى خلع ثيابهم العسكرية، وفق ما أفاد سكان.
وقال شاهد عيان لفرانس برس إنه رأى صباحا عشرات الآليات والسيارات العسكرية متروكة في منطقة المزة التي تضم مقرات أمنية وعسكرية ودبلوماسية.
ولم يصدر أي بيان رسمي عن الجيش الأحد. لكن جنودا تحدثت إليهم فرانس برس قالوا إنه طلب منهم إخلاء مواقعهم والعودة الى منازلهم. وقال أحدهم وهو يخدم في أحد الفروع الأمنية “طلب منّا رئيسنا المباشر الإخلاء والتوجه إلى منازلنا، فعرفنا أن كل شيء انتهى”.
وفي الطريق من حمص (وسط) باتجاه دمشق، شاهد مراسل فرانس برس مئات العسكريين السوريين الذين تجمعوا قرب حواجز للفصائل المعارضة.
عند بدء هجومها، خاضت الفصائل المعارضة خصوصا في اليومين الأولين من الهجوم مواجهات عنيفة ضد الجيش السوري، ما أوقع عشرات القتلى من الجانبين.
ومع انسحاب القوات الحكومية من مواقعها من “دون أي مقاومة تذكر” في الأيام اللاحقة، وفق المرصد والفصائل المعارضة، سيطرت الفصائل على مدن استراتيجية خلال أيام، بدءا من حلب مرورا بحماة ثم حمص وصولا الى دمشق.
ويعدّ الجيش السوري من أكثر المؤسسات التي استنزفت سنوات الحرب عديدها وعتادها، مع خسارته نصف عديده الذي كان مقدرا بـ300 ألف عسكري قبل 2011.
وخلال الأيام الأخيرة، أجمع محللون على عجز الجيش السوري عن استعادة المبادرة في الميدان، من دون دعم فعلي من حليفتيه روسيا وإيران.
وقال مصدر مقرب من حزب الله فجر الأحد إن مقاتلي الحزب وقاتل خلال الأعوام الماضية الى جانب القوات الحكومية السورية، أخلوا كافة مواقعهم في محيط دمشق وفي منقطة حدودية مع لبنان، حيث كانوا يحتفظون بمقرات ومستودعات.
– من يتولى السلطة؟ –
فور إعلان الفصائل المعارضة “بدء عهد جديد” في سوريا، قال رئيس الحكومة السورية محمّد الجلالي الذي تولى مهامه في أيلول/سبتمبر، في بثّ عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، إنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات “تسليم” للسلطة.
وردّ قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني في بيان داعيا المقاتلين إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسلّمها رسميا.
ومع انسحاب الجيش السوري وغيابه بحكم الأمر الواقع عن كافة مناطق سيطرته، بما في ذلك منشآت حيوية، تواجه الفصائل المسلحة التي تتقاسم السيطرة في سوريا تحديات كبيرة مع وجود مجموعات ذات مصالح قد تكون متباينة.
ويقول الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي إن “التحدي الأساسي اليوم يكمن في إعادة بناء الدولة السورية، والانتقال من مرحلة الفوضى والتشرذم”.
وأضاف “حتى اليوم، أظهرت الفصائل وعيا حيال التعاطي مع الأقليات والأسرى، على أمل ترجمة ذلك في إعادة تكوين مؤسسات الدولة”