القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
بسقوط النظام السوري، تتهاوى قلعة جديدة من قلاع العروبة والإسلام، وتفتح الأبواب على مصاريعها تكهنا ليس بمستقبل سورية وحدها، بل بمستقبل الشرق الأوسط الذي يراد له أن يكون جديدا!
توابع الزلزال السورى ملأت الدنيا وشغلت الناس، فكيف كانت الردود عليها؟
الكاتب الصحفي كارم يحيى يقول إنه وهو يشاهد انهيار نظام الأسد وصورا من قصور حكم وإقامة بشار وفرحة الفقراء المضطهدين، أصبح أخشى أن يتساءل عن هوية الثوار الذين تقدموا وأسقطوا النظام.
ويضيف أن الأمر سيكون صعبا كما كل الثورات والأرجح أن تمر سورية بمرحلة من التصفيات بين المشاركين في إسقاط الدكتاتورية ويتغلب الأكثر انتهازية.
وتتساءل: ” هل يمكن أن لا نعبأ بكل هؤلاء الفقراء والمضطهدين ونجادل في هوية من أسقط النظام؟
وألا يستدعي التأمل أن إسلاميين حملوا السلاح – كما يقال والله أعلم ربما كانت مبالغات – نجحوا فيما فشل فيه يساريون لعقود ،وقد أقلع العديد منهم عن مكافحة دولة الظلم أو حتى السعي لإصلاحها،وذهبوا بعيدا في التطبيع معها وتبرير مظالمها واتساع الهوة بين القصور و الأكواخ والقبور.
في ذات السياق يرى السياسي المصري زهدي الشامي أن ما حدث لا
يشبه سقوط بغداد ، مشيرا إلى أن فى العراق تعرض الجيش لقصف جوى وصاروخي أمريكى مكثف لأسابيع ، ولايوجد أثر لهذا هنا ، لافتا إلى أن الأمر أقرب لانهيار داخلى للنظام حفزه هجوم المجموعات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام ( النصرة سابقا ) التى تظل فى النهاية مجرد ميليشيات يصعب أن تستولى على دولة كاملة فى عشرة أيام .
ويتابع قائلا: “سقط نظام الأسد نعم ، ولكن هل يمكن ان تشهد سورية تحولا ديموقراطيا مع وجود تنظيم النصرة المصنف ارهابيا وزعيمه وابو محمد الجولانى المصنف ارهابيا.
وينبه ” الشامي” أن الانهيار الداخلى يظل دائما خطرا كبيرا تواجهه النظم السلطوية والاستبدادية على الرغم من المظهر الخارجى للتماسك الخادع.
وعن الخاسرين والرابحين مما حدث، يقول: ” ايران وحزب الله وروسيا ، وابرز الرابحين تركيا وأمريكا واسرائيل بعد قطع سبل الإمداد لحزب الله”.
واختتم مؤكدا أنه اذا لم يحدث مسار سياسى ديموقراطى فالتخوف الكبير هو دخول سورية فى مسار تنازعات طائفية وصولا للتقسيم وهو أمر لو حدث سيكون كارثيا واخطر مما حدث فى ليبيا.
في ذات السياق يرى السفير فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن أمام الفصائل الإسلامية فرصة تاريخية لتبييض صفحتها، وتغيير الصورة النمطية الملصقة بها منذ تجارب القاعدة وداعش والنصرة وغيرها، مؤكدا أن أمامها فرصة للمشاركة في بناء سورية المدنية الديمقراطية التعددية الحديثة، سورية المؤسسات والمواطنة الكاملة، التي تعترف بحرية العبادة والاعتقاد وحرية الرأي، ووحدة الدولة واحتكار جيشها الوطني المحترف للسلاح .
ويضيف أنه برغم شكوكه ومواقفه المبدئية ضد الإخوان وفصائل الإسلام السياسي، فإنه يدرك أهمية المكون الديني والإسلامي والمذهبي في دول الشرق الأوسط، وأهمية الدور الحاسم للفصائل الإسلامية في إسقاط واحد من أكثر النظم السياسية طغيانا وقمعا وهو النظام السوري، متمنيا أن تثبت هذه الفصائل خطأه وتخيب ظنونه، وأن تقدم نفسها في صورة وسياسات وقرارات مختلفة، وأن يلتزم الجولاني ( أو الشرع ) والذين معه بما صرح به في لقائه مع السي إن إن من سعيه هو ورفاقه لبناء دولة سورية جديدة، دولة مؤسسات وحرية وتعددية، دولة قانون ومواطنة ومساواة .
وأضاف أنه حينئذ سيرفع لهم القبعة، وستكون سورية بوابة مهمة لنسخة مختلفة ومقبولة بل ومرحب بها من الإسلام السياسي، نسخة تختلف عن داعش والقاعدة والنصرة وتتمايز عن الإخوان.
من جهته يرى د. كمال حبيب الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية أن دمشق يعلو صوتها اليوم بعد تحررها ليس فقط ضد الطاغية الهارب وإنما في وجه كل طاغية جاثم.
ويضيف أن وقت الحقيقة أجراس النصر تدق والعروش والجيوش تتهاوي.
من جهته أشاد المحلل السياسي د.عمرو الشوبكي بتعليمات هيئة العمليات المعارضة باستمرار الحكومة في عملها حتى تسليم السلطة ورفض المساس بالمؤسسات الحكومية ومطالبة الناس بعدم إطلاق النار فرحا بسقوط الطاغية وعدم الانتقام واعتبار كل من ترك سلاحه ولم يقتل الناس آمن.
ويضيف أن هذه بدايات مطمئنة لكنها غير كافية لأن الملفات القادمة أصعب بكثير.
مقولة هيكل
الحدث الجلل دعا البعض للتذكير بمقولة الأستاذ هيكل في لقائه الأخير مع لميس الحديدي “إذا سقطت سورية، وسيسقط الأردن إذا سقط دون ترتيب. يجب ترتيب الانتقال، وأن تشارك كل القوى بما فيها النظام للانتقال إلى أوضاع أخرى، كلها من مواقع ثابتة مطمئنة إلى مستقبل من نوع ما”.